مشاركة

يلقيه سعادة السفير  محمد أبو شهاب، نائب المندوبة الدائمة والقائم بالأعمال بالنيابة

السيدة الرئيسة،

أشكر في البداية وكيل الأمين العام السيد غريفيث على إحاطته العميقة حول حقيقة الوضع في أوكرانيا.

لقد بدأ الشتاء يفرض إيقاعه على الحرب، حيث عكفت منظمات المجتمع الإنساني طوال الأسابيع الماضية على التركيز على كيفية مواجهة الشتاء، ورأينا مع بداية البرد القارس كيف كثفت المنظمات الإنسانية استجابتها في أوكرانيا لتقديم الدعم لمن هم في أمس الحاجة. ومثلما استمعنا اليوم، فإن الوضع هناك لايزال حرجاً، لاسيما في المناطق التي شهدت أو مازالت تشهد قتالاً وقصفاً عنيفاً، مثل مدينتي ميكولايف وخيرسون، حيث أدى نقص الكهرباء والمياه الجارية والتدفئة وندرة الغذاء والدواء إلى خلق ضغوط كبيرة على جهود الاستجابة الإنسانية.

وإشادتي هنا لا تقتصر فقط على جهود الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الرئيسية، بل أيضا جهود المستجيبين المحليين والمنظمات المدنية التي  استخدمت تدابير مبتكرة لتلبية التنامي المستمر في الاحتياجات الإنسانية، بما يشمل توزيع المولدات الكهربائية، وإنشاء محطات تدفئة وشحن متنقلة، والعمل على إصلاح شبكات الكهرباء والمياه المتضررة بشكل سريع.

وبالرغم من هذه الجهود، فقد جلب الشتاء في أوكرانيا مخاطر جديدة لم نكن نتوقعها، أبرزها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة المخفية تحت الثلج والجليد. ونعرب في هذا السياق عن قلقنا البالغ إزاء التقارير التي أفادت بأن نقص التدفئة تسبب في دفع السكان، لاسيما الأطفال، نحو جمع الحطب من الغابات المليئة بالمتفجرات المخفية لتأمين التدفئة.

السيدة الرئيسة،

إن آخر مرة ناقش فيها المجلس وضع الأطفال في أوكرانيا كانت في سبتمبر الماضي مع بداية العام الدراسي. ولا حاجة هنا لكي نؤكد على الأهمية البالغة للتعليم، والتي لا تقتصر فقط على مجرد التعلم في حد ذاته وتمكين جيل ضائع من مواصلة تعليمه، بل هو أيضاً عنصر مهم في تحقيق الاستقرار والتواصل اللذين يحتاجهما الأطفال بشدة لمواجهة الصدمات النفسية الناجمة عن الحرب. فقد أشارت التقديرات الحالية إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين يتعلمون عن بعد بسبب الحرب في أوكرانيا إلى ما يقرب من 2.6 مليون طفل منذ سبتمبر الماضي. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فهؤلاء الأطفال لم يتمكنوا  من مواصلة تعليمهم عن بُعد بسبب انقطاع التيار الكهربائي نتيجة تقليص فترات استخدامه في حالات الطوارئ بسبب استهداف البنية التحتية للطاقة. ولذلك، فإننا نكرر دعوتنا لجميع الأطراف بضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع استهداف البنية التحتية المدنية لتمكين جميع الأطفال من الحصول على التعليم بشكل آمن.

بالإضافة إلى ذلك، يتعين علينا حماية الأطفال من كافة الآثار السلبية الناجمة عن النزاع المسلح، والتي لم تعد تقتصر فقط على تهديد السلامة البدنية للأطفال، فالآثار النفسية والاجتماعية الناجمة عن الصراع قد تؤثر على جيل بأكمله من الأطفال. ويؤدي تشتت العائلات وإجبار الأطفال على الانتقال أو الاحتماء تحت الأرض إلى تعطل أنشطتهم اليومية وتأثر صحتهم العقلية. ونود هنا أن نشيد بجهود جميع العاملين على الأرض، خاصة المنظمات المدنية التي تعمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم للأطفال المتأثرين بالحرب.

وكما رأينا، نحن نستطيع، بل ويتحتم علينا، فعل المزيد من أجل حماية الأطفال في أوكرانيا، على ألا  ينسينا ذلك ضرورة تخفيف معاناة الأطفال الآخرين في باقي مناطق العالم، والذين تأثروا نتيجة تفاقم أزمة الغذاء العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا. وقد شعرنا بالتفاؤل إزاء انخفاض مؤشر الأسعار العالمي التابع لمنظمة الأغذية والزراعة، والذي أظهر انخفاضاً طفيفاً في أسعار الغذاء العالمية بسبب تجديد مبادرة حبوب البحر الأسود. وبالرغم من ذلك، ما زلنا نشهد زيادات قياسية في أسعار المواد الغذائية مما يؤثر بشكل حاد على الدول الأكثر فقراً.  كما تعاني المناطق التي لا تتوافر فيها أسمدة من انخفاض كميات المحاصيل، مما يهدد التقدم المحدود في خفض أسعار المواد الغذائية. ونرحب هنا بتبرع  روسيا بـ 260 ألف طن متري من الأسمدة،  وانطلاق أول شحنة إلى ملاوي. كما نرحب بوصول القمح الأوكراني إلى إثيوبيا مؤخراً، ونأمل بإرسال المزيد من الشحنات خلال الأشهر المقبلة، واستمرار جهود تعزيز إمدادات الأسمدة. ونؤكد في هذا الصدد، على أهمية وصول شحنات الحبوب التي تم تيسيرها بموجب الاتفاقات المبرمة في إسطنبول في يوليو الماضي إلى المناطق التي هي في أمس الحاجة إليها، والعمل الجماعي لضمان عدم تعرض الأطفال للجوع – سواء في أوكرانيا أو مناطق العالم الأخرى.

مرة أخرى، نؤكد على ضرورة وقف التصعيد وإيجاد حل دبلوماسي لهذه الأزمة، كما يجب على المجلس تشجيع الحوار وتهيئة بيئة مناسبة لوقف الأعمال العدائية من أجل إنهاء القتال. ومن جانبنا، فإن دولة الإمارات تؤكد على استعدادها لبذل مساعيها الحميدة والمساهمة في الجهود الرامية إلى تحقيق هذه الأهداف.

.وشكراً السيدة الرئيسة