يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب نائب المندوب الدائم
السيد الرئيس،
أود بدايةً أن أشكر السيد جير بيدرسون والسيدة إديم وسورنو على إحاطتيهما القيمتين. كما نشكر السيدة سعاد جرباوي على مداخلتها التي سلطت الضوء على الظروف المعيشية الصعبة للشعب السوري الشقيق.
وفي سياق اجتماع اليوم، أود أن أتطرق أولاً إلى المسار السياسي في سوريا، حيث تؤكد دولة الإمارات على أهمية استمرار الحوار وبناء الثقة بين الأطراف السورية، بما يضمن التوصل إلى حل سياسي بقيادة وملكية سورية، باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة.
كما تؤكد دولة الإمارات على أهمية استمرار الزخم الدبلوماسي العربي الذي شهدناه على امتداد الأشهر الماضية لدعم إيجاد حل سلمي، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وذلك بعد غياب أي تحركات جدية على هذا المسار لفترةٍ طويلة.
ونرى أن الدور الذي تضطلع بهِ مجموعة الاتصال العربية بشأن سوريا مهمٌ ويجب دعمه من قبل المجتمع الدولي، خاصة وأن جميع هذه المساعي العربية تهدف إلى مساندة وتعزيز المسار الأممي وجهود المبعوث الخاص.
ونرحب في هذا الإطار، بما ذكره السيد بيدرسون حول عقد اجتماعٍ للجنة الدستورية نهاية هذا العام، حيث نأمل أن تتمكن اللجنة من استئناف أعمالها وتجاوز حالة الجمود التي طالت.
وعلى الصعيد الأمني، نعرب عن قلقنا إزاء تصاعد التوترات في سوريا هذا الشهر واشتعال كافة جبهات القتال، الأمر الذي يستوجب مواصلة الدعوة إلى خفض التصعيد في كافة المناطق ووقف أعمال العنف، خاصة مع هشاشة الأوضاع واستمرار تنظيم داعش الإرهابي في التربص بأي فراغ أمني لإعادة بسط سيطرته على المناطق المحررة.
ونكرر موقفنا الثابت بشأن ضرورة الحفاظ على استقلال سوريا ووحدتِها وسلامة أراضيها، وإحلال الأمن واستدامة الاستقرار فيها.
وفيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية، ترحب دولة الإمارات باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى هذا الشهر، حيث تعد هذه التطورات الهامة والإيجابية نموذجاً على النتائج التي يمكن تحقيقها عبر الحوار البناء والتفاهم المشترك. ونقدر في هذا السياق، جهود الحكومة السورية وأوتشا وتعاونهما الوطيد خلال الأشهر الماضية للتوصل إلى التفاهم المنشود في وقتٍ تشتد فيه الحاجة إلى هذه المساعدات الاغاثية. ونتطلع إلى استمرار هذا التعاون والتنسيق بما يخدم مصالح واحتياجات الشعب السوري الشقيق، الذي نواصل التضامن معه والوقوف إلى جانبه.
ونؤكد على أهمية استمرار وصول المساعدات عبر المعبرين الحدوديين الآخريّن، وآخرها دخول ست شاحنات عبر معبر باب السلامة، مما يساهم في إدخال أكبر قدرٍ ممكن من المعونة عبر كافة الطرق المتوفرة.
ونواصل هنا التأكيد على ضرورة ضمان وصول القوافل عبر الخطوط على نحو منتظم ودون عوائق، وزيادة عددها إلى مستوى يتناسب مع حجم الاحتياجات الهائل على الأرض، خاصة مع موافقة الجانب السوري على فتح معبريّ سرمدا وسراقب حتى فبراير ألفين وأربعة وعشرين.
ويتعين على المجتمع الدولي بحث كافة السبل التي يمكن من خلالها وقف الانهيار الاقتصادي في سوريا، والحد من تداعياته المأساوية على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية للشعب السوري الشقيق، خاصةً مع انخفاض العملة السورية إلى مستوياتٍ غير مسبوقة. ونشدد أن إعادة إعمار سوريا ومساعدتها على التعافي والازدهار سيساهم أيضاً في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها وليس فقط في سوريا.
ولهذا، يجب التركيز على مشاريع الإنعاش المبكر والتي تظل السبيل الأمثل لإحداث تغيير ملموس على الأرض، خاصة من حيث إصلاح البنية التحتية، الأمر الذي سيساهم في توفير مقومات العيش الكريم للسوريين وتهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين. ونشدد مرة أخرى على ضرورة دعم أنشطة إزالة الألغام في سوريا، كجزء من هذه المشاريع، لحماية المدنيين من مخاطرها.
وختاماً، نشدد أن المرحلة الراهنة هي مرحلة حرجة للشعب السوري تقتضي منا أن نضع مصلحتهم فوق أية اعتبارات، بحيث نمهد الطريق نحو وضع حد لمعاناتهم الشديدة وتمكينهم من العيش بأمنٍ، وسلامٍ، وكرامة. أما ترك الملف السوري أسيراً للخلافات الجيوسياسية فلن يصُب في مصلحة أي طرف، بل يُنذر بمزيدٍ من التدهور في الأوضاع الإنسانية والأمنية والاقتصادية التي تطال تداعياتها المنطقة بأكملها، وعلينا كهيئة مسؤولة عن صون السلم والأمن الدوليين تفادي مثل هذه النتيجة.
وقبل أن أنهي كلمتي، وبما أن هذه هي آخر جلسة يشارك فيها المندوب الدائم لسوريا السفير بسام صبّاغ، فأود أن أنتهز الفرصة لأتقدم بالتهنئة له على منصبه الجديد، مع تمنياتنا له بخالص التوفيق والسداد في مهمته المقبلة.
وشكراً، السيد الرئيس.