تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة
السيد الرئيس،
بدايةً أشكر السيد جير بيدرسون والسيدة جويس ميسويا على إحاطتيهما الوافيتين.
يأتي اجتماعنا اليوم في وقت تشهد فيه العملية السياسية في سوريا حالة من الجمود، وتستمر فيه الأوضاع الإنسانية بالتدهور، فضلاً عن وجود تحديات أمنية صعبة، مما يثير العديد من الشواغل والتساؤلات حول المرحلة المقبلة، ومصير الشعب السوري الذي يعاني الأمريّن منذ أكثر من عقد على النزاع.
لقد كانت هناك فرصة سانحة لإحداث تقدم في اجتماعات اللجنة الدستورية خلال الأشهر الماضية والتي تعد خطوة أساسية في المسار السياسي، ولكن يؤسفنا ما آلت اليه الأمور بعد إلغاء الجولة التاسعة، لأسباب جيوسياسية، فإلى متى ستظل سوريا ملعباً لتصفية الحسابات السياسية الخارجية التي يعد الشعب السوري ضحيتها أولاً وأخيراً؟
وبالتالي، نرى أن الفترة المقبلة فترة حاسمة من حيث حشد الزخم للعودة الى المحادثات، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي أولاً التوقف عن ربط الملف السوري بالملفات السياسية الأخرى، وثانياً دعم جهود الوساطة التي يقودها المبعوث الخاص بهدف بناء الثقة بين الأطراف.
ونجدد هنا موقفنا الرافض للتدخلات الأجنبية في سوريا، حفاظاً على وِحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها، ونكرر بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، إذ أن التوصل إلى حلٍ سلمي بقيادة وملكية سورية، يعد السبيل الوحيد لإنهاء الازمة ومعالجة كافة تداعياتها الإنسانية والاقتصادية والأمنية بشكلٍ جذري وعلى نحو مستدام، وبما يلبي تطلعات الشعب السوري في تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار.
السيد الرئيس،
يُقلقنا تفاقم الأوضاع الإنسانية في سوريا، والتي يتحمل الأطفال والنساء العبء الأكبر منها، حيث يعاني الملايين من نقص في المياه النظيفة والصالحة للشرب، ويواجه أكثر من 12 مليون سوري انعداماً حاداً في الأمن الغذائي وهي مستويات غير مسبوقة. كما تبقى مسألة توفير الكهرباء للسورين حاجة ملحة ينبغي تكثيف الجهود لتلبيتها، بما يتماشى مع القرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2642، فكما أشار تقرير الأمين العام، يحصل مئات الآلاف من السكان على ساعة واحدة فقط من الكهرباء يومياً، وتعمل الكهرباء في مرافق الخدمات العامة- كالمستشفيات والمدراس- لمدة 8 ساعات يومياً في نصف مناطق البلاد، مما يؤثر بشكل كبير على الأوضاع المعيشية للسوريين. فإلى متى سيعاني الشعب السوري من هذه الأوضاع الإنسانية المزرية؟
ونرحب في هذا السياق بمرور قافلة المساعدات الإنسانية السادسة عبر الخطوط إلى شمال غرب سوريا هذا الشهر، ويؤسفنا ما ذكرته السيدة ميسويا حول تأجيل القافلة الموجهة إلى رأس العين رغم الحصول على الموافقات المطلوبة، إذ نواصل التأكيد على ضرورة ضمان إيصال المساعدات الإنسانية لكافة المحتاجين في جميع المناطق دون عوائق أو تسييس، ومن الضروري كذلك ضمان أن تستجيب هذه المساعدات للاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات، لاسيما الصحية منها.
إن الاستمرار في عدم معالجة الأوضاع السياسية سيعمق الفراغ الأمني الذي تستغله الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم داعش الإرهابي، والذي كما يوضح تقرير الأمين العام، يواصل محاولات تجنيد المقاتلين وحشد الأسلحة وتطوير قدراته القتالية لبسط نفوذه على الأراضي السورية، فضلاً عن التهديدات التي تشكلها الجماعات الإرهابية الأخرى، الأمر الذي يشكل تهديداً جسيماً ليس فقط على أمن واستقرار سوريا، بل على المنطقة بأكملها. ومجدداً، إلى متى ستواصل الجماعات الإرهابية استغلال الأزمة السورية لنشر أجندتها في المنطقة؟
السيد الرئيس، إن إنهاء الأزمة السورية وتداعياتها الأمنية والاقتصادية والإنسانية ليس هدفاً بعيد المنال، بل يمكن تحقيقه إذا ما انصبت الجهود لكسر الجمود الحالي في المسار السياسي.
وشكراً، السيد الرئيس.