تلقيه السيدة أميرة الحفيتي نائبة المندوبة الدائمة
أود بدايةً أن أشكُر السيدة مارثا بوبي، ومقدمي الإحاطات على مداخلاتِهم القيّمة، وأن أعُرِبَ عن تقديرِنا لغانا على جهودها لإبقاء موضوع اجتماعنا اليوم في صَدارَة أعمال هذا المجلس.
كما أود أن أُؤكد على أنَّ مناقشة مسألةٍ مهمة مثلَ الأمن البحري في خليج غينيا لن تكون شاملة وهادفة إذا لم نستمع لوجهات النظر الإقليمية، باعتبارها الأكثر إلماماً بجوانِب هذه المسألة، الأمر الذي يستوجب أيضاً من المجتمع الدولي، وهذا المجلس، دعم المبادرات الإقليمية التي وُضِعت لتعزيز الأمن البحري في خليج غينيا وأثبتت قُدرتَها على الحَد من الجرائم البحرية.
وكما استمعنا، يُصادف هذا الشهر مُرورَ عشر سنواتٍ على اعتماد هيكل ياوندي الذي شكَّل نقطةَ تحول في مسار توطيد التعاون بين دول خليج غينيا بهدف مكافحة القرصنة وتعزيز الأمن البحري. ولهذا، نرى أن أمامَنا فرصةً سانِحة لتقييم هذه المبادرة ودورِها في تعزيز الاستقرار في أحد أكثر المناطق الاستراتيجية في القارة، باعتبارِها تضُم حوالَي عشرين ميناءً تجارياً وتمثل خمسةً وعشرينَ بالمئة من حركة النقل البحري الأفريقية.
ونُشيد هنا بالتقدم المُحْرَز في مكافحة حوادث القرصنة والسطو المسلح خلال العقد الأخير، وهو ما تجلى – على سبيل المثال – في انخفاض هذه الحوادث بنسبة سبعين بالمئة خلال الربع الأول من هذا العام مقارنةً بالفترةِ ذاتها من عام ألفين وواحد وعشرين، ونتطلَع إلى مواصلَة البناء على هذا التقدم الذي أثبتَ كفاءةَ الجهود الجماعية للدول المُطِلة على الساحل والمنظمات الإقليمية والشركاء الدوليين في مجال الأمن البحري.
ونُؤكد هنا على أنَّ صون الأمن في المناطق البحرية المشتركة سيساهِم في دعم أمن واستقرار وتنمية المنطقة بِرُمَّتِها، الأمر الذي يُحَتّم على جميع الجهات المعنية الفاعلة مُضاعفة جهودِها لمكافحة التهديدات الأمنية في خليج غينيا، خاصةً الأنشطة الاجرامية – كتهريب الأسلحة والاتجار غير المشروع للموارد الطبيعية -والتي توظفُها الجماعات من غير الدول كمصدرٍ للربحٍ. ويقلِقُنا في هذا السياق، تداعيات هذه الأنشطة الإجرامية على السُبُل المعيشية للسكان وأوضاعِهم الاقتصادية والاجتماعية التي يستغلٌّها القراصِنة والمجرمين لمواصلة أنشطتِهم غير الشرعية.
ولابد كذلك من مواصلة توفير الحماية للبَحَّارة، فرغمَ الانخفاض الملحوظ في عمليات السَطْو والنَهِب، لاتزال المنطقة غير آمِنة لهم. الأمر الذي يتطلب من الدول الاقليمية ووكالات الاستجابة الساحلية والقوات البحرية المستقلة، التصدي للقرصنة على نحوٍ دائمٍ وبدعمٍ دوليٍ ثابت.
وقد أصبحت هذه المسألة أكثر إلحاحاً في ظل قيام الجماعات الإرهابية العابِرة للحدود باستغلال الأنشطة الاجرامية في خليج غينيا لتمويل عملياتِها، عبرَ استخدام الحدود البرية التي يَسهُل اختراقَها. ولهذا، نرى أن التصدي للأنشطة غير المشروعة المرتبطة بالقرصنة والسطو المسلح في البحار يتطلب مواصلة العمل على معالجة التدهور البيئي المتفاقم بسبب تغير المناخ وكذلك تزايد حالات الصيد غير المنظَّم وغير المُبْلَغ عنهُ من قِبَل السُّفن الصناعية الأجنبية، وإيجاد حلولٍ مستدامة لهذه التحديات.
وأخيراً، لن يكونَ القضاء على القرصنة والسطو في البحار ممكناً دونَ وجود تنسيق وثيق بين جميع الجهات الفاعلة، مع إيلاء الأهمية للحلول التي تقودُها الجهات المحلية، فالعشرةُ أعوام المقبلة ستكون حاسمةً من حيثُ بذلِ جهودٍ أكثر ابتكاراً وفعاليةً وتنسيقاً، لمواكبة التحديات التي أصبحت شديدة التعقيد في المنطقة، لا سيما مع التحرك المتزايد للشبكات الاجرامية داخلَ الأراضي وتبِعات ذلك على استقرار المجتمعات. كما ستُساهِم هذه الجهود في تحسين تبادل المعلومات ودعم الأُطُر الإقليمية في تحقيق الأهداف التي وُضِعَت من أجلِها. ونرى هنا أهمية البناء على تجارب المنطقة في التصدي للقرصنة خِلال العقد الماضي والاستفادة كذلك من خِبرات المناطق الأخرى في أفريقيا، مع جعلِها مُوائِمة للسياقات المحلية لدول خليج غينيا.
وختاماً، أشير إلى أن دول المنطقة أظهرت التزاماً واضحاً بتعزيز الأمن البحري في خليج غينيا، وعلى المجتمع الدولي أن يظل ملتزماً من جانبه بدعم هذه الجهود، بما في ذلك عبرَ مواصلةِ بناء قُدُرات هذه الدول، لتتمكن من التصدي لمختلف التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، بحيث لا نترك فراغاً تَنشُط فيه القرصنة والأعمال الإجرامية. كما أن الدور القيادي للمجلس ودعمِه لجهود المنطقة، بما في ذلك من خلال الالتزام بتنفيذ القرار 2634 الذي اعتُمِدَ العام الماضي بشأن الأمن البحري في خليج غينيا، ضروريٌ لمواصلة البناء على هذه الجهود.
وشكراً.