مشاركة

أشكر كلاً من الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، والأمين العام لجامعة الدول العربية، معالي أحمد أبو الغيط، على إحاطتيهما القيمتين بشأن سير التعاون بين المنظمتين. ونشكر ممثلة المجتمع المدني رزان العقيل على تسليطها الضوء على قضايا وآمال الشباب والشابات العرب.

تكتسي هذه الجلسة أهمية خاصة، حيث إن عدد كبير من القضايا المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن هي قضايا عربية، ناهيكم عن وجود بعضها على جدول الاعمال لعقود من الزمن، بسبب اكتفاء المجتمع الدولي بإدارة الأزمات دون حلها. ونشير هنا إلى أن استمرار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والأزمات الأخرى في سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان والسودان والصومال يفرض تكلفة باهظة على المنطقة سياسياً، واقتصادياً، وإنسانياً، ويزيد من مخاطر احتقان الوضع في المنطقة والعالم بصورة خطيرة.

 كما أن التحديات والأزمات الحالية، بطبيعتها المعقدة والعابرة للحدود، تتطلب بذل جهود مشتركة بين كافة الجهات الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي. ومن هنا تنبع أهمية مناقشتنا لليوم، والتي نأمل عبرها مواصلة بحث سبل تعزيز التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية لمعالجة القضايا العربية العالقة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن جامعة الدول العربية هي منظمة عريقة، أكملت أمس عامها السابع والسبعين منذ تأسيسها في عام 1945، لتمتلك بذلك تاريخاً طويلاً ومعرفة عميقة بتحديات المنطقة وشواغل دولها، مما يؤهلها لتكون طرفاً أساسياً في دعم تنفيذ ولاية مجلس الأمن في صون السلم والأمن الدوليين.

ومن هذا المنطلق، يتعين زيادة التنسيق والتشاور بين المجلس والجامعة، وإضفاء طابع مؤسسي على هذه العلاقة من خلال إنشاء آليات تتيح تطوير سبل تبادل المعلومات والآراء حول سبل المضي قدماً في معالجة مختلف التحديات الإقليمية، من منظور واقعي وعملي.

ولتحقيق هذه الغايات، ينبغي تعزيز قدرات مكتب الاتصال التابع للأمم المتحدة لدى الجامعة وتزويده بالموارد والإمكانيات اللازمة ليتمكن من تحقيق أهدافه، بما في ذلك تسهيل تعاون هيئات الأمم المتحدة مع الجامعة وأجهزتها المختلفة مع التركيز على بناء القدرات وتبادل الخبرات.

وفي هذا السياق، ندعم المزيد من التعاون والتكامل في أنشطة الوساطة بين مبعوثي الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. كما ندعم تعزيز التعاون الثلاثي بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.

كذلك نؤكد ضرورة أن تعكس اي مقاربة يتبعها مجلس الأمن لحل قضايا المنطقة شواغل الدول العربية، والأخذ بآرائها حول سبل معالجتها، حيث يمكن أن تقدم هذه الدول منظوراً جديداً للمجلس يتيح كسر الجمود الحالي في بعض العمليات السياسية. ونشدد هنا على أهمية العمل بمبدأ إيجاد حلول عربية للقضايا العربية. ويتطلب ذلك في المقام الأول المطالبة بوقف التدخلات الأجنبية في الشؤون العربية. كذلك نؤكد على أهمية احترام الدول التزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وبالأخص سيادة الدول وسلامتها الإقليمية ومبادئ حسن الجوار. وبينما نسعى لمعالجة قضايا المنطقة، نوصي بإيلاء أهمية خاصة للمسائل التالية:

أولاً، ينبغي إطلاق المزيد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز دور المرأة العربية في المسائل المتعلقة بالسلام والأمن. ويسعدنا تعيين السيدة سيما بحوث كأول مدير تنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة من منطقتنا. وعلى المستوى الوطني، أطلقت دولة الإمارات مركز فاطمة بنت مبارك للمرأة والسلام والأمن وبرنامج لتمكين المرأة في مجالات الأمن وحفظ السلام حيث تشارك فيه مجموعة من النساء العربيات.

ثانياً، لابد من التركيز على تمكين الشباب للقيام بدور قيادي في معالجة التحديات القائمة في المنطقة وجهود بناء السلام فيها، لاسيما وأن حوالي 60% من سكان المنطقة تقل أعمارهم عن 25 عاماً. إن استماعنا اليوم إلى الآنسة رزان هو مثال على توفير منبر للشباب لمعرفة آرائهم ومشاغلهم حول أهم القضايا وأخذها بعين الاعتبار عند بلورة الحلول لها.  

ثالثاً، وفي ظل التهديدات التي يشكلها التطرف والإرهاب على المنطقة، نؤكد على ضرورة أن تعزز المنظمتان جهودهما المشتركة في مكافحة التطرف والإرهاب، وأن تعملان على دعم المبادرات التي تشجع التعايش السلمي والحوار بين الأديان والثقافات في المنطقة.

رابعاً، إنَّ المنطقة العربية بحاجة الى تعزيز الفرص الاقتصادية فيها وإطلاق مشاريع تحقق التنمية والازدهار لشعوبها، لبناء قدرتها على الصمود ومواجهة التحديات الأمنية والسياسية المختلفة. ونشدد هنا على ضرورة أن تشمل أطر التعاون بين المنظمتين الاستثمار في مستقبل شبابها عبر التركيز على مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والفضاء الخارجي والطاقة المتجددة، والتي ستفتح فرصاً واعدة للمنطقة بعيداً عن النزاعات والحروب.

وختاماً، نؤكد على ضرورة أن تعزز المنظمتان تعاونهما لحل القضايا العربية ضمن معايير واضحة وبشكل متساوٍ، من خلال بذل كافة الوسائل الدبلوماسية المتوفرة، والانخراط بشكل بنّاء لإنهاء أزمات المنطقة، مع تغليب الحكمة والاستفادة من الخبرات والتجارب السابقة لنتعامل بشكل أفضل مع التحديات الحالية والمضي قدماً نحو تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.