يلقيه معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة
أرحب بدايةً بفخامة الرئيس حسن شيخ محمود في اجتماع اليوم، وأشكر كل من الممثلة الخاصة للأمين العام السيدة لينغ، والمديرة التنفيذية السيدة ماكين، والسفير الأمين، على احاطاتهم الشاملة وآرائهم القيمة، التي جسدت طبيعة التحديات المعقدة التي يواجهها الصومال.
يؤكد خطاب فخامة الرئيس محمود اليوم بأن الصوماليين عازمين على أخذ زمام المبادرة ولديهم الرؤية لإيجاد الحلول اللازمة لتخطي هذه التحديات وتمهيد الطريق نحو مستقبلٍ يلبي تطلعاتهم. ونعرب في هذا السياق، عن دعم دولة الإمارات الكامل للصومال في سعيه لتحقيق هذه الرؤية من منطلق شراكاتنا ودعمنا الراسخ للصومال وشعبه.
وبناءً على ذلك، سأركز في بياني على ثلاث نقاط:
أولاً، يجب دعم رؤية الصومال الوطنية، فقدأظهرت الأشهر الماضية مدى التزام الحكومة الفيدرالية ببناء مؤسسات الدولة وفقاً لاستراتيجية تستشرف المستقبل وتبدأ بالتركيز على المصالحة وتحديث النظام الانتخابي.
ونرى أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة الصومالية للتوصل إلى الاتفاقات والتنازلات المطلوبة في جميع هذه العمليات عبر التفاوض والحوار هي تطوراتٌ مشجعة، وجديرة بالثناء، لاسيما من حيث التركيز على تعزيز التعاون والتواصل بين الحكومة الاتحادية والاقاليم الفيدرالية عبر المجلس الاستشاري الوطني. ونرحب أيضاً بالمناقشات الشاملة للتوصل إلى اتفاق سياسي حول تقاسم السلطة وغيرها من المسائل العالقة المرتبطة بالنظام الفيدرالي في الصومال، خاصة في إطار عملية استعراض الدستور.
ونشدد هنا أن التمسك بمبادئ الاحترام المتبادل والحوار والتسوية، وإنشاء آليات للمصالحة، سيساهم في بناء صومالٍ يلبي تطلعات شعبه.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، يساورنا قلقٌ بالغ إزاء استمرار العنف في منطقة لاس عنود، وما خلفه من ضحايا في صفوف المدنيين. ونؤكد هنا على دعم دولة الإمارات الثابت لكافة الجهود المبذولة لتهدئة التوترات عبر الحوار، مع تقديرنا لجهود حكومة الصومال الاتحادية في هذا الجانب.
ثانياً، يجب إيلاء اهتمام أكبر لدعم جهود الحكومة الصومالية في التصدي لحركة الشباب، فجميعنا نتفق أن الإرهاب الدولي على الأراضي الصومالية يمثل أجسم تحدي أمام تحقيق التطلعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذا البلد.
ونعرب في هذا الصدد، عن بالغ قلقنا إزاء تصاعد الهجمات التي تشنها حركة الشباب ضد المدنيين والجهات الأمنية، ومنها تلك التي تستهدف الطواقم والمرافق التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال “ATMIS”، فعدد الحوادث المتصلة بالإرهاب خلال الربع الأول من عام 2023 قد تجاوز معدل الحوادث المسجلة في جميع التقارير الفصلية السابقة منذ عام 2016.
ومع تأكيدنا بأن التصدي لحركة الشباب يعد جهداً دولياً، لا يفوتنا الإشارة الى الخطوات التي اتخذتها الحكومة الصومالية خلال الأشهر الأخيرة لتقوية مؤسساتها الأمنية وتوجيه رسالة واضحة مفادها أن تفكيك حركة الشباب يعد أولوية، ومنها التقدم المحرز على صعيد تنفيذ حظر الأسلحة المفروض على حركة الشباب، وتعزيز نظام إدارة الأسلحة وتبادل المعلومات بشكل منتظم ضمن إطار الفريق العامل التابع لآلية الأسلحة والذخائر.
ومع ذلك، لايزال هناك العديد من الجهود التي ينبغي بذلها في هذا الاتجاه.
ونرى أن مواصلة إحراز تقدم في عمليات الهجوم مع إيلاء اهتمام متكافئ لإحكام السيطرة على المناطق التي حُررَت من قبضة حركة الشباب يمثل أفضل فرصة لإنجاح هذه الجهود.
ويعني هذا أيضاً ضمان الحصول على دعم المجتمعات المحلية أثناء التقدم في المواجهات ضد حركة الشباب لمنعهم من استغلال أي فراغٍ أمني لتحقيق مآربهم.
أما مجلس الأمن، فيقع على عاتقه أن يظل متيقظاً لاحتياجات الصومال خلال هذه المرحلة الحرجة، ويشمل هذا التأكد من أن الأدوات التي يستخدمها مناسبة للأغراض التي وضعت من أجلها وأن التدابير المعتمدة لردع الجهات الخبيثة تساعد في تلبية الاحتياجات الأمنية لشعب الدولة المعنية، ولا تقف عائقاً أمامها.
ومن المهم كذلك أن تظل مسألة التنسيق بين جميع الشركاء في صلب وصدارة المناقشات الجارية بشأن الانسحاب التدريجي لبعثة الاتحاد الافريقي الانتقالية من الصومال، لضمان اتساق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة، والشركاء الإقليميين، ودول الجوار خلال الفترة الانتقالية.
ثالثاً، يجب على المجتمع الدولي رفع مستوى الاستجابة للأوضاع الإنسانية والتغير المناخي في الصومال. فقد سمعنا منذ لحظات قليلة تفاصيل الأوضاع الصعبة التي يعيشها ملايين الصوماليين يومياً، وهو ما يؤكده أيضاً تقرير الأمين العام الذي يفيد بنزوح أكثر من مليون وأربعمائة ألف شخص بسبب الجفاف منذ يناير العام الماضي، فضلاً عن نُفوق أكثر من ثلاثة ملايين وثمانمائة رأس من الماشية على مدار العامين الماضيين.
ولا شك أن لهذه الأوضاع تداعيات إقليمية، لاسيما على حالة عدم الاستقرار، حيث يتسبب الجفاف في نزوح مئات الآلاف من الصوماليين الى دول الجوار بحثاً عن ملاذٍ آمن. وللأسف، يعد الأطفال والنساء – كما هو الحال دائماً – الأكثر تضرراً من هذه الأوضاع، حيث بلغت نسبتهم 80% من النازحين.
ولهذا، فإن معالجة الأزمة الإنسانية والمناخية المزدوجة تستدعي تنسيق المساعدات وتوسيع نطاقها.
ومن جانبها، حرصت دولة الإمارات – ضمن إطار جهودها الإنسانية – على التخفيف من الاحتياجات الإنسانية على الأرض عبر تقديم مساعداتٍ إنسانية بلغت قيمتها 194.6 دولار خلال الفترة 2018-2023.
ونؤكد، ختاماً، أن دولة الإمارات ستظل شريكاً موثوقاً به للصومال، ونوجه من هذا المنبر رسالة واضحة للشعب الصومالي بأننا ندعمهم ولن نتوقف يوماً عن التضامن معهم في سعيهم لتحقيق السلام والازدهار المستدامين.
وشكراً.