تلقيه معالي السفيرة لانا زكي نسيبة، المندوبة الدائمة
أود أن أبدأ بتوجيه الشكر للممثل الخاص للأمين العام السيد واين على احاطته القيمة اليوم، ونرحب بتواجد وزير الخارجية معالي ديوب في اجتماع اليوم.
كما أؤكد على التزام دولة الإمارات بدعم مالي خلال هذه الفترة الصعبة وبتكاملٍ تام مع تطلعات الشعب في مالي، ونحيط علماً وبعناية بتقرير الأمين العام. وأود في هذا الصدد، أن أوضح ثلاث نقاط:
أولاً، يجب أن نظل حازمين في تركيزنا على الانتقال السياسي المستدام في مالي، وسيكون الجدول الزمني للانتخابات على مدى الاثني عشر شهراً القادمة حاسماً، ويشمل ذلك الاستفتاء الدستوري الذي سيحدث في غضون يومين والانتخابات الرئاسية المحددة في فبراير 2024.
وتؤمن دولة الإمارات إيماناً راسخاً بضرورة أن تكون هذه العمليات السياسية شاملة لتحديد النهجٍ المناسب لمنع وحل النزاع بشكل مستدام ولبناء السلام. وتُعد المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة أمراً بالغ الأهمية لتحقيق هذه الغاية. ونرى أن تنفيذ السلطات لخطة العمل الوطنية للبلاد بشأن المرأة والسلام والأمن بشكلٍ فاعل ستكون من الخطوات المرحب باتخاذها في هذا الاتجاه.
كما يجب أن تشمل هذه العملية وجهات نظر الشباب، حيث يعد حوالي 50 % من سكان مالي دون سن 15 عاماً.
ويشكل الحوار عنصراً اساسياً للتغلب على الاختلافات وتعزيز الثقة. ونرى في هذا السياق، أن تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة في مالي لايزال ضرورياً، حيث نشجع الأطراف على الانخراط بشكلٍ علني مع جهود الوساطة الدولية.
ثانياً، بات واضحاً تزايد حدة التهديدات الأمنية العديدة التي تواجه هذا البلد، ومنها الهجمات الإرهابية، بما فيها تلك المنتشرة عبر الحدود، والتي تعد الأكثر إلحاحاً.
ونعرب عن تعازينا على الأرواح التي فقدت في هذه الهجمات، حيث شهدت بوركينا فاسو ومالي 73% من الوفيات الناجمة عن الأنشطة الإرهابية في منطقة الساحل في عام 2022 و52% من إجمالي الوفيات من الإرهاب في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ونظراً لامتداد هذا العنف المتصاعد إلى البلدان المجاورة، أصبح التنسيق على المستوى الوطني وحده غير كافٍ، الأمر الذي يستوجب أن تُستكمل الجهود المحلية بنُهُجٍ ثنائية وإقليمية، على أن تأخذ بالاعتبار آراء المجتمعات الأكثر تضرراً، لإنجاح هذه النهُج. ولا شك أن هذه التحديات الأمنية تفاقم الأوضاع الإنسانية المزرية في جميع أنحاء البلاد، والتي سأتطرق لها الآن.
في هذا العام، وحتى الآن، يحتاج 8.8 مليون مالي إلى المساعدات الإنسانية والحماية في جميع أنحاء البلاد، أي بزيادةٍ قدرها 17% عن العام الماضي. وكما هو الحال دائماً، فإن النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً: فالأسر التي تعولها النساء أكثرُ عرضةً بمرتين للمعاناة من انعدام الأمن الغذائي.
كما كان إجمالي عدد النازحين في مايو من هذا العام يقترب من 400 ألف شخص. ونعرب في هذا السياق عن قلقنا بشأن مستويات انعدام الأمن فيكل من وسط مالي وغاو وميناكا بشكلٍ خاص، حيث يحتدم القتال وتتزايد أعداد النازحين داخلياً.
إن غياب الإجراءات الملائمة والخدمات الأساسية يجعل هذا الوضع المزري أكثرَ هشاشةً ويقوّض الثقة في الدولة. يجب على المجتمع الدولي أن يواصل بشكل مشترك دعم جهود مالي لتعزيز تواجد الدولة بهدف ضمان حماية جميع المدنيين.
وفي خضم هذه البيئة الأمنية والإنسانية التي تتسم بتزايد الصعوبات، يتسبب التغير المناخي في مُضاعفة المخاطر. ولطالما حرصت دولة الإمارات على الإشارة للصلات القائمة بين المناخ والسلام والأمن، ونرى أن مالي تعد أحد المناطق التي تبرز فيها هذه الأوضاع على نحو كبير.
لقد أدى التصحر المتزايد وانحسار هطول الأمطار إلى نقص في امدادات الغذاء والمياه الشحيحة أساساً في البلاد، كما يعرقل العمل الزراعي الموسمي، ويحرم الماليين من الطعام أو العمل ويجعلهم أكثر عرضةً للتجنيد في الجماعات المسلحة في مالي.
ونؤكد مجدداً في هذا الصدد، على ضرورة أن تتضمن تقارير الأمين العام عن مالي بياناتٍ وتحليلاتٍ عن الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها الآثار الضارة لتغير المناخ إلى تفاقم الصراع أو انعدام الاستقرار في مالي. وبالمثل، نرحب بإطلاق مالي لمشروع جديدٍ، بدعمٍ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يهدف إلى تعزيز الأمن المناخي والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية من أجل ترسيخ السلام.
ثالثاً، نؤكد على محورية الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة على الأرض من خلال بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي المتكاملة. وعليه، نرى ضرورة أن يجدد هذا المجلس ولاية البعثة وأن يدعم أنشطتها على الأرض.
إن أفضل فرصةٍ لإنجاح هذا التفويض تتمثل ببناء علاقةٍ أقوى بين السلطات المالية والبعثة المتكاملة، بحيث تكون قائمةٍ على التعاون، كما أن تعزيز الحوار بين الأمم المتحدة والسلطات المالية سيوفر فرصة لتلبية شواغلهم الأمنية وتوطيد التعاون بشكل أكبر، والذي سترحب به دولة الإمارات، كما سيساعد هذا في التصدي لمشكلة المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة والتي لوحظ وجودها في مالي.
ونشير في هذا الصدد إلى اعتماد مجلس الأمن هذا الأسبوع القرار 2686 والذي يدين نشر المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة والتحريض على العنف ضد عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة باعتباره مضراً بالسلم والأمن، والحالة مالي هي مثالٌ على ذلك.
ويمكن لبعثة مينوسما الاستفادة من هذا القرار في رصد البيانات المتعلقة بخطاب الكراهية والعنصرية وأعمال التطرف التي قد تؤثر على السلام والأمن وتؤدي إلى تزايد التهديدات ضد قوات حفظ السلام على الأرض. وتؤكد دولة الإمارات على التزامها الراسخ بضمان مستقبلٍ أكثر أماناً وسلاماً لشعب مالي.
وأخيراً، أود أن أنتهز هذه الفرصة لأهنئ باسم دولة الإمارات موزمبيق على اكمالها عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج.
وشكراً.