على الرغم من التقدم العالمي الهائل في مجال التكنولوجيا ، إلا أنه يجب علينا أن نضمن الاستفادة المثلى من هذه الابتكارات التكنولوجية الحديثة في معالجة النزاعات والتحديات التي تواجه عصرنا. وتؤمن دولة الإمارات إيماناً راسخاً بقدرة التكنولوجيات الجديدة والناشئة على تحقيق تقدم ثوري في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وتعزيز السلام والأمن الدوليين. ومن هذا المنطلق، يجب تيسير حصول عمليات حفظ السلام الميدانية على وسائل التكنولوجيا اللازمة لنجاح مهامها.
إن سهولة حصول قوات حفظ السلام على التقنيات الجديدة والناشئة سيسهم في تحسين إطلاعها على الموقف على الأرض، وتوفير علامات إنذار مبكرة بشأن التحديات المقبلة، فضلاً عن توفير بيانات مفيدة بشأن حماية النساء والأطفال. كما يمكن الاستفادة من المواد الاصطناعية الجديدة والمبتكرة في حماية قوات حفظ السلام من التهديدات أو العناصر التي تشكل خطراً عليها، بالإضافة إلى أن استخدام تقنيات الطاقة الجديدة والبطاريات سيسهم في تحسين فعالية قوات حفظ السلام وتقليل آثار الكربون .
تعتبر دولة الإمارات من أوائل الدول التي تبنت التكنولوجيات الجديدة، حيث أدركنا قدراتها واستوعبنا الأطر اللازمة لتحقيق إمكاناتها بشكل كامل . كما أن موضوع الابتكار يُعد أحد أولويات الدولة أثناء عضويتنا في مجلس الأمن العام المقبل، وخاصة دور التكنولوجيا في مجالات الوساطة وحل النزاعات والمساعدات الإنسانية وحفظ السلام.
وفي هذا السياق، تقترح دولة الإمارات التوصيات التالية :
أولاً: إتاحة استخدام قوات حفظ السلام للتكنولوجيات الخاصة بأنظمة وطائرات بدون طيار في أغراض جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة. كما يمكن استخدامها في الإنذار المبكر بشأن النزاعات والكوارث الطبيعية دون المخاطرة بأي أفراد أو التدخل المباشر الذي قد يعرض الأرواح للخطر. ولتحقيق ذلك، يجب على الأمم المتحدة مناقشة القلق المشروع لدى الجهات المعنية بشأن نشر واستخدام أنظمة وطائرات بدون طيار من أجل زيادة فعالية عمليات السلام على نحو ما أكده الأمين العام في استراتيجيته بشأن التكنولوجيات الجديدة.
ثانيًا: يُتيح استخدام الطاقة المتجددة فرصةً تخفيف المخاطر الأمنية المرتبطة بعمليات حفظ السلام، حيث تعتمد بعثات حفظ السلام حالياً على قوافل نقل وقود الديزل والتي غالباً ما تمر عبر الخطوط الأمامية والمناطق غير الآمنة. لذلك، فإن إدماج مصادر الطاقة المتجددة في مصفوفة الطاقة الخاصة بعمليات حفظ السلام سيُحد من هذا الخطر. فضلاً عن ذلك، تتميز مصادر الطاقة المتجددة بخصائص هامة أبرزها انخفاض نفقات التشغيل وانخفاض مستوى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فضلاً عن تعزيزها لفرص الحصول على الطاقة. ويُعد الدعم المستمر من جانب المجلس لهذه العملية أمراً بالغ الأهمية في تحقيق هدف الطاقة المتجددة البالغ 80 ٪ بحلول عام 2030 وفقاً لما حددته الأمم المتحدة. وقد استضافت بعثة بلادي بالتعاون مع بعثة النرويج ومنظمة Powering Peace حلقة نقاش حول كيفية استخدام الطاقة المتجددة في عمليات حفظ السلام المقبلة، ونتطلع لمواصلة هذا النقاش الهام وخاصة في مجلس الأمن خلال العام المقبل.
أخيراً: يجب أن يتم استخدام وتطوير التكنولوجيا مع مراعاة المنظور الجنساني من أجل توفير حماية أفضل للنساء والفتيات ضد العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، باعتبارهن من الفئات المعرضة بشكل خاص للمخاطر أثناء حالات الصراع وبعدها . ويمكن استخدام التكنولوجيا والبيانات في تحسين قدرات قوات حفظ السلام في هذا المجال، حيث يمكن الاستفادة من تكنولوجيا الجغرافية المكانية في تحديد الأخطار التي قد تتعرض لها الفئات السكانية المستضعفة ، وخاصة حالات العنف الجنسى والعنف القائم على نوع الجنس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام تكنولوجيا الاتصالات في تبادل المعلومات والإبلاغ وتوثيق الانتهاكات وتنسيق الاستجابة للأزمات.
تؤكد دولة الإمارات على إيمانها الراسخ بأن تسخير التكنولوجيا بالشكل الصحيح سيفتح مجالات جديدة وعديدة أمام عمليات السلام. ونحن ملتزمون بالعمل مع الدول الأعضاء ومع منظومة الأمم المتحدة في تطوير أساليب وأدوات جديدة تُسهم في تحقيق الاستفادة القصوى من التكنولوجيا الحديثة في مجال الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.