مشاركة

تلقيه الآنسة غسق شاهين، المنسقة السياسية

السيد الرئيس،

أشكر مقدمي الاحاطات على مداخلاتهم بشأن أوضاع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء.

نناقش اليوم مسألة مهمة، حيث تتسبب العديد من التحديات المترابطة التي تواجه عالمنا اليوم، وفي مقدمتها النزاعات والتغير المناخي وانعدام الأمن الغذائي، في نزوح وهجرة الملايين ومفاقمة أعدادهم، التي وصلت حتى الآن إلى أكثر من مئة وعشرة ملايين شخص نازح حول العالم، نصفهم بسبب النزاعات. وهذا إلى جانب المخاطر الإضافية التي تواجه العديد منهم أثناء بحثهم عن الملجأ والأمان، وخصوصاً النساء والأطفال، في ظل تعرضهم للعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس. ونشدد هنا على ضرورة توفير الحماية للاجئين والنازحين واحترام حقوقهم وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية.

كما نعرب عن قلقنا إزاء الأوضاع في منطقة البحر الأبيض المتوسط بشكلٍ خاص، فوفقاً لتقارير الأمين العام ارتفعت أعداد القتلى والمفقودين الذين حاولوا العبور إلى أوروبا بين أغسطس ألفين واثنين وعشرين (2022) ويونيو ألفين وثلاثة وعشرين (2023) إلى نسبة أعلى بسبعة وسبعين في المائة عن العام السابق، الامر الذي يتطلب اهتماماً من المجتمع الدولي. ونؤيد هنا تجديد التفويض الممنوح من قبل مجلس الأمن للدول الأعضاء والمنظمات الاقليمية لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر قبالة سواحل ليبيا، باعتباره آلية مهمة في هذا الصدد، ولكن يجب على المجتمع الدولي بذل المزيد من الجهود.

ونشدد في هذا السياق، أن تحسين استجابتنا الدولية لهذه الظاهرة يتطلب اتباع نهج دولي موحد يركز على معالجة العوامل المؤدية للهجرة غير النظامية والنزوح القسري وعدم الاكتفاء بمعالجة تداعيات هذه الظاهرة المستمرة. ويتطلب هذا تعزيز التنمية والاستقرار والازدهار في المجتمعات في كافة المراحل المتوالية لعملية السلام.

ومن المهم في حالات ما بعد النزاع أن نعمل على تهيئة بيئة مناسبة للعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين والنازحين إلى مجتمعاتهم، بما في ذلك عبر مشاريع التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتي ستتيح للاجئين ممارسة حياتهم الطبيعية بعد عودتهم.

كما يجب أن يتكاتف المجتمع الدولي لدعم جهود الدول في معالجة مسألة الهجرة غير النظامية وأسبابها الجذرية، مع احترام سيادة هذه الدول، حيث يجب تعزيز آليات التعاون الوطنية القائمة بين بلدان المنشأ والعبور والمقصد، ودعم الوكالات، والمبادرات الإقليمية، والدولية، وكذلك تعزيز قدرات دول العبور في مكافحة الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر والجرائم المنظمة العابرة للحدود ذات الصلة.

وفي إطار تعزيز الجهود المشتركة للتعامل مع تحديات النزوح، وكما أشرنا سابقاً، أعلنت دولة الإمارات خلال المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة في روما عن تقديم مساهمة بقيمة مئة مليون دولار أمريكي لدعم مشاريع التنمية في البلدان المتضررة من الهجرة غير النظامية، بما في ذلك عبر دعم المبادرات المقترحة في عملية روما.

السيد الرئيس،

علينا الإقرار بأن الهجرة الناجمة عن التغير المناخي ستزداد بشكل كبير خلال العقود المقبلة، حيث يتوقع معهد الاقتصاد والسلام وصول أعداد النازحين بسبب التغير المناخي والكوارث الطبيعية إلى أكثر من مليار شخص حول العالم بحلول عام ألفين وخمسين.

وتؤدي الظواهر المناخية الشديدة إلى تداعيات مثل ارتفاع منسوب مياه البحر، وانعدام الأمن الغذائي والمياه، وتأجيج التنافس على الموارد، ودفع الملايين لترك أوطانهم. لذلك، ولكي نتمكن من منع عمليات النزوح المرتبطة بالتغير المناخي والاستجابة لها، فإننا بحاجة ماسة إلى الاستثمار في تعزيز قدرة المجتمعات على الصمود والتكيف. ومن المهم التركيز على الصلات القائمة بين تغير المناخ والنزاعات، ومسألة تقديم الدعم للدول الهشة والمتأثرة بالنزاعات، وكذلك الدول التي ستتأثر من هجرة ونزوح السكان بسبب التغير المناخي.

وأخيراً، أود أن أؤكد أن دولة الإمارات ستواصل العمل مع جميع الجهات المعنية لتلبية احتياجات المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، وتعزيز آليات الوقاية والحماية لهم.

وشكراً، السيد الرئيس.