يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، المندوب الدائم
السيد الرئيس،
في البداية، أتوجه بالشكر إلى معالي سيرغي لافاروف، لترأسه هذه المناقشة الهامة، كما أشكر السيد كورتني راتري على الإحاطة التي قدمها بالنيابة عن الأمين العام. وأضم صوتي للبيان الذي أدلى به ممثل جمهورية العراق بالنيابة عن المجموعة العربية.
السيد الرئيس،
إن ما مرت به غزة خلال الأشهر العشرة الماضية من قتل وتدمير يمثل تجاوزاً لكافة الحدود القانونية، وكارثة إنسانية في غاية الخطورة.
ومع استمرار القصف الإسرائيلي، أُجبر مئات الآلاف من سكانِ غزة على النزوح المتكرر إلى مناطق يُزعم أنها آمنة، إلا أن هذه المناطق تعرضت أيضاً للقصف، كما حصل مؤخراً حين استهدفت إسرائيل خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس، والمسجد الأبيض بمخيم الشاطئ، في انتهاكات صارخة تدينها بلادي بشدة.
كما أدت الهجمات والقيود المفروضة على حركة المساعدات الإنسانية إلى شلل شبه كامل في النظام الصحي، وذلك في ظل نقصٍ حاد في الوقود والإمدادات الطبية، إلى جانب تعرض معظم السكان للجوع الشديد وُسطَ تحذيراتٍ متزايدة من مجاعة وشيكة.
ولا تقل فداحَة الآثار النفسية لهذه الحرب عن آثارها المادية، حيث إن المشاهد المروعة التي رافقت هذه الحرب ستترك حصيلتها في وعي ووجدان شعوب المنطقة والعالم لعقود طويلة.
وفي الوقت نفسه، يشهد الوضع في الضفة الغربية تصاعداً في أعمال العنف ضد الفلسطينيين، سواءً من قبل القوات الإسرائيلية أو المستوطنين. كما نرى تسارعاً في وتيرة شرعنة البؤر الاستيطانية، ومصادرة مساحات شاسعة من الأراضي في الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وتدين بلادي بأشد العبارات هذه الممارسات التي تقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين.
وعليه، نود التأكيد على أهمية تحمل المجتمع الدولي، وبالأخص هذا المجلس، لمسؤولياته في الدفع نحو تنفيذ النقاط الأربع التالية:
أولاً، تكثيف الضغط للتوصل لوقف فوري وشامل ودائم لإطلاق النار في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكلٍ عاجل وآمن وعلى نطاق واسع، وإعادة فتح معبر رفح وكافة المعابر الأخرى.
ونشيد هنا بجهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق شامل يُجنب المنطقة المزيد من التصعيد، ونطالب الأطراف بتغليب مصلحة المدنيين والتوصل وبشكل عاجل إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومن ضمنها القرار 2720 والقرار 2735.
ثانياً، وقف الأنشطة الاستيطانية في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية، وإلغاء القرارات المتعلقة بالبؤر الاستيطانية ومصادرة الأراضي.
ثالثاً، وفيما يتعلق بالتطورات على طول الخط الأزرق، يجب تفعيل القنوات الدبلوماسية وبث رسائل التهدئة لتجنيب شعب لبنان وشعوب المنطقة تداعيات حربٍ أوسع نطاقاً.
رابعاً، إحياء عملية سلام تستند إلى حل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وضمن إطار زمني واضـح يُفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، على خطوط عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام وازدهار.
وفي الختام، نؤكد التزامنا بمواصلة تقديم كافة أوجه الدعم للشعب الفلسطيني الشقيق، والتي شملت إنشاء مستشفى ميداني في غزة، ومستشفى عائم في العريش، وتركيب محطات لتحلية المياه، فضلاً عن تقديم الدعم المالي عبر الوكالات الأممية بما فيها وكالة الأونروا. ونشدد على ضرورة وقف هذه الحرب ووضع حد لسفك الدماء، واتخاذ خطوات جادة نحو السلام العادل والدائم والشامل.
وشكراً السيد الرئيس.