مشاركة

ترجمة غير رسمية

أصحاب السعادة، الزملاء والزميلات،

أود أن أشكر الولايات المتحدة ومعالي الوزير بلينكن على عقد اجتماع اليوم، إذ تمثل مسألة الأمن الغذائي أولويةً كبرى لنا، بصفتنا دولة مانحة للمساعدات الإنسانية، وعضواً في مجلس الأمن، ورئيساً للدورة الـ 28 لمؤتمر الأطراف، وكذلك لاستيرادنا 90٪ من المواد الغذائية. ونشعر ببالغ القلق إزاء ارتفاع مستويات الجوع وانعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، وتأثير ذلك على المستضعفين. فوفقاً لتقرير الأمم المتحدة العالمي حول أزمات الغذاء، سجل العالم مستوياتٍ قياسية من انعدام الأمن الغذائي في عام 2021، وذلك حتى قبل حدوث صدمة ارتفاع الأسعار الأخيرة، إذ ينام حوالي ثُمن سكان العالم وهم جائعين، وللأسف فإن هذا الرقم آخذٌ في الارتفاع.

إن دولة الإمارات ملتزمة بالعمل عن كثب مع الشركاء لمواجهة هذا التحدي العالمي، حيث نفتخر بإطلاقنا العام الماضي “مبادرة الابتكار الزراعي من أجل المناخ”، بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول أخرى. كما عملت دولة الإمارات جنباً إلى جنب مع برنامج الغذاء العالمي لتنفيذ برنامج “مليار وجبة”، وهو أكبر حملة من نوعها لتوزيع المواد الغذائية في المنطقة خلال شهر رمضان. وعلى المستوى متعدد الأطراف، تُعد دولة الإمارات من ضمن الدول التي تشكل المجموعة الأساسية للأمن الغذائي، والتي ستقدم قراراً للجمعية العامة حول حالة انعدام الأمن الغذائي العالمي الأسبوع المقبل. ويعرب هذا القرار الذي قامت لبنان بصياغته عن قرارنا المشترك والحازم، بشأن وضع الأمن الغذائي العالمي في مقدمة أولويات أنشطتنا في الأمم المتحدة، إذ يتمثل الهدف الرئيسي للقرار، في حشد الجهود الدولية المرتبطة بانعدام الأمن الغذائي العالمي، وتأثيره على حياة وسبل عيش الناس في جميع أنحاء العالم.

ونرحب أيضاً بالتزام المؤسسات المالية الدولية بزيادة الدعم لتوفير الحماية الاجتماعية، إذ تؤيد دولة الإمارات تأكيد هذه المجموعة على أهمية ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكلٍ آمن ودون عوائق، للتخفيف من انعدام الأمن الغذائي.

ومع مواصلة هذه المبادرات في إحراز تقدم، تؤمن دولة الإمارات بأنه لا تزال هناك حاجة لتحسين التنسيق على المستوى العالمي. لذلك، نود أن ننتهز الفرصة في هذا الاجتماع لتسليط الضوء على التغييرات المنهجية التي يجب أن تحدث، للتصدي على نحو مستدام لأزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الصراعات، وتغير المناخ، والجائحة، والعوائق التجارية واللوجستية.

وأود أن أسلط الضوء على مجالين للعمل:

اًولاً: نتطلع إلى رؤية استثمارات جديدةٍ ومُفيدة في مجالي الغذاء والمياه في البلدان الهشة، وأن تصبح هذه المسألة محور النقاشات التي تدور في وكالات الأمم المتحدة، ومجموعة السبع، ومجموعة العشرين، فضلاً عن مؤتمرات الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ. ويتعين علينا بنفس مستوى الجدية الذي يتم به حشد مساهمات بمليارات الدولارات لمساعدة البلدان النامية على إيجاد بدائل عن استخدام الفحم، أن نسعى إلى تقديم دعم كبير للبلدان التي تعاني من عدم الاستقرار، بسبب نقص الغذاء والمياه والتصحر. فالمحاصيل المقاومة للجفاف وتكنولوجيا الري الحديثة، يمكنهما إحداث تغيير جوهري إذا ما أمكن استخدامهما وتمويلهما من خلال المنصات الحكومية. ولا يعد هذا مجرد استثمار في الإمدادات المحلية فقط، بل يمنع أزمة انعدام الأمن الغذائي من الانتشار، كما يحول دون تفاقم الصراعات والنزوح. وقد كانت مداخلة ديفيد بيسلي اليوم مقنعة، من حيث التركيز على أهمية الاستثمار خلال المراحل المبكرة، لتعزيز القدرة على الصمود، إذ علينا جميعاً أن نسعى إلى الاستفادة من المكاسب الكبيرة التي نحققها عند صون السلم، مقارنة بالتكاليف المترتبة عن اتخاذ إجراءات متأخرة.

ثانياً: نرى أن هناك فرصاً كبيرة يمكن الاستفادة منها عند اتخاذ إجراءات استباقية، والتي يمكن توسيع نطاقها خلال العامين القادمين، عبر الصناديق والمؤسسات المالية الدولية. لقد أصبحت العديد من المؤسسات الآن قادرةً وبكفاءة على التنبؤ بحالات الجفاف، وتعطل سلاسل الإمداد، ورصد المنافسة على الموارد، إذ ينبغي الاستفادة من هذه المعلومات لتحريك الموارد الدولية، وإحداث تحول في السياسيات قبل وقوع أزمة غذاء حقيقية. وفي سياق ما نعرفه بشأن عدم الاستقرار المرتبط بأزمات الغذاء، نرى أن الوقت مناسب حالياً لتقييم ما يمكن تقديمه الآن من دعم وتوفيره من أدوات. إن مساعدة المعرضين لحدوث مثل هذه الأزمات، لا يعد واجباً أخلاقياً فقط، ولكنه يقلل أيضاً من التكاليف، ويعد أكثر كفاءة من محاولة التعافي بعد وقوع الأزمات. وعليه، نؤيد دعوة الولايات المتحدة، باتخاذ إجراءات لتسريع جهودنا العالمية في هذا المجال.

إن دولة الإمارات تؤمن بأن أفضل طريقة لإدارة الصراعات تكمن في منع حدوثها في المقام الأول، إذ تشكل هذه الإجراءات نهجاً للوقاية، وتساهم في التخفيف من آثار الصراعات، ويجب أن تكون في مقدمة الجهود الرامية لمعالجة انعدام الأمن الغذائي. ونتطلع إلى العمل مع جميع الشركاء لتحسين نهج الوقاية، في الوقت الذي نواصل فيه معالجة تداعيات أزمة الغذاء على المدى القريب.  

وشكراً.