مشاركة

يلقيه سعاة محمد أبو شهاب،السفير و نائب المندوبة الدائمة، والقائم بالأعمال بالانابة

السيدة الرئيسة،

أود في البداية الترحيب بمعالي الوزير بوتشواي، وأشكره على رئاسته لهذا الاجتماع الهام. كما أشكر معالي الأمين العام غوتيريش على بيانه الافتتاحي، وكذلك كل من مساعدة الأمين العام السيدة/ بوبي، والمفوض / أديوي ، ورئيس أيرلندا السابق ورئيسة مؤسسة الحكماء السيدة روبنسون، والمديرة التنفيذية لاندغرين على الإحاطات القيمة التي قدموها.

في ضوء التهديدات المتعددة التي يواجهها السلام والأمن وتطورها بوتيرة عالية، يتعين على عمليات السلام أن تكون متعددة الأوجه وأن تُصمم بشكل أساسي لبناء القدرة على الصمود أمام التهديدات القصيرة وطويلة الأمد. ولذلك، فالمهمة التي تنتظرنا هي مهمة شاقة، ولكنها ضرورية في الوقت نفسه، وقد يبدو مثالياً أن نتوقع من عمليات السلام التصدي لكافة الأخطار التي تهدد السلم، إلا أننا ندرك جيداً أن تحسين القدرة على الصمود لا يساهم فقط في تحقيق السلام، وإنما يؤدي أيضاً لمنع نشوب الصراعات وعودتها مرة أخرى.

وعليه، أود أن اقترح اليوم التوصيات الثلاث التالية بشأن كيفية تمكين عمليات السلام من القيام بدور رئيسي في بناء قدرة المجتمعات على الصمود وتحقيق سلام مستدام:

أولاً، تتطلب الاستراتيجيات الانتقالية المصممة بوضوح وواقعية إجراء دراسة شاملة للديناميات المحلية والإقليمية.  كما تحتاج إلى تنسيق مكثف مع مجموعة واسعة من الجهات المحلية الفاعلة، بما في ذلك النساء والشباب والقادة الدينيين وقادة المجتمع المحلي. وتتسم هذه الجهود بأهمية خاصة من حيث أنهاء العنف الذي تمارسه الجماعات المسلحة، ووضع آليات فعالة لنزع السلاح وإعادة الإدماج ومنع إعادة تجنيد المقاتلين السابقين. كما تساعد الاستراتيجيات الانتقالية على منع حدوث فراغ أمني، والتصدي للايدلوجيات والعوامل المؤدية للتطرف والإرهاب.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مراعاة احتياجات وأولويات المجتمعات المحلية سيساهم في وضع أسس متينة تحافظ على الملكية الوطنية لعمليات السلام، وإعادة بناء مجتمعات مستقرة وشاملة وقادرة على الصمود.  ومثلما قال الأمين العام السابق والمناصر لبناء السلام السيد كوفي عنان، “علينا أن نكون أقرب لمن يكون السلام بالنسبة لهم إما نجاح أو فشل”.

ثانياً، تؤدي عمليات السلام إلى تحقيق نتائج أفضل وأكثر استدامة وتأثيراً، وإلى إنشاء بنية أساسية تنتفع بها المجتمعات المضيفة بعد الانسحاب التدريجي لعمليات السلام. وهذا أمر مهم، لاسيما في ظل الزيادة الكبيرة وغير المسبوقة في حالات الجفاف وموجات الحر والفيضانات وغيرها من الظواهر المناخية الأخرى الشديدة. ونشيد في هذا الصدد بالجهود التي تقودها إدارة الدعم الميداني بهدف زيادة استخدام الطاقة المتجددة في عمليات السلام، ونشجع على وضع خطة شاملة لتوسيع استخدامها، فالحد من الانبعاثات لا يساهم فقط في جعل الأمم المتحدة قدوة يحتذى بها في جهود تخفيف آثار تغير المناخ، وإنما أيضاً في إرساء بنية أساسية للطاقة تعزز من قدرة المجتمعات المحلية على الصمود. ولقد كانت دولة الإمارات، بجانب النرويج، في طليعة الدول التي دعت إلى زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة في عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة.

ثالثاً، إن تعزيز بناء السلام بشكل مستدام وفعال يتطلب وجود استجابة منسقة ومتعددة الأطراف ومتكاملة، ويعني هذا التنسيق مع كافة الجهات الفاعلة، بما في ذلك مع مجلس الأمن، ولجنة بناء السلام، والمنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية، وذلك لضمان توجيه الجهود نحو تحقيق أهداف محددة وغير مشتتة. كما سيسهم ذلك في تطوير أساليب وآليات التمويل المناسبة والمستدامة والمبتكرة للتصدي بشكل جماعي للتهديدات التقليدية وغير التقليدية، بدءاً من تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي، ووصولاً إلى الأزمات الصحية العالمية والإرهاب والتطرف.

وختاماً، السيدة الرئيسة، أود التأكيد على أن عمليات السلام قادرة على أن تساهم في تمكين الجهود الوطنية والمحلية الرامية إلى تحقيق سلام مستدام، فالإرث الذي تخلفه عمليات السلام لا يقتصر فقط على الإنجازات التي يتم تحقيقها أثناء تواجدها في الميدان، وإنما يشمل أيضا ما تتركه ورائها من منافع. وبدورها، ستواصل بلادي الالتزام بدعم القدرات المحلية القادرة على خلق ظروف مناسبة لتحقيق سلام دائم.

وشكراً ، السيدة الرئيسة.