مشاركة

يلقيه سعادة محمد أبوشهاب، نائب المندوب الدائم والقائم بالأعمال بالإنابة

السيدة الرئيسة،

أشكر المنسق الخاص السيد تور وينسلاند على احاطته الوافية وجهوده في دعم السلام في المنطقة.

السيدة الرئيسة،

في مثل هذا الوقت من العام الماضي أعرب السيد وينسلاند لهذا المجلس عن قلقه من تطورات الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، منوهاً أنها إذا تركت دون رادعٍ، فستزداد الحالة في الضفة الغربية تدهوراً فضلاً عن امكانية تأثير هذه الوقائع على الحالة الأمنية في قطاع غزة. وبالفعل، ها نحن الآن نختتم عاماً يعد وفقاً لتقديرات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ حوالي عقدين من الزمن، سقط خلاله – وفقاً للمكتب – ضعف عدد الأطفال الذين قتلوا العام الماضي. هذا إلى جانب ما شهده قطاع غزة من دوامة عنف جديدة في أغسطس الماضي، راح ضحيتها سبعة عشر طفلاً. أما المشهد السياسي، فيغيب عنه أية تحركات جدية توحي بإمكانية عودة الطرفين إلى المفاوضات قريباً وذلك بعد توقفها منذ عام 2014.

وفي مواجهة هذه الوقائع، لابد أن يكون رهاننا في هذا المجلس على تكثيف المساعي السياسية والدبلوماسية للحث على تهدئة الأوضاع ومساعدة الأطراف على العودة للمفاوضات، واجتماعنا اليوم يشكل فرصة لتوجيه رسالة موحدة حول أهمية تحقيق ذلك. إن ما يقف على المحك في هذا النزاع ليس فقط مستقبل شعبين يستحقان العيش بسلام، بل أن تتجه المنطقة بأكملها نحو دوامة خطيرة من العنف. ولهذا، لن نكف في دولة الإمارات عن الدعوة إلى خفض التصعيد في المنطقة، ومد يدنا للسلام، وبحث السبل لخلق فرص واعدة للشباب بعيداً عن العنف.

ومن هذا المنطلق، نرى ضرورة التركيز خلال الفترة المقبلة على الرسائل التالية:

أولاً، وفي سياق مناقشتنا اليوم حول القرار 2334، نجدد مطالباتنا بأن تتوقف إسرائيل عن جميع أنشطتها الاستيطانية المستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي وتقوض مساعي السلام، ويشمل ذلك التراجع عن الخطط المعلنة لبناء وحدات استيطانية جديدة في مناطق مختلفة، خاصة في المناطق المصنفة “ج”. وفي سياق ما ورد من تقارير مؤخراً حول خطط لجعل البؤر الاستيطانية شرعية، نؤكد مجدداً على رفض بلادي لأي خطوات تهدف إلى ضم أراضٍ فلسطينية أو جعل ذلك شرعياً، إذ تثير مثل هذه الممارسات العديد من المخاوف حول مستقبل حل الدولتين، والذي نحذر من خطورة وصوله إلى مرحلة تنعدم فيها قابليته للتطبيق.

ثانياً، ضرورة الابتعاد عن الخطاب التحريضي، والتركيز بدلاً من ذلك على اتخاذ خطوات تحد من العنف، ويشمل هذا وضع حدٍ للعنف المرتبط بالمستوطنين وعمليات الهدم والإخلاء التي شملت هذا العام أكثر من سبعمائة مبنى فلسطيني وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، إذ تؤجج هذه الإجراءات غير الشرعية مشاعر الغضب واليأس، وتفاقم الأوضاع الإنسانية الحادة، وتؤدي إلى اندلاع المزيد من المواجهات. ونؤكد هنا على ضرورة أن تتحمل إسرائيل مسؤولياتها وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ثالثاً، الدعوة لبحث الخيارات المتاحة لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وهذه الخطوة تتطلب دعماً متعدد الأطراف خاصة من قبل هذا المجلس والدول والجهات التي قادت دوماً جهود الوساطة لحل هذا النزاع. وهذا لا يعني أن نبدأ من الصفر، فالآليات والمرجعيات الدولية المتفق عليها لاتزال قائمة، ولكن ما نحتاجه هو تكثيف الانخراط الدولي مع الجانبيين لبناء الثقة بينهما والحث على ترجيح الحكمة وإبداء إرادة سياسية جادة للعودة الى المفاوضات، إلى جانب المطالبة بإعادة التأكيد على الالتزام بحل الدولتين.

رابعاً: ننوه بأن أي إجراءات أحادية الجانب تمس بالوضع القانوني في القدس الشريف والأماكن المقدسة، تعد انتهاكاً للقانون الدولي وتهدد بتفاقم التوترات. ويقلقنا في هذا السياق ما تتعرض له عشرات العائلات في القدس الشرقية من تهديداتٍ بالتهجير القسري، إلى جانب مواصلة توسيع المستوطنات فيها. ولا يفوتنا هنا إعادة التأكيد على ضرورة احترام دور المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف في القدس.

وختاماً، السيدة الرئيسة، نأمل أن يحمل العام الجديد في طياته أملاً بإمكانية تحسين الأوضاع على الأرض وعودة سريعة الى المفاوضات، تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلامٍ وأمنٍ واعترافٍ مُتَبادَل. وشكراً، السيدة الرئيسة