مشاركة

السيد الرئيس، أصحاب المعالي والسعادة،

تود دولة الإمارات العربية المتحدة في البداية توجيه الشكر إلى معالي رئيس وزراء الهند/ ناريندرا مودي على ترؤسه لهذه المناقشة الهامة المتعلقة بالأمن البحري، كما نشيد بقيادة الهند لهذا الموضوع الهام.

السيد الرئيس،

يتأثر الأمن البحري العالمي والإقليمي بمجموعة متنوعة من التحديات التقليدية وغير التقليدية كالقرصنة، والسطو المسلح، والإرهاب، والجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية ضد السفن في البحار، بما في ذلك جرائم الاتجار في البشر والأسلحة،  والجرائم المرتبطة بالملاحة البحرية وقطاع مصايد الأسماك. ويُشكل تدهور حالة المحيطات، والآثار الناجمة عن تغير المناخ، أحد الأسباب الجذرية لشواغلنا الأمنية حيث أن أكثر من ثلاثة مليارات شخص يعتمدون في معيشتهم على البحار والمحيطات. لذلك يجب أن تكون استجابة المجتمع الدولي تجاه هذه المسألة استجابة متسقة ومتجانسة وفقاً للقانون الدولي.

لا جدال في أن النقل البحري يمثل العمود الفقري للاقتصاد العالمي والمحرك الرئيسي لاستقرار الدول وازدهارها، حيث تعتمد كل دولة – سواء كانت دولة ساحلية أو غير ساحلية – على النقل البحري للحصول على الغذاء والدواء واللقاحات وغيرها من السلع والخدمات الأخرى. كما يُعد الأمن البحري عنصراً أساسياً في النقل البحري وذو أهمية حيوية بالنسبة لإمدادات الطاقة العالمية ولتحقيق التنمية المستدامة. وهذا هو الأمر الأهم بالنسبة لمنطقتنا حيث يتم نقل ثلث موارد الطاقة في العالم تقريباً بواسطة السفن عبر مضيق هرمز. لذلك، تقتضي مصلحتنا المشتركة أن نعمل جميعاً على مواجهة التهديدات التي من شأنها التأثير على سلامة طرق الشحن البحري، باعتبارها شريان حياة الاقتصاد العالمي، وتهديد الأمن العالمي بشكل مباشر. ولقد شهدنا مؤخراً ارتباك سلاسل التوريد البحرية بسبب جائحة كوفيد-19 والتي كان لها تداعيات اقتصادية خطيرة على المستوى الدولي.

السيد الرئيس،

إن دولة الإمارات ملتزمة بحماية الأمن البحري، بما في ذلك حماية النقل البحري التجاري. لذلك، نحن نشعر بقلق بالغ إزاء الارتفاع الحاد في عدد الهجمات والتهديدات الموجهة ضد السفن التجارية في المنطقة، بما في ذلك الهجمات التي وقعت مؤخراً قبالة سواحلنا وسواحل سلطنة عمان. حيث أن تداعيات هذه الهجمات تتجاوز حدود منطقتنا إلى ما هو أبعد من ذلك، فضلاً عن تأثيرها على حرية الملاحة وعلى الانتعاش الاقتصادي العالمي الهش بسبب جائحة كوفيد 19. لذلك يجب توقف هذه الهجمات فوراً والسماح للسفن بالإبحار بكل حرية وفقاً للقانون الدولي. وستعمل دولة الإمارات بالتنسيق الوثيق مع الشركاء من أجل ضمان أمن وسلامة الملاحة البحرية في منطقتنا.

يُعد الأمن البحري والاستدامة البيئية وجهان لعملة واحدة . ومن هذا المنطلق، يجب إيلاء الاهتمام اللازم للتهديدات التي تتعرض لها السلامة البحرية والبيئة البحرية بسبب ناقلة النفط “صافر” الراسية قبالة سواحل اليمن، حيث من الممكن أن يؤدي التآكل ونقص الصيانة لهذه الناقلة العائمة والمهجورة منذ عام 2015 إلى انفجارها وتسرب أكثر من مليون برميل من النفط في مياه البحر الأحمر. وأود في هذا الصدد، أن أعرب عن ترحيب بلادي بالجهود التي بذلتها الأمم المتحدة حتى الآن لتخفيف المخاطر الناجمة عن هذه الناقلة، ونُحث على ارسال بعثة تابعة للأمم المتحدة من أجل تقييم حالة الناقلة لاتخاذ المزيد من الإجراءات.

وفي هذا السياق، تقترح دولة الإمارات التوصيات التالية من أجل دعم الأمن البحري:

أولاً، ينبغي على مجلس الأمن أن يتعاون مع المنظمة البحرية الدولية بشأن سبل تعزيز التنسيق والتعاون والمشاركة بين الدول، وخاصة بين الدول المُطلة على المضايق المائية أو التي تستخدمها، وبين المنظمات الأخرى المعنية من أجل تعزيز آليات التعاون وتوفير حماية أفضل ومنع وردع الهجمات في ممرات الشحن الاستراتيجية والهامة وذلك للحفاظ على أمن هذه الممرات وإبقائها مفتوحة أمام الملاحة الدولية.

ثانياً: نحث الدول الأعضاء على دعم حرية الملاحة باعتبارها أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي. ففي المناطق التي تتصاعد فيها حدة التوتر والاستقطاب تصبح المخاطر أكبر. كما نشجع كافة الجهات الفاعلة على الالتزام ببناء الثقة من خلال فتح خطوط اتصال في البحار لتجنب سوء التقدير وتعزيز ضبط النفس.

ثالثاً: نوصي بزيادة التقارير الصادرة عن الأمين العام بشأن المخاطر الأمنية البحرية الناجمة عن تغير المناخ لتمكين المجلس من التنبؤ بهذه المخاطر واتخاذ الإجراءات اللازمة. حيث من المتوقع أن تؤدي التداعيات المتعاقبة لتغير المناخ وتدهور بيئة المحيطات إلى تزايد الجرائم البحرية، وتصاعد عدم الاستقرار الناجم عن تغير المناخ والذي يُسهم في انعدام الأمن الغذائي، والتنافس على الموارد، وتعطيل موارد المعيشة المعتمدة على المحيطات. كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن تغير المناخ يُشكل تهديداً خطيراً للعديد من الجزر والمناطق الساحلية وقد يؤدي لانعدام الاستقرار بشكل كبير.

وفي الختام، تؤكد دولة الإمارات على التزامها بدعم الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة التهديدات التي تواجه الملاحة البحرية، والبيئة البحرية، والتجارة العالمية.