تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة
السيد الرئيس،
بدايةً أتمنى لفرنسا كل التوفيق في رئاسة أعمال هذا الشهر، مع استعدادنا التام لتقديم الدعم اللازم، ونشكر الصين على إدارتها الفعالة لأعمال المجلس الشهر الماضي. أشكركُم كذلك، السيد الرئيس، على تنظيم هذه المناقشة السنوية، والشكر موصول للسيد لاكروا، على إحاطته بشأن التقدم المحرز في تنفيذ مبادرة الأمين العام العمل من أجل حفظ السلام.
وأود أن أنتهز الفرصة لأُثني على البُلدان المساهمة بقوات وأفراد شرطة وموظفين مدنيين يعملون في بيئاتٍ صعبة وخطيرة، بعيداً عن عائلاتهم، لتنفيذ الولايات الصادرة عن مجلس الأمن، في سبيل خدمة السلم والأمن الدوليين. ونُوجِه أيضاً تحية تقدير وإجلال لأكثر من أربع آلاف فرد فقدوا أرواحهم أثناء تأدية واجبِهم تحت راية الأمم المتحدة.
واسمحوا لي أن أشير هنا على وجه الخصوص إلى المساهمات الهامة والاستثنائية للمرأة في مجال حفظ السلام، وتمكُنِها من تجاوز العديد من العقبات الصعبة لتتمكن من أداء مهامها على أكمل وجه. ونتقدم في هذا السياق بخالص التهنئة للسيدة أليزيتا كابور من بوركينا فاسو لحصولها على جائزة الأمم المتحدة لأفضل ضابطة شرطة هذا العام.
السيد الرئيس،
ينتشر اليوم حوالي 87 ألف فرد من قوات حفظ السلام من أكثر من 125 دولة حول العالم سعياً لتنفيذ أول التزام يرِد في ميثاق الأمم المتحدة بشأن إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، الأمر الذي يتطلب أن تكون عمليات السلام مرنة وفعّالة ومُزودة بالموارد التي تُمكنُها من تنفيذ ولاياتها بالكامل.
وجمعينا يعلم أن البيئات التي تتواجد فيها عمليات حفظ السلام قد تزايد تعقيدها وخطورتها على مر السنوات الماضية، بسبب غياب الحلول السياسية وتدهور الأوضاع الأمنية وتطور التهديدات التي تشكلها مختلف الجماعات الفاعلة في الصراعات، لاسيما مع تمكن العديد منها من حيازة أسلحة متطورة. وقد أقرت مبادرة “العمل من أجل حفظ السلام” بأن فعالية حفظ السلام تكمُن في تصميم عمليات سلام تُفضي إلى حلول مستدامة.
كما ذكر عددٌ من أعضاء المجلس، يتعين على مجلس الأمن في هذا السياق التركيز على عمليات السلام والتوقف عن القبول ضِمنياً بإدارة الصراعات بَدلاً من حلها، مما يعني عدم الاكتفاء بإسناد مهام دعم العمليات السياسية وتيسيرها لعمليات السلام، حيث يجب أن تظل هذه المسألة السياسية ضمن أولويات المجلس، وإلا كانت النتيجة خلق فجوة بين الواقع والمتطلبات التي ينبغي على عمليات السلام الاضطلاع بتنفيذها.
كما أن التأخُر في التوصل إلى حلول، يَخلُقُ حالةً من الإحباط والاستياء وانعدام الثقة، تستغلها بعض الجهات التي لها مآرب خبيثة تضر بالأمم المتحدة وأولئك الذين تخدِمُهم هذه المنظمة. لذلك، من المهم تعزيز الثقة بين المجتمعات المُضيفة وقوات حفظ السلام ومواجهة المعلومات المضَللة والمغلوطة عبر تسليط الضوء على الأهداف النبيلة التي تسعى عمليات السلام لتحقيقها.
وبالرغم من أن إعادة التأكيد على الالتزام بحل الصراعات سيساعد بلا شك في معالجة هذه التحديات، إلا أنه ليس الإجراء الوحيد، حيث إن اتباع نهجٍ مُخصص وديناميكي في تصميم الولايات وتوفير موارد للبعثات سيساعد على بناء وتعزيز الثقة في هذه البعثات بشكلٍ مستدام. لقد طرح الفريق المستقل رفيع المستوى المعني بعمليات السلام، ومن قبله تقرير الإبراهيمي، فكرة تحديد أولويات الولايات من قبل المجلس وترتيبها بتسلسل، كإجراء لإنقاذ عمليات السلام المُثقلة بالمهام. ورغم الجهود المبذولة حالياً في هذا الاتجاه، إلا أن التوصيات السابقة ما زالت سارية اليوم، وعلينا كأعضاء في المجلس أن نبدأ في دعم تنفيذها.
وكما تعلمون، فإن التصميم الأفضل للولايات يتطلب تعزيز التعاون الثلاثي بين مجلس الأمن والبلدان المساهمة بقوات والأمانة العامة من جهة، وبين البعثات والمجتمعات المضيفة لها من جهةٍ أخرى، إلى جانب تعزيز تعاون هذه الجهات مع المنظمات الإقليمية، خاصة في أفريقيا. ونرى أهمية التركيز على التواصل المباشر والمنتظم مع المجتمعات المضيفة، إذ سيساعد ذلك البعثات على اتخاذ قراراتٍ أكثر استجابةً للواقع وتخصيص أمثل للموارد، مع ضرورة ضمان شمولية هذا النهج، لاسيما من حيث إشراك النساء والشباب.
السيد الرئيس،
حان الوقت للنظر إلى حفظ السلام باعتباره شراكة بين كافة الجهات الداعمة لعمليات السلام، وأنه مثالٍ واقعي على العمل متعدد الأطراف، لذلك، من المهم تصميم الولايات بشكل مُبسّط وقابل للتكيف مع المتغيرات، باعتباره عنصراً أساسياً في الحفاظ على مستقبل حفظ السلام في ظل الاستقطاب العالمي الحالي. وبدورها، فإن دولة الإمارات ملتزمة بدعم عمليات السلام، بما في ذلك دعم جهود إصلاحها وتعزيز فعاليتها.
وشكراً، السيد الرئيس.