مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوب الدائم

يرجى المراجعة قبل الإلقاء

السيد الرئيس،

نشكر السيد جير بيدرسون والسيد مارتن غريفيث على إحاطتيهما الهامتين.  كما نشكر السيدة رشا محرز على احاطتها المؤثرة ونعرب عن خالص تعازينا ومواساتنا لها ولكافة المتضررين من الزلزال.

السيد الرئيس،

لقد مر الشعب السوري الشقيق بدمارٍ كارِثي هذا الشهر، فبعد إثني عشر عاماً من الحرب والظروف الإنسانية الصعبة، أضاف الزلزال آلاماً جديدة، حيث أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وحول المُدن التاريخية ذات الحضارة العريقة إلى كومة من الأنقاض، وخلف عائلاتٍ مشردة، وأطفالاً مُيتمة.

وبينما يواصل الشعبان السوري والتركي تضميد جراح الزلزال الأول المدمر، جاء الزلزال الثاني في العشرين من فبراير ليضيف المزيد من المعاناة على ملايين السكان، الذين نتقدم لهم، مرةً أخرى، بخالص تعازينا ومواساتنا.

وخلال هذه الظروف الصعبة، كانت روح التضامن الدولية حاضرةً لمساندة الشعب السوري، وفي مقدمتها المساعي العربية، التي برزت في تواصل العديد من الدول العربية مع سوريا خلال الفترة الماضية، وتضافر الشعوب العربية مع أشقائهم السوريين، لتؤكد من جديد ضرورة إعادة الجمهورية العربية السورية إلى حضنها ومُحيطها العربي. وفي هذا الإطار، أجرى سمو وزير الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات زيارةً عاجلة إلى سوريا وتركيا بعد الزلزال لمس خلالها مدى الدمار والمُعاناة في المناطق المتضررة.

وفي سياق الأوضاع الراهنة، أود تسليط الضوء على المسائل التالية:

أولاً، يجب تكثيف الاستجابة الدولية الإنسانية لسوريا، بكافة الطرق المناسبة، وبصورةٍ عاجلة، للوصول إلى جميع المتضررين. ومن هذا المنطلق، رحبت دولة الإمارات بقرار الحكومة السورية فتح معبرين إضافيين لمُدة ثلاثة أشهر استجابةً للاحتياجات العاجلة والاستثنائية جراء الزلزال، حيث ساهمت هذه الخطوة الهامة في نقل آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية-التركية. كما نرحب بما أشار إليه السيد غريفيث حول استمرار وصول هذه المساعدات من المعابر الثلاثة بشكلٍ متواصل ودون عوائق.

ومن جانبنا، فقد حرصنا في دولة الإمارات على الاستجابة لهذه الأوضاع الإنسانية، بما يتماشى مع مبادئ سياستنا الخارجية في إغاثة الشعوب المنكوبة، إذ سارعت بلادي إلى إطلاق عملية إنسانية لإرسال مساعداتٍ إغاثية وطبية إلى سوريا وتركيا وفرق البحث والإنقاذ وتوفير مستشفيات ميدانية. كما قدمنا حزمة مساعدات بلغت أكثر من 200 مليون دولار أمريكي لكلا البلدين، منها 20 مليون لدعم خطة الاستجابة العاجِلة لسوريا. ونعمل كذلك على تيسير جسرٍ جوي تضمن ما يفوق عن 100 طائرة من المساعدات والدعم الطبي، فضلاً عن تيسير جسرٍ جوّي من المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، لتسهيل رحلات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى سوريا.

ثانياً، نؤكد على ضرورة الإسراع في إزالة الأنقاض والبدء بمرحلة التعافي المبكر في جميع المناطق المتأثرة بالزلزال والتي تُعاني من نقصٍ هائل في الخدمات الأساسية وعدم توفر المأوى للمُتضررين، الأمر الذي يتطلب توفير المعدات الثقيلة والمواد الخام لترميم البنية التحتية وإعادة بناء ما هدم. ونُقدر هنا جهود هيئات الأمم المتحدة في دعم مشاريع الإنعاش المبكر ونرى أهمية تركيزها على المناطق المنكوبة.

ثالثاً، علينا أن نظل يقظين حيال استغلال الجماعات الإرهابية باستمرار للأوضاع الهشة لتحقيق غاياتها. ففي الوقت الذي كنا نتابع فيه المشاهد الكارثية التي خلفها الزلزال، قامت الجماعات الإرهابية بعرقلة مرور المساعدات عبر الخُطوط، لتحقيق مكاسب ضيقة على حساب الشعب السوري، حيث ترفض بلادي هذه الممارسات جملةً وتفصيلا كونها تمثل استغلالاً خطيراً للكارثة الحالية. إذ يتطلب الوضع الحالي زيادة حجم ووتيرة المساعدات عبر الخطوط بقدرٍ كبير يتماشى مع مستوى الاحتياجات الراهنة، دون أي عوائق من قبل الجماعات الإرهابية.

كما نُعرب عن بالغ قلقنا إزاء التقارير المتداولة حول قيام تنظيم داعش في سوريا بزيادة حالات الخطف والقتل خلال الأسابيع الماضية. ونُدين الهجوم الإرهابي الذي شنه التنظيم على ريف حمص الشرقي، وأدى إلى مقتل ثلاثة وخمسين شخصاً، مما يدل على استغلالهم الأرعن للكارثة. 

وختاماً، السيد الرئيس، وكون هذا الزلزال المأساوي يُعد من أكبر الكوارث الطبيعية في التاريخ، وسيظل ذكرى أليمة في أذهاننا، لابد من مواصلة التضامن مع الشعب السوري في محنته الصعبة.

وشكراً.