مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة 

ترجمة غير رسمية

يرجى المراجعة أثناء الإلقاء

السيدة الرئيسة،

أشكر جميع من قدموا إحاطات اليوم على أرائهم الثاقبة. كما أشكر الممثل الخاص للأمين العام بيرثيس على إطلاعنا على آخر المستجدات، ونشاطر الآخرين الأمل بأن يواصل فريق الأمم المتحدة الصمود والبقاء في أمان في ظل الظروف الصعبة الراهنة. كما نضم صوتنا إلى جميع من أشادوا بالعمل الشاق الذي تقومون به، ونتقدم بخالص التعازي إلى أسر زملائنا في الأمم المتحدة الذين فقدوا حياتهم أثناء العمل.

مثلما فعلت دول كثيرة في جميع أنحاء العالم، انصب اهتمام بلادي منذ اندلاع النزاع في السودان في 15 أبريل على نقل رعايا الدولة ورعايا الدول الأجنبية الأخرى بصورة عاجلة إلى مناطق آمنة. وقد قمنا حتى الآن بإجلاء عدد من رعايا 19 دولة من الخرطوم إلى بورتسودان. وتمكنا من خلال التعاون مع مصر من المساعدة في تأمين العودة الآمنة للجنود المصريين من السودان. وبالرغم من التركيز الحالي على إجلاء الرعايا الأجانب والدبلوماسيين الدوليين من السودان، إلا أنه يجب عدم نسيان من بقوا هناك. وتولي بلادي أولوية مماثلة للحفاظ على سلامة المدنيين السودانيين.

إننا نشعر بالأسى البالغ لوفاة أربعمائة وسبعة وعشرين شخصاً فقدوا حياتهم بسبب هذا النزاع. ونتوقع في ضوء نقص المعلومات على الأرض بأن تكون هذه الأرقام أعلى بكثير، مثلما ذكر الممثل الخاص بيرثيس في إحاطته.

لذلك، من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى وقف الأعمال العدائية والحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة والذي بدأ منتصف ليلة أمس. فهذا الاتفاق والذي تم بوساطة من الولايات المتحدة سيمهد الطريق أمام إيصال الإغاثة الإنسانية الضرورية.  ومع ذلك، نحن بحاجة إلى تأكيدات من جانب جميع القوات الموجودة على الأرض بأنها ستنفذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل، والذي علمنا أنه مازال يواجه تحديات على الأرض.

من جهة أخرى، نود الإشادة بالتزام القادة الإقليميين بالعمل على وقف تصعيد الأزمة، ونؤكد هنا على الحاجة إلى استمرار هذا الزخم. فالبيانات الصادرة الأسبوع الماضي عن الاتحاد الإفريقي ومنظمة “إيجاد” وجامعة الدول العربية، دعت جميعها وبشكل حازم إلى وقف إطلاق النار. كما أن تعاون الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لدعم السودان، يقتضي منا جميعاً التركيز على منع امتداد أي تداعيات لهذا النزاع إلى باقي الإقليم. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على مجلس الأمن العمل بصورة تتماشى مع هذه الجهود وتعزيزها، لأن إضفاء الطابع الإقليمي على هذا النزاع لن يؤدي  سوى إلى زيادة تدهور الأوضاع.

لقد أشار مقدمو الإحاطات اليوم إلى الوضع الحرج الذي يواجهه ملايين السودانيين. فالخرطوم أصبحت تحت القصف ولم يعد من الممكن استمرار الحياة هناك. وأمام نقص الطعام والمياه، وانقطاع الكهرباء والاتصالات، لم يجد السكان مخرجاً سوى الفرار والبحث عن بر الأمان. في نفس الوقت، أدى القتال المستمر بلا توقف في مناطق أخرى من البلاد إلى زيادة معدلات النزوح.

لقد أدت هذه الأزمة إلى تعطيل عمليات الإغاثة التي تلبي احتياجات ما يقرب من عشرة ملايين سوداني، وإلى عرقلة الاستجابة لاحتياجات النازحين الجدد. حيث أصبح ما يقرب من ثلث المرافق الطبية خارج نطاق الخدمة، بينما يتعرض الباقي منها للقصف والنهب.  وهذا يوضح الظروف الخطيرة التي وجد الأطباء السودانيون أنفسهم فيها. وأود هنا الإشادة بالجهد البطولي الذي يبذله هؤلاء في تأدية عملهم المنقذ للحياة، وأدعو إلى تقديم كافة الضمانات التي تضمن حمايتهم أثناء تأديتهم لهذا العمل الإنساني الهام.

كما نعرب عن قلقنا البالغ إزاء التقارير التي أفادت اليوم بعدم تمكن الفنيين  من الوصول إلى المختبر الوطني للصحة العامة وتأمين المواد البيولوجية الخطرة، وندعو الأطراف إلى السماح بدخول منظمة الصحة العالمية ومسؤولي الصحة العامة المحليين، من أجل تأمين المواد الخطرة والتأكد من سلامتها.

إن عمال الإغاثة والموظفين الدبلوماسيين لم ينجو من المخاطر الجسيمة  لاندلاع العنف، حيث قُتل حتى الآن خمسة من عمال الإغاثة السودانيين منذ بداية العنف. كما قتل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية محمد الغراوي، أحد مسؤولي السفارة المصرية بالخرطوم. ونعرب في هذا الصدد عن خالص تعازينا لجمهورية مصر العربية على هذه الخسارة الفادحة، وإدانتنا القاطعة لمثل هذه الأعمال. كما نواسي عائلات جميع الضحايا الذي سقطوا اليوم في السودان.

السيدة الرئيسة،

إدراكاً للأزمة الإنسانية المُلحة في السودان، اتخذت بلادي عدداً من الخطوات الملموسة لتخفيف الوضع الإنساني على الأرض، وتقديم الدعم لكل من يطلبون الإجلاء. 

وكإجراء فوري، ستقدم بلادي معونات إنسانية عاجلة بقيمة خمسين مليون دولار أمريكي.

وسنستمر في إعطاء الأولوية للأفراد الأكثر تأثرا بهذا النزاع،  خاصة النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، مع توفير الرعاية والاستضافة اللازمة للأشخاص الذين تم إجلاؤهم وجاؤوا إلى الدولة.

بالإضافة إلى ذلك، ستواصل بلادي المشاركة بفعالية في جهود تهدئة الأوضاع على الأرض. والعمل مع الشركاء الآخرين، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي ومنظمة “إيجاد” وجامعة الدول العربية، واللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي ودول الجوار السوداني، من أجل دعم كافة الجهود الرامية إلى وقف التصعيد، وإفساح المجال أمام الحوار مثلما فعلنا خلال الأسبوعين الماضيين.

ختاماً السيدة الرئيسة، نود التأكيد على أنالاستقرار لن يتحقق مع العنف. بل على العكس، فالقتال لن يخلق سوى المزيد من المعاناة غير المحتملة، وسيؤدي لسقوط أعداد أكبر من الضحايا. لا يمكن تحقيق انتصار عسكري في هذا النزاع لأن الثمن سيكون على حساب المدنيين السودانيين.

لذلك، يتعين على جميع الأطراف الفاعلة، سواء الإقليمية أو الوطنية أو الدولية، توحيد جهودها، ونشدد على دعواتنا لوقف إطلاق النار بشكل دائم من أجل إنهاء هذه الأزمة. كما نؤكد دعمنا لجهود الأمين العام، ومواصلة العمل لإنهاء هذا النزاع.

وشكراً السيدة الرئيسة.