مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب

نائب المندوب الدائم

السيد الرئيس،

أشكر كلاً من السيد جير بيدرسون والسيد طارق تلاحمه على إحاطتيهما الهامتين.

صادف الأسبوع الماضي مرور اثني عشر عاماً على اندلاع الحرب في سوريا، والتي لا يزال يعاني السوريون من تداعياتها الوخيمة. وجاء الزلزال ليعصف بالأزمة الإنسانية في سوريا وليضيف آلاماً جديدة على السكان. لقد حان الوقت للانتقال إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية في سوريا، وأن تطوي الدول صفحات الخلاف لمعالجة الأزمة السورية، بعيداً عن الاستقطاب والانقسامات التي يشهدها النظام الدولي، إذ لا ينبغي التمسك بالمواقف التقليدية والمتصلبة التي تميز وتفرق بين السوري في دمشق والسوري في إدلب.

وفي سياق مناقشتنا اليوم للأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا، أود الإشارة إلى خمسة نقاط:

أولاً، نشدد بأن إحلال الأمن والاستقرار في سوريا لن يتحقق دون معالجة مختلف التحديات الأمنية وتكريس الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة بدلاً من الاكتفاء بإدارتها.  ونواصل في هذا الصدد الإعراب عن دعمنا لجهود الأمم المتحدة ومساعي المبعوث الخاص لسوريا لتقريب وجهات النظر السياسية الإقليمية والدولية بما يحلحل الجمود الحالي في المسار السياسي، والذي بات ملحاً اليوم أكثر من أي وقت مضى.

كما ندعم دعوة الأمين العام بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا. ونجدد رفضَنا للتدخلات الأجنبية في سوريا ونؤكد على ضرورة احترام سيادتِها واستقلالها وسلامة أراضيها.  وفي هذا السياق، ندين بشدة الغارات الجوية التي خلفت أضراراً في مطار حلب الدولي، ونطالب جميع الدول بالامتثال بالقانون الدولي وحماية البنية التحتية المدنية، خاصةً بعد وقوع كارثةٍ إنسانيةٍ.  

ثانياً، نؤكد أن تفعيل الدور العربي لحل الأزمات العربية ومنها الأزمة السورية هو أمرٌ لا غنى عنه لإحلال الاستقرار في المنطقة، فسوريا دولة عربية، ولا بديل لها عن محيطها العربي، ولا بديل للدول العربية عن احتضانها وتضميد جراحها، وهو ما شهدناه في التضامن العربي مع أشقائنا السوريين بعد الزلزال الكارثي. وقد استضافت بلادي مؤخراً الرئيس السوري من منطلق حرصنا على تعزيز الأمن والاستقرار العربي والإقليمي وامتداداً لتضافرنا المستمر ووقوفنا مع الشعب السوري خلال هذه الظروف القاسية.

ثالثاً، وانتقالاً للأوضاع الإنسانية، نجدد دعمنا الكامل للشعب السوري الشقيق خلال هذه الفترة الحرجة. ومن جانبنا، تواصل دولة الإمارات الاستجابة للأوضاع الصعبة جراء الزلزال، سواء من خلال إرسال مساعداتٍ إغاثية وطبية إلى سوريا وتركيا وتوفير مستشفيات ميدانية، أو عبر العمل عن كثب مع الأمم المتحدة للتخفيف من معاناة المتضررين، حيث بلغت مساعداتنا أكثر من 300 مليون دولار أمريكي لكلا البلدين، منها 20 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة العاجِلة للأمم المتحدة لسوريا. كما استقبلت بلادي العديد من الحالات الحرجة من سوريا لتلقي العلاج.

رابعاً، نشدد على ضرورة الوصول إلى جميع المناطق المتضررة جراء الزلزال عبر كافة الطرق المناسبة وبصورةٍ عاجلة. ومن المؤسف عدم إيصال أي مساعدات عبر الخطوط منذ وقوع الزلزال، الأمر الذي يمثل استغلالاً خطيراً للكارثة الحالية حيث تقوم الجماعات الإرهابية بمنع وصول المساعدات الإنسانية داخل سوريا بشكلٍ تعسفي، في تجاهل صارخ للقيم والمبادئ الانسانية، لتفاقم بذلك معاناة المدنيين. ولابد من العمل على ضمان وصول المساعدات عبر الخطوط دون أي عوائق بناءً على قرار مجلس الأمن 2672.

وأخيراً، نؤكد على ضرورة بذل جميع الجهود المتاحة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى موطنهم بعزة وكرامة وأمن وأمان والاستجابة لاحتياجاتهم الإنسانية، وأخذ ذلك بعين الاعتبار أثناء تنفيذ مشاريع التعافي المبكر وإعادة الأعمار. ونعرب في هذا الصدد عن دعمنا للحوار بين سوريا وتركيا لإحراز تقدم في ملف عودة اللاجئين.

السيد الرئيس، لا يمكن ترك الأوضاع الراهنة في سوريا على حالها، إذ يستحق الشعب السوري الشقيق أن يعيش في بيئة يسودها الأمن والاستقرار، الأمر الذي يستوجب تكثيف الجهود على كافة الأصعدة لإنهاء الأزمة السورية. واختتم بتهنئة الشعب السوري وكافة الشعوب العربية والإسلامية على قدوم شهر رمضان المبارك سائلين أن يعود على الجميع بالخير والبركات.

وشكراً، السيد الرئيس.