مشاركة

أود بدايةً أن أشكر كلاً من معالي زبيغنيو راو، وزير خارجية بولندا ورئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لعام 2022، ووكيل الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام السيدة روزماري ديكارلو على إحاطتيهما الوافيتين.

تدعم دولة الإمارات دور المنظمات الإقليمية في إيجاد حلول سلمية للنزاعات، وذلك في ضوء معرفة هذه المنظمات بالأوضاع والمواقف الإقليمية بشكل أشمل، وقدرتها على إيجاد أرضية مشتركة لإحلال الأمن والسلام الإقليميين. وكون الدول الأعضاء في المنظمات الإقليمية، من أول المتأثرين بالأبعاد الأمنية والاقتصادية والإنسانية لأزمات المنطقة، فإن الأخذ بمشاغلها يخدم هدف الوصول لحلولٍ شاملة وواقعية. وقد اتى القرار 1631 لمجلس الأمن، ليترجم دور هذه المنظمات ويطور سبل تعاون الأمم المتحدة معها، لصون السلم والأمن الدوليين.

وفي هذا السياق، يُسعِدُنا أن نرى الأمم المتحدة تُعزز علاقاتها مع مختلف المنظمات الإقليمية، ومنها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي لها باعٌ طويل في العمل على حل الصراعات وتهدئة التوترات في أوروبا. ونرى أن دورها هذا أمرٌ ضروري اليوم، لاسيما في ظل مواجهة أوروبا حالياً، أحد أكبر التحديات التي تعرضت لها خلال العقدين السابقين.

وفي ظل الأحداث التي تعصف بأوروبا في الوقت الحالي، والتي نتابعها بقلق شديد، يمكن الاستفادة من خبرات المنظمة وجهودها في الوساطة لإيجاد حل للصراع في أوكرانيا. كما يكتسب دور المنظمة أهميته في ظل استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية التي تلقي بظلالها على الأوضاع في المنطقة، لاسيما مع تزايد أعداد اللاجئين إلى المليونين ونصف المليون، بحثاً عن الأمان بعيداً عن مناطق الصراع.

كما أن دور المنظمة في معالجة التداعيات الناجمة عن هذا الصراع مهم، ليس فقط على المستوى الإقليمي، ولكن أيضاً على المستوى الدولي. إذ أن استمرار الأزمة وتفاقُمَها يُهدد الأمن الغذائي، بعد توقف تصدير القمح من أوكرانيا، والتي تعد من أكبر خمسة مصدّرين للقمح في العالم ومصدر هام للقمح المُرسَل لبرنامج الأغذية العالمي. وسيؤثر ذلك بالأخص على الدول النامية التي تعتمد على واردات القمح وسط ارتفاع الأسعار عالمياً.

وإضافة إلى الأزمة في أوكرانيا، فإن للدول المشاركة في المنظمة شواغل أمنية وسياسية عديدة، بما في ذلك الصراعات المجمدة في جورجيا ومولدوفا، والتوترات في شبه جزيرة البلقان، فضلاً عن الوضع في ناغورنو كاراباخ.

وفيما يتطلب حل هذه التوترات دبلوماسيةً متزنة، تقوم على رؤية شاملة تُغَلّب لغة الحوار وتهدف لمعالجة الاختلافات القائمة، فإننا نُعَوّل على دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وخبرتها في الوساطة، والمساعي الحميدة لرئيس المنظمة لإيجاد حلول دبلوماسية لأزمات المنطقة، بحيث ترتكز على مبادئ سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها، وبما يخدم صون الأمن والاستقرار الإقليميين.

كذلك نشيد بأولويات رئيس المنظمة، ومنها التأكيد على ضرورة الامتثال للمبادئ الأساسية للعلاقات السلمية بين الدول، اتساقاً بما ورد في ميثاق الأمم المتحدة، ووثيقة هلسنكي الختامية، وغيرها من الاتفاقات الدولية ذات الصلة.

وختاماً، تشيد بلادي بالدور الهام الذي تلعبه منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، باعتبارها مؤسسة جامعة لمختلف الآراء والشواغل في المنطقة. وعليه، فإن بلادي تتطلع لاستمرار وتعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمة، لصون السلم والأمن الإقليميين والدوليين.