تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة المندوبة الدائمة
أَوَدُّ بِدايةً أن أشكر السيدة نجاة رشدي والسيد مارتن غريفيث على إحاطَتَيْهِما الهامَّتَيْن.
لقد اعتَمَدَ هذا المجلس قبلَ تِسْع سنوات، آلية إيصال المساعدات عَبْرَ الحدود كتدبيرٍ استثنائي استجابةً للتداعيات الإنسانية الخطيرة للأزمة السورية. واليوم، يظلُّ وجود هذه الآلية مِحوَرياً لإيصال المساعدات الاغاثية، لاسيّما بعدَ الزِلزال المُدَمّر الذي ضَرَبَ سوريا، والذي جاءَ في وقتٍ كانَت فيهِ الاحتياجات الإنسانية في أعلى مستوياتِها، جَرّاء إثني عشرَ عاماً منَ الأزَمة السورية.
ولهذا، ومع اقتراب انتهاء وِلاية آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبْرَ الحدود، وِفقاً للقرار 2672، نؤكد على ضرورة تمديد هذه الآلية لِمُدة إثني عشَرَ شهراً، وذلك بِناءً على المبادئ الإنسانية والاحتياجات الهائلة. كما أنَّ مَعْبَر باب الهَوى يُعتَبَر أساسياً في هذا الجانب، حيثُ تَمُر خمسة وثَمانين بالمِئة من المساعدات عبرَ الحدود السورية-التركية. ونشدد أنّه يقع على عاتِقِنا جميعاً مسؤوليةً أخلاقية تُحَتّم فَصْلَ الواجب الإنساني عن أي اعتباراتٍ سياسية، وكذلك ضمان تلبية احتياجات الشعب السوري الشقيق.
ونؤكد مُجَدداً على الحاجة المُلِحّة لإيصال هذه المساعدات عبرَ كافَة الطُرق، لِضمان حصول جميع المُحتاجين عليها. ونرى في هذا السياق، أنَّ قرار الحكومة السورية الأخير بِتَمديد فَتْح مَعبَرَيْن إضافيَيْن لِمُدة ثلاثة أشهر أُخرى استجابةً للاحتياجات العاجِلة جَرّاء الزِلزال، يُعَدُّ خُطوةً هامة ساهَمَت في نقل آلاف الأَطنان من المساعدات الإنسانية عَبْرَ الحدود السورية-التركية.
أما بخصوص المساعدات عبرَ الخطوط، نُحيطُ علماً بِمُرور القافِلة الحادية عشَرَة لأَول مَرّة مُنذُ فبراير هذا العام، وذلِكَ قبلَ أيامٍ فقط من تمديد آلية إيصال المساعدات عبْرَ الحدود. ونُكرر دَعَواتِنا إلى زيادة عَدَد هذه القَوافِل على نحوٍ مُنتَظَم ومُتواصِل ودونَ عوائِق.
ونطالب جميع الأطراف على الأرض بالسماح بِمرور القوافِل عبرَ الخطوط، إذ لا ينبغي أن تَستخِدم الجماعات المُعَرقِلة هذه المساعدات كوَرَقة مُساوَمة، مع تأكيدِنا أنَّ عَرقَلَة مُرورِها أمرٌ غير مقبول. ولابُدَّ من تقديم التسهيلات المناسِبة لِمرور القَوافِل الإنسانية من قِبَل كافَة الأطراف المَعنية.
ونرحب في هذا الصَّدَد، بِقيام الحكومة السورية بإعطاء الأمم المتحدة موافَقَتَها المُسبَقَة على إدخال المساعدات عبرَ الخُطوط، كجِزءٍ من إجراءاتِها لتسهيل وصول هذه المساعدات.
وبينما تُواصل دولة الإمارات جهودَها الإنسانية للتخفيف من الظروف المَعيشية الصعبة للسوريين، نُشدد على أهمية التركيز على مشاريع الإنعاش المُبكِر وإعادة إعمار البُنية التَّحتية وتأهيل المَرافِق العامة. إذْ لا يزال يعاني السوريون من نقصٍ مُزمِن في الكهرَباء والوقود والمِياه، بينما يواجه أكثر من 12 مليون شخص نقصاً حاداً في الغِذاء، ويحتاج أكثر من 15 مليون شخص، نصفُهم من النساء والفتيات، إلى تَلقَّي المساعدات.
ولهذا، تؤمن دولة الإمارات أنَّ مشاريع الإنعاش المُبْكِر جوهرية لِتقديم الخَدَمات الأساسية للسوريين، فَهِيَ تُسهِم في بِناء المدارِس والمُستشفَيات والمنازِل وتُوَفّر فُرَص عَمَلٍ لهم. ناهيكُم عن ضَرورتِها لِمُعالَجَة الأوضاع الإنسانية عبرَ نَهجٍ مستَدام، يُمكِن من خلالِهِ تهيئة الظروف المناسِبة للعودة الطَوعية للاجئين، وبِما يخَفّف من الضغوط على الدول المُستَضيفة لَهُم.
وقد عَمِلَت دولة الإمارات، ضِمنَ جهودِها لِدعم مشاريع الإنعاش المُبْكِر في المناطق المُتَأَثّرة بالزلزال، على إنشاء ألف وَحدة سكنية مُؤَقتة وتأهيل أربعين مدرسة، إلى جانب الاستعداد للشُروع في إنشاء خَمسمِئَة وَحدة سكنية مُؤقتة إضافية.
وترى بلادي أهمية دعم جهود إزالَة الألغام في الأراضي السورية، كجزءٍ من مشاريع الإنعاش المُبكِر، حيث تساهِم هذه الأنشطة في المساعدة على العودة للحياة الطبيعية، فضلاً عن تفادي التداعيات الكارِثِيّة على المدنيين، وفي مُقَدمَتِهِم الأطفال والعامِلين في المجال الإنساني.
وختاماً، ومع تأكيدِنا على الحاجة لتمديد آلية إيصال المساعدات عبرَ الحدود، إلا أنَّنا نؤكد ضرورة عَدَم اكتفاء المجلس بتدارُك الأوضاع الإنسانية، وإغفال الحاجة إلى إيجاد حلٍ سلمي ودائِم للأزَمَة السورية، يُعالِج كافَة أبعادِها الأمنية والإنسانية والسياسية. كما نَتَطَلَّع في هذا السياق، إلى مواصَلَة المساعي الدبلوماسية العربية، التي نأمَل أنْ تُحرِز تقدماً يساعد سوريا على تجاوُز مُختَلَف التحديات التي تواجِهُها.
وشكراً.