مشاركة

تلقيه معالي السفيرة / لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

السيد الرئيس،

بدايةً، اسمحوا لي أن أشكر السيدة روزماري ديكارلو على إحاطتها الوافية، كما نقر بخطاب فخامة الرئيس فولديمير زيلينسكي وسرده لآخر التطورات في أوكرانيا بناءً على تجربته المباشرة.

نجتمع اليوم بعد تقارير مقلقة حول هجمات صاروخية مكثفة في المناطق المأهولة بالسكان في أرجاء أوكرانيا، بما يشمل مدينتي كييف وخاركيف. وأخص بالذكر المشاهد الواردة من مدينة كريمنشوك لمركز تسوق، والذي يعد من الأماكن التي نألفها جميعاً في حياتنا اليومية، حيث تشتعل فيه النيران بصورة مروعة. وقد رفع هذا الحادث، الذي يجب التحقيق فيه بالشكل المناسب، حجم الخسائر البشرية الهائلة للحرب. وتعد مثل تلك الحوادث دليلاً واضحاً على سبب حماية الأعيان المدنية بموجب القانون الدولي. وتكرر دولة الإمارات إدانتها الحازمة للهجمات ضد المدنيين والأعيان المدنية والبنية التحتية.

ومع دخول الصراع الآن شهره الخامس، يمكننا أن نرى تأثيره غير المتناسب على النساء والأطفال وكبار السن، حيث نزح أكثر من نصف أطفال أوكرانيا عن منازلهم، فيما يعاني كبار السن والنساء والأطفال من العنف المستمر والصدمات النفسية، في الوقت الذي يلتمسون فيه اللجوء إلى الدول المجاورة.

لقد تأخرنا كثيراً على وضع معايير لمفاوضات وقف إطلاق النار، كنقطة انطلاق لإنهاء هذه الحرب، ففي حال استمرار الصراع دون توقف، علينا أن نتوقع تفاقم تداعياته التي اكتسحت العالم، حيث تعاني الشعوب في جميع أنحاء العالم من هذا الصراع، سواء بشكل مباشر أو بسبب تداعياته على نطاق أوسع، ومنها ما نشهده من تعثر التجارة العالمية، والآثار المترتبة على العقوبات، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما يهدد بحدوث ركود عالمي، وتأثير ذلك سيكون الأشد، كما هو الحال دائماً، على الشعوب الأكثر عرضةَ لهذه التداعيات.

وفي هذا السياق، أود أن أوضح النقاط التالية:

أولاً: يعد تطبيق القانون الدولي الإنساني أمراً أساسياً للحفاظ على حياة الإنسان، والامتثال به هو التزام أخلاقي وقانوني. ونؤكد مجدداً على أهمية احترام مبادئ “الضرورة” و”التمييز” و”التناسب” التي تعتبر مهمة جداً في الصراعات، ومن المهم كذلك ضمان المساءلة. ويجب أن تقتصر أي عملية عسكرية على الأهداف العسكرية فقط، مع اتخاذ جميع التدابير الاحترازية لتجنب الاستهداف المباشر أو غير المباشر للمدنيين.

إن التأثير الكبير لحرب في أوكرانيا على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، يؤكد ضرورة تطبيق المبادئ الواردة في إطار عمل المجلس بشأن حماية المدنيين والأعيان المدنية.

ثانياً: يتعين على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لخفض التصعيد، وأن يبادر في المشاركة لإنهاء هذا الصراع. وقد مر ما يقرب الشهرين على اعتماد هذا المجلس بياناً رئاسياً، يعرب فيه عن بالغ قلقه إزاء صون السلم والأمن الدوليين في أوكرانيا. وبالرغم من ذلك، تشهد الحرب في أوكرانيا تصعيداً مستمراً. وبينما يحدد ميثاق الأمم المتحدة العديد من الأدوات التي يمكن استخدامها للتوصل إلى تسوية سلمية، إلا أن معرفة أن هذه الأدوات متوفرة أو أنها بحوزة الأطراف، لا يكفي لإنهاء الصراع، إذ لابد من البدء في استخدامها، إذ حان الوقت للبدء في حوار جاد حول التحديات الإنسانية، ومنح الأولوية للوقف الفوري للأعمال العدائية، ووضع الخطوط العريضة لحل مستدام ينهي هذا الصراع، وأن يتم ذلك على أساس يمكّن بموجبه بناء السلام. وعليه، نشجع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة، ونحث الأمين العام والآخرين على الجمع بين الطرفين لإجراء مفاوضات بحسن النية لتحقيق السلام المنشود.

ثالثاً: يجب أن تكون المساعدة في تحسين الأمن الغذائي العالمي ضمن أولوياتنا، فهي أمر عاجل لا يمكن تأخيره، حيث بدأنا بالفعل بمواجهة ما وصفه السيد ديفيد بيزلي بوضوح بأننا “نأخذ الطعام من الجياع لإطعام المتضورين جوعاَ”. وبشكل أدق، يتوجب علينا إيجاد حلٍ لتصدير الحبوب والأسمدة باعتبارها بالغة الأهمية للنُظم الغذائية في جميع أنحاء العالم. ونشيد هنا بالجهود المستمرة التي تهدف إلى السماح للسفن بالمرور الآمن من وإلى الموانئ البحرية الرئيسية، بما في ذلك أوديسا. ويتعين على مجلس الأمن أن يبذل كل ما في وسعه لدعم المفاوضات ومعالجة الوضع القائم على نحو أكثر دقة.

وختاماً، السيد الرئيس، إن الدمار الذي لحق بأوكرانيا لا يمكن إنكاره، إذ نجازف بحرمان جيل كامل من الأطفال من التعليم والفرص في مستقبل أفضل. إننا بحاجة إلى مضاعفة جهودنا لتحقيق السلام وإنهاء هذه المعاناة الإنسانية، وعلى المجلس أن يستنفد كل السبل، وألا يأل جهداً لتحقيق هذا الهدف.

وشكراً، السيد الرئيس.