مشاركة

يلقيه معالي خليفة شاهين المرر

وزير دولة

السيد الرئيس،

أود بداية أن أشكرك معالي الوزير سيرجي لافروف على ترؤسكم هذا الاجتماع، كما أشكر الأمين العام أنطونيو غوتيرش على إحاطته القيمة.

السيد الرئيس،

إن التزامنا الراسخ بتعزيز فعالية العمل متعدد الأطراف، والقائم على احترام القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، يعد مسألة بالغة الأهمية لصون السلم والأمن الدوليين. وبالتالي، فإن الدفاع عن مبادئ هذا الميثاق يأتي في صميم الحفاظ على فعالية العمل متعدد الأطراف، فهذه المبادئ، ومنها احترام سيادة جميع الدول، وحل النزاعات عبر الوسائل السلمية، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة، تُعَد جميعها جوهرية لتمكين الأمم المتحدة من اتخاذ تدابير فعالة تتسق مع ميثاقها.

وتكتسي هذه المسألة أهمية بالغة في ظل التحديات الجسيمة التي يجابهُها عالمنا اليوم، إذ نشهد أعلى معدل سجل للنزاعات المسلحة منذ عام 1945، فضلاً عن وصول أعداد النازحين قسرياً إلى مستويات غير مسبوقة. وبينما نعمل بجدٍ لكبح ارتفاع درجة حرارة الأرض عند مستوى 1.5 درجة مئوية، تواجه الجهود الدولية صعوبات جمة لمكافحة التهديدات المتنامية للتطرف والإرهاب. 

إن مواجهة هذه التهديدات والتحديات المشتركة يحتم علينا تعزيز الحوار والتعاون بين الدول، ومضاعفة الجهود للتوصل إلى حلول سلمية للنزاعات والأزمات، امتداداً من أوكرانيا إلى السودان. ونرى في هذا السياق أن النقاط الثلاث التالية لها بالغ الأثر في تعزيز قدرة العمل متعدد الأطراف على تحسين حياة الشعوب:

أولاً، يجب أن يخدم العمل متعدد الأطراف جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والتي تمثل حقوق وتطلعات ثماني مليارات شخص، إذ يجب أن تظل هذه الحقيقة في صلب وصدارة أعمالنا، ولكن غالباً ما يعجز النظام متعدد الأطراف وآلياته عن العمل بفعالية بسبب ما نشهده من استقطاب دولي وتنافس على المصالح. كما تواصل بعض الدول الأعضاء ممارسة نفوذها على النظام متعدد الأطراف، ويشمل ذلك تأثيرها المُفرِط في كيفية تشكيل هذه الأنظمة وتحديد متى تعمل لمصلحة الجميع ومتى تكون عاجزة عن ذلك، وهي نفسها الدول التي يمكنها منع أو إجراء الإصلاحات اللازمة لجعل العمل متعدد الأطراف أكثر فعالية.

لقد أصبحت المؤسسات والهياكل الدولية بوضعها الحالي غير قادرة على تمكيننا من تجاوز التحديات القائمة، الأمر الذي يستدعي إصلاح الآليات متعددة الأطراف، بدءاً من مجلس الأمن ووصولاً إلى مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بحيث نُعزز شرعيتها ونضمن وجود تمثيلٍ كافٍ فيها. ومن المهم عند اتخاذ القرارات، اشراك الدول الاكثر عرضة للتحديات في المناقشات ذات الصلة، وعدم الاكتفاء بمراعاة شواغلها. ونرى على سبيل المثال أن المناقشات الجديدة حول إصلاح المؤسسات المالية الدولية لتدعم دول الجنوب بشكلٍ أفضل، من التطورات المشجعة التي نأمل أن تشق مساراً نحو تعزيز المساواة بين الشعوب وإحلال الاستقرار حول العالم.

ثانياً، يجب حماية المنافع المشتركة دولياً ووضعها في قائمة أولوياتنا، فأفضل استثمار يمكننا القيام به لصالح شعوبنا وكوكبنا يكمن في تسوية النزاعات سلمياً، وتعزيز الأمن البشري، وابتكار حلول جماعية، وإن كانت جزئية، للتصدي للتهديدات الجسيمة التي تواجهها البشرية. لقد شهدنا مؤخراً إطلاق عدداً من المبادرات البناءة التي تظهر قدرتنا على التعاون معاً لاستشراف المستقبل، ولكن يجب أن تصبح مثل هذه المبادرات بمثابة الواقع الجديد وألا تكون مجرد أمثلة فريدة. ونرى هنا أن الاتفاقية المتعددة الأطراف التاريخية لحماية أعالي البحار، وقبلها اتفاق باريس، تُعَد أمثلةً بارزة على الإنجازات التي يمكن أن يحققها العمل متعدد الأطراف لبناء مستقبل أفضل لشعوبنا. 

وأخيراً، لا يجب التعامل مع العمل متعدد الأطراف كمجرد عملية دولية مشتركة بين الحكومات، إذ يجب الأخذ بوجهات نظر جميع الجهات الفاعلة ومنهم الشباب والنساء في المناقشات التي تجرى على مستوى العمل متعددة الأطراف. كما ساهمت الشراكات بين القطاعين العام والخاص في دولة الإمارات خلال فترة الوباء مثل شركة موانئ دبي العالمية والمدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دعم الجهود متعددة الأطراف لضمان توزيع المعدات الطبية ولقاحات كوفيد-19 حول العالم.

وبصفتنا الرئيس المقبل للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ، فإننا نؤمن بأن مشاركة كافة الجهات المعنية، وخاصة الدول الأكثر عرضة لتداعياته، تشكل ركيزة أساسية لإنجاح العمل المناخي، ولهذا، نحن حريصون على الأخذ بوجهات نظر النساء والشباب والسكان الأصليين والأوساط العلمية والأكاديمية وقطاع الأعمال التجارية في جميع مخرجات مؤتمر الأطراف.

وختاماً، السيد الرئيس، نشدد بأن إحلال السلام والاستقرار والازدهار لكافة الشعوب والدول لن يكون ممكنا دون العمل معاً، الأمر الذي يجعل من إصلاح النظام متعدد الأطراف مسألة ملحة لتلبية تطلعات هذه الشعوب.

وشكراً.