يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب نائب المندوب الدائم
السيد الرئيس،
أشكر السيد جير بيدرسون والسيدة ليسا دونتن على احاطتيهما اليوم.
وبما أن هذا يعد آخر اجتماع حول الملف السياسي والإنساني السوري خلال عضوية دولة الإمارات في مجلس الأمن، فأود أن أشارككم بعض الملاحظات حول هذا الملف.
لقد كان جل تركيز هذا المجلس منذ عام 2014 هو تلبية احتياجات الشعب السوري من خلال إنشاء آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، وتجديدها بانتظام، مما ساهم في توفير مساعدات إغاثية لملايين السوريين، ولكننا لاحظنا خلال عامي عضويتنا في مجلس الأمن، أن المسار السياسي لم يحظ باهتمام ٍمماثل من قبل المجلس، رغم أن التوصل لحلٍ سلمي هو السبيل لمعالجة الأزمة الإنسانية بشكلٍ مستدام.
لهذا، وبينما تستمر المساعدات في التدفق عبر المعابر الثلاث – باب الهوى وباب السلامة والراعي – بموافقة الحكومة السورية وجهود الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض، يجب أن يوازي ذلك تكثيف العمل في مجلس الأمن على المسار السياسي ودعم جهود المبعوث الخاص لسوريا للتوصل إلى حلٍ سلمي، باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب السوري وإحلال الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة.
فخلال الأعوام الماضية، لم يشهد المسار السياسي خطواتٍ ملموسة تجاه إنهاء الأزمة السورية، فيما استمرت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في التدهور إلى مستوياتٍ غير مسبوقة، حيث يوجد اليوم أكثر من 15 مليون سوري بحاجة إلى تلقي المساعدات الإنسانية، الأمر الذي يقتضي أن يولي مجلس الأمن للأزمة السورية الاهتمام الذي يوليهِ لغيرها من الأزمات المدرجة على جدول أعماله.
ولا شك أن إنهاء الأزمة السورية سيساهم في معالجة أحد أجسم تداعياتها، وهي أزمة النزوح، حيث يوجد اليوم حوالي 7 ملايين نازح سوري، ولكن ذلك يتطلب توفير الظروف المعيشية الملائمة للعودة الطوعية والكريمة والآمنة للاجئين والنازحين، بما في ذلك عبر تنفيذ مشاريع الإنعاش المبكر.
ومع تأكيدنا على أهمية عمل اللجنة الدستورية من حيث مساهمتها في تعزيز الحوار بين الأطراف السورية لإنهاء الأزمة بقيادة وملكية سورية، ودون تدخلاتٍ خارجية، إلا أن عقد اجتماعها غير كاف، فالمسار السياسي أوسع نطاقاً من ذلك، ويقتضي أن تنصب كافة الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة السورية بدلاً من الاكتفاء بإدارتها.
كما أن هذه المساعي ضرورية لمعالجة الأوضاع الأمنية التي ستزداد سوءاً دون حلٍ سياسي في الأفق، فقد تابعنا بقلق تصاعُد العنف في شمال-غرب سوريا وعلى الحدود الأردنية-السورية والعديد من المناطق الأخرى في أرجاء سوريا، والذي يؤكد على الحاجة لمواصلة العمل على خفض التصعيد ووقف إطلاق النار في كافة المناطق السورية.
وباتت هذهِ المسألة ملحة خاصة في ظل اشتعال التوترات في منطقتنا، فالأوضاع في سوريا لا تحتمل مزيداً من التصعيد.
وختاماً، السيد الرئيس، فإننا نتطلع إلى اليوم الذي تطوي فيه سوريا صفحة النزاع ويعود الأمن والاستقرار إلى ربوعها، فالشعب السوري ذو الحضارة العريقة يستحق مستقبلاً أفضل وأن يعيش بكرامة في وطنه كما عرفناه دوماً. وستظل دولة الإمارات داعمةً للجهود الإقليمية والدولية الهادفة لتحقيق هذه الغايات.
وشكراً، السيد الرئيس.