تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة
السيدة الرئيسة،
أشكر نائبة الممثل الخاص السيدة غبيهو، والممثل الخاص لمفوضية الاتحاد الأفريقي السيد/ الأمين، والمدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة السيدة بحوث على إحاطاتهم الوافية، كما نرحب بمشاركة الصومال في اجتماع اليوم.
واجه الصومال على مدى العقود الستة الماضية تحديات جسيمة، من النزاع والصدمات المناخية إلى أعمال القرصنة والفقر والمجاعة. وبالرغم من هول هذه الصعاب، تمكن الشعب الصومالي من دحض مقولة “الدولة الفاشلة”، وقام بدلاً من ذلك برسم مساره الخاص نحو السلام والاستقرار. وفي ظل التحديات التي لا تغيب عن المشهد، فقد أثبتت القيادة الصومالية في الأشهر الأخيرة، وتحديداً منذ انتخاب الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود، التزامها وقدرتها على إبقاء البلد في مسار تصاعدي يستحق الثناء.
ويأتي اجتماعنا اليوم في ظل مرحلة هامة تحمل في طياتها فرصة إنهاء دوامة النزاع المستمر في بلد مدرج على جدول أعمال المجلس منذ أكثر من 30 عاماً. فالعام الحالي قد يكون بشير خير للصومال في حال اغتنم مجلس الأمن والمجتمع الدولي هذه الفرصة السانحة. إن بناء السلام يتجاوز مفهوم منع الحرب إلى تأسيس بنية تدعم الدولة في إعادة البناء، لذا يتوجب على المجتمع الدولي أن يحذو حذوها، عبر المساعدة في توطيد السلام المستدام الذي يستحقه الصومال ويسعى إلى تحقيقه. وفي ضوء ذلك، أود التركيز على العناصر الثلاثة التالية:
أولاً، من المهم دعم أطر العمل الطموحة التي طرحتها الصومال منذ عملية الانتخابات بهدف إجراء إصلاحات سياسية وأمنية وقضائية واقتصادية شاملة. ومن المشجع أن نرى الجهود التي يبذلها الصومال من أجل تعزيز وحدته الوطنية، خاصة عبر تعزيز العلاقات والتنسيق مع الولايات الفيدرالية. ونؤكد هنا على أن الحكم المستقر يتطلب من الأطراف الصومالية الالتزام بحل خلافاتها عبر الحوار. ونرحب في السياق بوقف إطلاق النار في منطقة لاس عنود ونشدد على أهمية ضبط النفس.
ثانياً، يظل الإرهاب التحدي الأمني الأكبر الذي يواجهه الصومال. إذحارب الصومال بضراوة على مدى عقد ونصف ضد انتشار الأيدولوجيا المتطرفة والعنيفة لحركة الشباب.
كما يواصل الصومال تعزيز قدراته على مكافحة الإرهاب، بدعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والشركاء الآخرين. وبدورها، ستظل دولة الإمارات ملتزمة بتقديم المساعدة بأي طريقة ممكنة لدعم تلك الجهود.
ومع ذلك، وفي سياق تزايد تعقد الأساليب التي تستخدمها حركة الشباب وتعاظم شدة فتكها، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك بأن نفوذ حركة الشباب يشكل تهديداً وجودياً ليس فقط للصومال، بل على السلم والأمن الدوليين أيضاً. فعلى مدى الأشهر الأربعة الماضية، قتلت حركة الشباب أكثر من 500 شخص، بمن فيهم مدنيون وقوات حفظ السلام الدولية، مع استمرارها في تعريض النساء والفتيات للعنف الجنسي كأسلوب للتحكم والسيطرة. كما سمعنا من السيدة سيما بحوث اليوم، فإن معاملة النساء بوحشية في الأراضي التي تسيطر عليها حركة الشباب مستمر بلا هوادة. وهذه الممارسات الشنيعة تظهر أهمية معالجة تأثير الفكر المتطرف وانعكاس ذلك على حياة النساء والفتيات. أما نهجنا كمجلس، فيجب ألا يوصم بالعمى في ما يتعلق بقضايا المرأة.
إن هذه التحديات تتطلب الكثير من الجهد لمساعدة الحكومة الصومالية على مكافحة حركة الشباب والجماعات الإرهابية الأخرى. فعلى المستوى الوطني، يجب تعزيز القدرات المحلية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك عبر تأمين المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة حركة الشباب سابقاً، وتوفير الخدمات الأساسية للجميع، وهو أمر بالغ الأهمية للحد من نفوذ حركة الشباب وملء الفراغ الذي يمكنهم استغلاله.
أما على المستوى الإقليمي، فقد أظهر قادة المنطقة بأنهم على مستوى التحدي خلال مؤتمر قمة مقديشو مؤخراً، وينبغي على هذا المجلس الاضطلاع بدوره وأن يدعم هذا التعاون. إضافة لذلك، تظل الشراكة مع الاتحاد الأفريقي وعمل بعثة آتميس عنصراً أساسياً في تعزيز أمن الصومال واستقراره. وأخيراً على المستوى الدولي، يجب على المجلس النظر مجدداً في نهجه الخاص بمكافحة الإرهاب، إذ يجب إعادة تصميم النظام الحالي والمتمثل باتباع المجلس مساريين غير متساويين من حيث تطبيقه أطر مكافحة الإرهاب عند التعامل مع المنتسبين لداعش والقاعدة فقط، حيث يجب استخدام أدوات المجلس لمكافحة الإرهاب على نحو متسق وقابل للتنبؤ، وسيساهم سد هذه الفجوة في تمكين الصومال ودول أخرى عديدة حول العالم من مكافحة الإرهاب على أراضيها بفعالية أكبر. وبالرغم من أهمية استراتيجيات مكافحة الإرهاب، إلا أنها غير كافية وحدها لتوطيد الاستقرار في الصومال إذ يجب أن تكون مقترنة بخطط للتنمية المستدامة وفرص اقتصادية أفضل.
ثالثاً، تعاني الصومال من أطول وأشد موجة جفاف في تاريخها المعاصر. وكما أوضح تقرير الأمين العام، لقد أصبح الصومال على شفا المجاعة. ونشير في هذا السياق إلى قلقنا البالغ إزاء مصير أكثر من 20 مليون شخص يعانون حالياً من انعدام الأمن الغذائي بالإضافة إلى حوالي مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. ولذلك، فإن تكثيف المساعدات الإنسانية يُعتبر اختباراً لمدى التزام المجتمع الدولي تجاه الصومال، حيث يجب أن تراعي الاستجابة الدولية منظور المرأة، وطبيعة التحديات المعقدة التي يواجهها الصومال، بما في ذلك جهود الإغاثة الفورية، والدعم الطويل المدى للتنمية وتعزيز القدرة على التصدي للتحديات.
وأخيراً تؤكد دولة الإمارات على التزامها التام بدعم الشعب الصومالي. كما نحيط علما بالموقف الذي أعلنته غانا بشأن موقف الدول الأفريقية الثلاث ونؤكد تأييدنا له.
وشكراً