مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة 

السيد الرئيس،

تفوق الفظائع في غزة قدرتنا على وصفها. لذلك أتى تأييد دولة الامارات الشديد لحراك المجلس اليوم، وسنظل داعمين لاتخاذ المجلس إجراءاته حيال هذه الأوضاع.

منذ أكثر من 140 عاماً، قدّم مستشفى الأهلي المعمداني لأجيال من الغزاويين الرعاية الصحية والمأوى، وبالأمس قُتل أكثر من 500 فلسطيني في غارة أصابت المستشفى. كل ساعة تمضي على هذه الحرب المدمرة، تسخر من مبادئ القانون الدولي الإنساني. غزة تُباد، وما من مأمنٍ لأحد.

إننا ندعو إلى إجراء تحقيق كامل ومستقل في هذا الحادث وتقديم المسؤولين عنه للمساءلة.

ولكن وبينما نتحقق من المعلومات حول القصف، تظل الحقيقة التي ليس حولها جدل، وهي سقوط أكبر عدد من القتلى الفلسطينيين في تاريخ الصراع في جولة العنف هذه. في قصفٍ لم يتجاوز أسبوعه الثاني بعد، لقي أكثر من 3500 فلسطيني مصرعهم، وجرح أكثر من 14000، ونحن هنا نقارن بين ضحايا الجانبين.

مطلبنا لا يقل عن الوقف الكامل لإطلاق النار لأغراض إنسانية. هذا الطلب ليس على حساب أمن إسرائيل، ولكن ليعالج الناس جرحاهم، ويدفنوا موتاهم بشيء من الكرامة، وليبدؤوا بترميم حياتهم. بالإضافة، فإن وقف إطلاق النار يعد ضرورة قصوى لدخول المساعدات الإنسانية ولتأمين جهد عمال الإغاثة.

السيد الرئيس، 

  حماس هي من أضرمت هذه النار التي تجتاح الآن شوارع عواصم عربية في المنطقة. وقد أدانت دولة الإمارات بصراحة هجمات السابع من أكتوبر الشنيعة، ومع ذلك، ولئلا يلتبس الأمر، فإن عقوداً من العنف ملؤها تهجير

ويأس ونزع للإنسانية، هي وقود هذه النار. لذلك لا يمكننا، ولو كان ذلك ملائماً، أن نغفل سياق هذه الأزمة، شعبٌ، لا طالما خذله جميعنا، يرفُضُ سلطة أطول احتلالٍ مستمرٍ في العالم.

السيد الرئيس،

لم يكن تصويت دولة الإمارات لصالح هذا القرار باعتباره مثالياً، بل لأنه ينص على مبادئ أساسية يجب التمسك بها، والتي يتعين على هذا المجلس حفظها وتعزيزها. نشكر البرازيل ووفدها على جهودهم، ولا زال الأمل يحدونا بأننا سنتحد خلف قرارٍ في الأيام القادمة، سيسهم مع المساعي الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة، بتجنب الهاوية التي بتنا نقترب منها.

وكما ذكرت أنا وغيري بالأمس: يجب أن يدفع التصعيد الحالي بنا جميعاً، وفي مقدمتنا الفلسطينيون والإسرائيليون، إلى العمل الدؤوب لتحقيق حل الدولتين. ودعوني أكون صريحة، ما من بديل لذلك سوى العنف الذي نراه الآن.

السيد الرئيس،

أقامت بلادي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ ثلاثة أعوام، وقام الاتفاق الإبراهيمي على حقيقة بسيطة، ولكنها دائمة، تفيد بأن الحوار والسلام أفضل من العنف والعداء. ونشدنا مع شركائنا الولايات المتحدة وإسرائيل شرق أوسط جديد، حيث التعايش والتعاون يؤدي إلى أن ينعم الجميع بالسلام والأمن والرخاء.

إن الدمار العشوائي الذي يلحق بشعب غزة سعياً وراء أمن إسرائيل يهدد بالقضاء على ذلك الأمل. تتعامل المنطقة الآن مع امتداد هذه الأزمة، حيث يجاهر أعداء السلام بأهدافهم. علينا ألا نوقع أنفسنا في أيديهم.

السيد الرئيس،

لقد قيل خلال الأيام القليلة الماضية أن هذه الأزمة هي اختبار للمجتمع الدولي ولمجلس الأمن. هذا صحيح.

نوا أرغاماني، شابة يهودية اختطفتها حماس، في عامها الثاني من دراسات الكمبيوتر في جامعة بن غوريون. هي طفلة وحيدة لوالدتها التي تتعالج من السرطان. أشار والدها ياكوف، في حديثه مع صحفي حول الرعب الذي أصاب عائلته، إلى أن “العائلات في غزة أيضًا تحزن على أطفالها”. ووصف الإسرائيليين والفلسطينيين بأنهم “شعبان من أب واحد”، وأضاف أنه “يمكننا التوصل إلى سلام حقيقي، وأنا أصلي من أجل ذلك. آمين لعودة الرهائن”.

تبلغ دنيا أبو رحمة من العمر 22 عاماً، وهي طالبة هندسة معمارية في غزة وواحدة من آلاف المدنيين الفارين اليوم جنوباً. قالت في الليلة الماضية، لشبكة “سي إن إن” إنه إلى وقتٍ قريب كان جل تفكيرها ينصب على مشروع التخرج، أما الآن فكل ما تفكر فيها هو الحصول على الأمان.

إن الاختبار، أيها الزملاء، هو ما إذا كنا سنحافظ على هذا الأمل بالسلام الذي يضيء عبر تطلع طفلة لحياة طبيعية مثل غيرها، أو من عمق كربة والدٍ لا توصف. لا يمكننا أن نحكم على ملايين الناس بالبؤس لأن الدبلوماسية صعبة. يجب أن نستمر في المحاولة مراراً وتكراراً. وعلينا أن ندرك أنه باستمرارنا في عدم تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في وطنه، فإننا نغذي هذه الدوامة القاسية من العنف والكراهية.

دعونا لا نفشل في هذا الاختبار لأجل الإسرائيليين، ولأجل الفلسطينيين، ولأجل جميع شعوب الشرق الأوسط.

شكراً لكم.