مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

ترجمة غير رسمية

يرجى المراجعة أثناء الإلقاء

السيد الرئيس،

أتقدم بالشكر إلى الممثل الخاص السيد القاسم واني، على الإحاطة التي قدمها اليوم، ونقدر العمل الهام الذي تبذله بعثة مينوسما في هذه الظروف شديدة الصعوبة. كما أشكر السيدة أميناتا ديكو على مداخلتها. ونرحب بمشاركة السيد عبد الله ديوب، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في مالي في هذا الاجتماع.

وأود أولاً أن أشيد بالتضحيات التي تقدمها بعثة مينوسما كل يوم، وأن نكرم ذكرى حفظة السلام الذين فقدوا ارواحهم أثناء تأدية واجبهم. علينا أن نتذكر أيضاً عشرات الآلاف من المدنيين ممن تعرضوا للقتل أو التشريد في شمال ووسط والآن جنوب مالي بسبب التطرف والعنف. كما يجب أن نسعى جاهدين للوفاء بمسؤوليتنا كمجلسٍ للأمن لضمان أن يسود الاستقرار مالي وأن تصبح شاملة وقادرة على الصمود في وجه التحديات.

ونرى أن الاستعراض الاستراتيجي لبعثة مينوسما يعد خطوةً مرحب بها لمساعدة المجلس على موائمة ولاية البعثة بما يتناسب مع الاحتياجات القائمة على الأرض، ونقدر اتاحة الفرصة للنظر في الخيارات التي اقترحها الأمين العام في تقريره، فإبقاء الأمور على حالها لم يعد خياراً للبعثة أو لهذا المجلس. كما سيكون هذا الاستعراض، إلى جانب التقرير المقبل للفريق رفيع المستوى بشأن الساحل وغيره المبادرات الإقليمية، مفيداً أثناء نظر المجلس في مستقبل بعثة مينوسما ومواصلته تقديم الدعم للشعب المالي.

وبالرغم من مضي عقدٍ على انخراط الأمم المتحدة في مالي، لاتزال الأوضاع فيها مقلقة الى حد كبير. ومع أن معالجة التحديات التي تواجهها مالي ليس بالأمر اليسير، إلا أن المجتمع الدولي – لا يمكن ولا يجب – أن يفشل في ذلك. فقد حدد اتفاق عام 2015 إطار السلام في مالي، الأمر الذي يحتم البناء على هذا الأساس. ونشجع في هذا الصدد كافة الأطراف على مواصلة الالتزام بتنفيذ هذا الاتفاق، مع إيلاء الاهتمام اللازم لإحراز تقدم في العمليتين الانتخابية والدستورية.  ونقدر الجهود البناءة التي تبذلها دولة الجزائر في هذا الشأن.

ويعد الحفاظ على قنوات اتصالٍ مفتوحة، وخلق مساحة للحوار في هذا المجلس وفي المنطقة، بما في ذلك مالي، أمراً بالغ الأهمية. ونشيد هنا بالخطوات الإيجابية التي اتخذت لتعزيز المشاركة الإقليمية، بما في ذلك من خلال عودة القوات الإيفوارية، حيث تبقى علاقات حسن الجوار أساسية لتجاوز التحديات المترابطة التي تواجهها مالي والمنطقة.  كما تظل مجموعة الإيكواس والاتحاد الأفريقي وبعثة مينوسما شركاء رئيسيين في دعم جهود بناء الدولة الوطنية.  

وفي ضوء التحديات الجسيمة التي مازالت تواجهها مالي، أود تسليط الضوء على ثلاث نقاط رئيسية:

أولاً، لابد من بلورة استجابة شاملة لمواجهة الانتشار المستمر للتطرف، إذ يستغل المتطرفون في مالي نقاط ضعف المجتمعات، ويحرفون الدين، لتجنيد أتباع جدد ودفعهم للتطرف. من المهم عند العمل على معالجة مثل هذه التحديات السياسية والاجتماعية الاخذ بعين الاعتبار أنها مرتبطة بشكل وثيق بالأوضاع الأمنية المتدهورة في البلاد. ولتحقيق نتائج فعالة، يجب تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب بالتزامن مع بسط سلطة الدولة وتوفير الخدمات الأساسية للسكان. إذ يمكن، على سبيل المثال، أن يساهم التواجد المتزايد للسلطات المالية في شمال ووسط البلاد في تنفيذ سياسات تحمي السكان، وتلبي احتياجاتهم الأساسية، وكذلك خلق بيئة لا يمكن للتطرف أن ينمو فيها. ويجب أن تكون هذه المسألة من ضمن الأولويات الاستراتيجية لبعثة مينوسما وأن تحتم على هذا المجلس اتخاذ إجراءات مُكملة للجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب.

ثانياً، لا يمكن القبول بالتكلفة البشرية الباهظة للعنف أو تجاهل الأزمة الإنسانية المعقدة في مالي والتي تتفاقم بسبب انعدام الأمن ولها تداعيات بعيدة المدى على النساء والأطفال، فضلاً عن تمزيقها للنسيج الاجتماعي، وتعريضها مستقبل البلاد للخطر، فهناك أكثر من 587,000 طفل يعانون من وطأة إغلاق 1950 مدرسة. لذا، يتعين علينا أثناء تلبية الاحتياجات الاغاثية لمن هم في أمس الحاجة لها أن نتأكد من وضع الأسس اللازمة لإعادة بناء مالي لتكون أكثر استدامة وقدرةً على الصمود في مواجهة التحديات.

ثالثاً، وبينما ننظر في الاستعراض الاستراتيجي والتشكيلة المستقبلية لبعثة ِمينوسما، فإننا نتطلع إلى التواصل البناء مع جميع الجهات المعنية حول هذه المسائل، وينبغي ألا يكون قرار المجلس القاسم المشترك الأدنى في مواقفنا، إذ يجب أن نضمن توليد زخم قوي يؤدي الى تحقيق نتائج ملموسة تدعم الشعب في مالي. ونؤكد هنا على أهمية مواصلة التعاون مع الجهات المعنية الإفريقية لدورها المحوري في التصدي للتحديات التي تواجه مالي والمنطقة.

وختاماً، السيد الرئيس، أود التأكيد على مواصلة بلادي دعم كافة الجهود التي تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار والسلام وتخفيف معاناة الشعب المالي. كما يتعين علينا – كمجلس – مواصلة المشاركة وإعطاء الأولوية لسلامة الشعب المالي.

وشكراً، السيد الرئيس.