يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوب الدائم والقائم بالأعمال بالإنابة
السيدة الرئيسة،
أشكر الأمين العام المساعد السيد خالد الخياري على إحاطتهِ الشاملة.
لقد سمعنا خلال الاجتماع الشهري السابق للمجلس تحذيرات عديدة بشأن تدهور الأوضاع الأمنية في الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث أكدت دولة الإمارات آنذاك ضرورة اتخاذ خطواتٍ عملية لخفض التصعيد المتنامي.
وخلال أقل من أسبوعٍ على تلك الجلسة، شهد مخيم جنين للاجئين اقتحاماً هو الأعنف منذ قرابة عقدين، ليؤكد مجدداً أن التوترات مستمرة في التصاعد إلى مستويات غير مسبوقة. كما أن العودة للتهدئة باتت هدفاً صعب المنال في ظل مواصلة الممارسات غير الشرعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهيمنة خطاب الكراهية. وتزداد الشواغل مع تنامي مشاعر الغضب والاحتقان، التي يصاحبها في أوساط الفلسطينيين، وخاصةً جيل الشباب، يأسٌ متجذر من إمكانية وجود تسوية سياسية عادلة.
ومع قراءة هذهِ الأوضاع المُقلقة، أصبح ملحاً أن يتجاوز المجتمع الدولي دور المتفرج، حيث تقتضي الأوضاع الراهنة تجنب الأسوأ، عبر اتباع نهجٍ شامل لخفض التصعيد، والسعي لإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط. وهذا يتطلب منا النظر في جميع السبل المتاحة لتحسين فهمنا حول كيفية تحقيق تلك الأهداف، بما في ذلك عبر بحث طرقٍ مبتكرَة لإعادة بناء الثقة بين الأطراف، وألا يكتفي المجلس بعقد اجتماعات كردة فعل على أحداثٍ محددة.
كما تتطلب المرحلة الراهنة عدم ادخار أي جهد دبلوماسي، على المستويين الإقليمي والدولي، لإيضاح أن التدابير الأحادية مرفوضة، وأن مستويات العنف الراهنة تضع أمن ومستقبل الشعبين على المِحَك، وأنَّ العودة لحوارٍ بنّاء، وبحسن نية، ضرورةٌ عاجلة ومطلبٌ دولي.
ومن المهم في هذا السياق، استعادة الزخْم الناجم عن اجتماعات العقبة وشرم الشيخ قبل عدة أشهر، ومواصلة التأكيد على الامتثال للالتزامات المتفق عليها والتي تضمنت خطواتٍ ملموسة لمعالجة الأوضاع الراهنة. وعلينا أن نكون ثابتين في رفضِنا لأي محاولاتٍ تمس بالمرجعيات الدولية المتفق عليها لحل هذا النزاع، والتي تدعو إلى تحقيق حل الدولتين، الذي جدد المجلس التزامهُ بهِ عند اعتماد البيان الرئاسي في فبراير هذا العام. وهذا الحل يجب أن يظل أساس أي مساعٍ سياسية، ولا يمكن أن نسمح بتهميشهِ تحت أي ظرفٍ من الظروف.
وهنا، لابد من التأكيد مجدداً على ضرورة وقف جميع الأنشطة الاستيطانية، والتي تشكل تهديداً على حل الدولتين، لاسيما في حال استمرار الموافقات والمصادقات على الوحدات الاستيطانية الجديدة بالوتيرة التي شهدناها خاصة خلال السنوات الأخيرة. ولا يفوتنا التأكيد بأن هذهِ الأنشطة تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ولابد كذلك من الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس، التي نشدد على أنها من قضايا الوضع النهائي. ويعني هذا وقف عمليات الهدم، ومصادرة الممتلكات في القدس الشرقية، وتهجير السكان منها بغير حق. كما إننا وإذ نؤكد على احترام الوصَاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس، ندين الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك من قبل متطرفين وأعضاء في الحكومة الإسرائيلية، وآخرها الذي حصل صباح هذا اليوم وما صاحبه من مواجهات وتوترات.
ونكرر دعواتنا إلى وقف حملات التصعيد المستمرة والمتكررة ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، سواءً من قبل السلطات الإسرائيلية أو المستوطنين، حيث ندين اقتحام مخيم نور شمس مطلع هذا الأسبوع، وقبلهُ اقتحام مخيم جنين، وما أسفر عن ذلك من ضحايا وأضرار.
وللتخفيف من الظروف المعيشية الصعبة الشعب الفلسطيني، لاسيما اللاجئين، ساهمت دولة الإمارات هذا الشهر بمبلغ خمسة عشر مليون دولار أمريكي لوكالة الأونروا لمساعدة العائلات المتضررة في مدينة جنين ومخيمها، وهذا بالإضافة الى مساهمة أخرى بقيمة عشرين مليون دولار قدمتها بلادي في يونيو الماضي للوكالة، التي نؤكد على ضرورة استمرار المجتمع الدولي في دعمها، لدورها الحيوي في إغاثة اللاجئين ودعم استقرار المنطقة.
وختاماً، نؤكد أن الفترة المقبلة ستكون حاسمة من حيث تكثيف الجهود لمنع تدهور الأوضاع إلى نقطة اللاعودة، وللحفاظ على المكتسبات التي حُقِقَت في عملية السلام على مدى عقود وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، على حدود عام ألف وتسعمئة وسبعة وستين وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل، في سلام وأمن واعترافٍ متبادل.
وشكراً، السيدة الرئيسة.