مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوبة الدائمة

السيدة الرئيسة،

أشكر المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط السيد تور وينسلاند على احاطته الوافية وجهوده الحثيثة لتهدِئَة الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة. كما نشكر كلٌ من السيد السيد دانييل مُناير والسيدة روبي داملين على الاحاطات المؤثرة وعلى كل ما يبذلونه من جهود هامة لدعم المصالحة بين الجانبين.

إن الأوضاع الحالية يشوبُها توترٌ عالٍ وتَتَّسِم بضبابية، فَمَع الاستفزازات المستمرة وما يرافِقُها من حالة تدهورٍ مستمر في الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية، هناك قَلَقٌ بالِغ إزاءَ المرحلة المقبلة وما سيَتَوَلَّد عن هذهِ الأوضاع من تصعيد قد يَصْعُب السيطرةُ عليه. واستجابةً لهذه التطورات، يتعين علينا أيضاً النظر في بَلْوَرَة حلولٍ على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وَنود هنا تسليط الضوء على الجوانب التالية:

أولاً: تتحمَّل كافةُ الأطراف مسؤوليةَ ضبطِ النفس والسعي لخفض التوترات والامتناع عن أي خُطُوات قد تُؤَجِّج الحالة على الأرض، لاسيما حولَ الأماكن المقدسة في مدينة القدس. وكأولوية قصوى، يجب وَقْف المواجهات المستمرة في مدن الضفة الغربية، إذ أنَّ مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة وما تَبِعَهُ من ردودٍ على مختلف المستويات المحلية والدولية أكد هشاشة الأوضاع الحالية، وسَلَّط الضوء على الخسائر البشرية التي يُواصل هذا الصراع التسبب في وقوعِها بين المدنيين الأبرياء لاسيما النساء والأطفال. كما أن إصدار هذا المجلس بياناً صحفياً تعقيباً على مقتل أبو عاقلة يؤكد على الاجماع الحالي بضرورة مراقبة الأوضاع الراهنة عن كَثَب والتعاطي بشكلٍ عاجل مع مثل هذه التطورات المُلِحَّة. ونكرر هنا إدانتَنا الشديدة لحادثة القتل هذه وكذلك تأكيدنا على أهمية إجراء تحقيقٍ مُحايِد ومُستقل وشَفّاف في مقتلِها، ونرى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تَكرار مثل هذه الأحداث مستقبلاً بما يحفظ حياة الأبرياء والصحفيين في حالات الصراع تماشياً مع القانون الدولي.

وبالمِثل، فإن القرار الأخير والمتمثل بإجبار أكثر من ألف فلسطيني على مغادرة منازلِهِم في منطقة مسافر يطا الواقِعة في جنوب الضفة الغربية من شأنه أنْ يفاقِم من الأوضاع الأمنية والإنسانية للسكان، فضلاً عن كونِهِ من الممارسات غير الشرعية التي تُقَوِّض جهود السلام وينبغي وقْفَها.

ثانياً، يتعين علينا في هذا المجلس اتخاذ إجراءات عاجِلة واستباقية تُساهم في الحفاظ على التهدِئة وتَحول دونَ حدوث دوّامة أخرى من الصراع. لا بُدَّ من تكثيف الاتصالات والمساعي الدبلوماسية مع وبين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لبحث سُبُل التهدِئة وبِناء الثقة بينهُما. وينبغي بشكلٍ خاص تعزيز التنسيق محلياً وإقليمياً بشأن الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للأماكن المقدسة في مدينة القدس، إذ نؤكد في هذا الإطار على الدور الهام للمملكة الأردنية الهاشمية، بصِفتِها وصيةً على المُقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة.

وبينما نسعى الى تَدارُك الأوضاع الراهنة، لا ينبغي أن يَتَشَتَّت انتباهُنا عن العملية السياسية التي تُعاني من حالة جمود طالَ أمدُها وتتطلب اتخاذ خُطُواتٍ جدّية لتفعيلها، ويُمكن هنا إعادة تنشيط بعض المبادرات الدولية التي سَعَت إلى تفعيل الحِوار بين الطرفين خلال السنوات القليلة الماضية. لا بُدَّ أن تكون الغاية الأساسية للجميع هي عودة الأطراف إلى مفاوضات مباشرة وجدية، تؤدي إلى تسوية سياسية على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة بناءً على حدود الرابع من يونيو ألف وتسعمئة وسبعة وستين، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلامٍ وأمن واعترافٍ متبادل.

ثالثاً، نشدد على الحاجة لمُعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يُعاني منها الشعب الفلسطيني، لاسيما مع التزايد في مستويات انعدام الأمن الغذائي بسبب التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً، بما في ذلك عَبْرَ تشجيع كلا الجانبين على التوصل لتفاهماتٍ تُحَسِّن من الأوضاع الاقتصادية والحالة المعيشية للشعب الفلسطيني. ونرحب في هذا السياق بالقرارات الإسرائيلية المُتخذة للتخفيف من القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين، ومنحِهِم المزيد من تصاريح العمل، إذ نتطلع للبِناء على هذه الخُطوات، باعتبارها ضروريةً لتحسين الأوضاع المتفاقمة، فضلاً عن مُساهَمَتِها في بِناء الثقة وخلق بيئة مُوائمة لتحقيق السلام في المنطقة. كما نؤكد هنا على الدور الهام للجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة برئاسة النرويج في تعزيز جهود التنمية الاقتصادية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وختاماً، نؤكد بأَنَّ الوقتَ قَدْ حان لاتخاذ خُطُوات سياسية شُجاعة تُجَنِّب الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي المزيد من المعاناة.

وشكراً، السيدة الرئيسة.