مشاركة

يلقيه سعادة السفيرماجد السويدي، المدير العام للمؤتمر الثامن والعشرين لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية

ترجمة غير رسمية

يرجى المراجعة أثناء الإلقاء

السيد الرئيس،

اسمحوا لي أن أبدأ بياني بتوجيه الشكر إلى سعادتكم وإلى مالطا على تنظيم هذه المناقشة المفتوحة الهامة. كما أشكر الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش على احاطته التي عكست دوره القيادي المتواصل بشأن هذه القضية. وأعرب كذلك عن امتناني لكل من السيد/ تشابا كوروسي، والسيد/ بوجدان أوريسكو، والسيدة/ كورال بايسي على إحاطاتهم القيمة.

السيد الرئيس،

يتجلى الطابع المعقد والملح لأزمة المناخ في المحيطات والبحار أكثر من أي مكان آخر. وقد سمعنا في مجلس الأمن اليوم إلى إفادات أشخاص متواجدين على الخطوط الأمامية في مواجهة تغير المناخ، حيث أكدوا لنا أن أمنهم وسبل عيشهم وهويتهم تقف جميعها على المحك إثر تهديدات هذه الظاهرة، إذ تسبب تغير المناخ بآثار مدمرة على الشعوب وسبل عيشهم وحياتهم، وذلك حتى قبل أن تتجاوز حرارة المحيطات والبحار عتبة الدرجة ونصف.

ولم يعد ممكنناً للعالم أن يغض النظر عن هذه الحقائق، فارتفاع درجات الحرارة ومنسوب المحيطات والبحار، ونسبة الحموضة فيها، أصبح يشكل تهديداً وجودياً، لاسيما للدول والمناطق الساحلية المنخفضة. وهناك العديد من المناطق المعرضة لأن تصبح غير صالحة للحياة حتى قبل أن تغمرها المياه بشكل دائم.

ولهذا، علينا الاتحاد معاً والتضامن والعمل على الاستجابة لهذه الأزمة.

نحن ندرك بأننا خرجنا عن المسار الصحيح من حيث تحقيق الأهداف المنشودة في اتفاقية باريس للمناخ والمتمثلة بكبح ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية وتعزيز القدرات للتكيف مع آثار التغير المناخي.

ويُسعدني بصفتي المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات للمؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ، أن أنضم اليكم في اجتماع اليوم إيمانا منا بالحاجة الملحة إلى استجابة منسقة على المستوى المتعدد الأطراف.

ويتعين علينا عدم إهمال أي جانب من جوانب أزمة المناخ، بما في ذلك الآثار الواضحة لتغير المناخ على السلم والأمن الدوليين. ويتمثل التزامنا هنا – بما في ذلك التزام كافة الأجهزة المعنية في إطار ولايتها – بتغيير المسار الحالي والعودة للمسار الصحيح عبر اتخاذ إجراءات شاملة وفعالة وسريعة.

وعليه، أود التأكيد هنا على أربع نقاط نرى ضرورة الاسترشاد بها عند بلورة استجابة مشتركة تهدف إلى مواجهة المخاطر التي نناقشها اليوم:

أولاً، الآثار المحتملة لارتفاع منسوب البحار، والنزاع على الموارد، وتشريد الملايين، والتداعيات الفعلية لذلك على سيادة وكيانات الدول، والتي يجب أن تكون في صميم الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. ولهذا، نثني على جهود مالطا على وضع هذه المسألة ضمن اهتمامات المجلس، ولكن علينا الإقرار بأن [هذه الجهود] تأتي كاستجابة للفجوة القائمة في انخراط المجلس بهذه المسألة.

ونرى أن تقديم الأمين العام تقارير منتظمة حول مخاطر وتداعيات تغير المناخ على السلم والأمن الدوليين، بالاستناد إلى بيانات وتحليلات علمية، سيساهم في تمكين المجلس من وضع نهج قائم على الأدلة يتناسب مع السياقات المحددة، وسيساعد المجلس أيضاً على مواصلة تركيزه على هذه المسألة الهامة وضمان أن تكون جهوده مكملة لتلك المبذولة على مستوى الأمم المتحدة.

ثانياً، علينا حشد المزيد من التمويل للدول الهشة والمعرضة لتغير المناخ وأن يكون بجودة عالية. إذ يوجد نقص حاد في الاستثمارات الدولية الموجهة لتحسين أنظمة الغذاء والمياه والبنية التحتية بحيث تكون قادرة على الصمود أمام تغير المناخ.

ويُشكل إصلاح المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية المتعددة الأطراف بعداً هاماً في استجابتنا، حيث سيسهم ذلك في دفع هذه المؤسسات نحو مواجهة الآثار المناخية المزعزعة للاستقرار، بدلاً من السير في الاتجاه المعاكس.

كما يجب البدء في تفعيل مرفق الخسائر والأضرار الذي تم الاتفاق عليه في المؤتمر السابع والعشرين لأطراف الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ. فهذا العام يشكل فرصة للإقرار بوجود فجوات في تمويل السياقات الهشة والعمل على سدها، فالعوائد التي ستعم على السلام بفضل هذه الإجراءات ستكون فورية ودائمة.

ثالثاً، تساهم الإجراءات المبكرة التي تتخذها الجهات الإنسانية في توفير مجموعة من الأدوات التي أثبتت فعاليتها في تقليل الآثار الأمنية المترتبة على ارتفاع منسوب البحار. كما تتيح فهم الآثار الأمنية لتغير المناخ على الأفراد الأكثر عرضة لها، ومنهم النساء والأطفال، وبالتالي ضمان الاستجابة لها بشكل شامل منذ البداية. ومن هذا المنطلق، أعربت دولة الإمارات عن دعمها الكامل لمبادرة الإنذار المبكر للجميع التي أطلقها الأمين العام، ونشدد على ضرورة وضع خطة استثمار سنوية، وزيادة جمع البيانات، وإدماجها في أنظمة العمل الاستباقي.

رابعاً، علينا الاقرار بالتحديات غير المسبوقة المرتبطة بالسياسات والتشريعات نتيجة ارتفاع منسوب البحار مع العمل على معالجة هذه التحديات، ويشمل ذلك ضمان طرح الحلول المناسبة من قبل النظام المتعدد الأطراف.

وتشجع دولة الإمارات في هذا السياق لجنة القانون الدولي على مواصلة العمل على المسائل المتعلقة بارتفاع منسوب البحار، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على قانون البحار وسيادة وكيانات الدول. كما نقدر الجهود الهامة التي تبذلها الدول الجزرية الصغيرة النامية في المحيط الهادئ لتعزيز المناقشات المتعلقة بالإطار القانوني المعياري حول ارتفاع منسوب البحار.

وختاماً، السيد الرئيس، تؤكد دولة الإمارات على التزامها، سواء هنا في المجلس أو بصفتها الرئيس المقبل للمؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ وفي كل المحافل الأخرى المعنية، بمواصلة الاستماع إلى المجتمعات المتضررة، ودعم اتخاذ استجابة شاملة وملحة، لا تستثني دولة أو شعب متضرر. فالحيلولة دون انعدام الأمن والتصدي له يُعد من أفضل الاستثمارات العادلة التي يستطيع مجتمعنا الدولي القيام بها.

وشكراً لك، السيد الرئيس.