مشاركة

السيد الرئيس،

أود بدايةً أن أتقدم بالشكر للسيدة أليس نديريتو على إحاطتها الوافية، كما استمعنا باهتمام للسيدة ليوبوف تسيبولسكا والسيد جاريد كوهين.

نستحضر اليوم مرةً اخرى التكلفة البشرية الفادحة لهذه الحرب، حيث قُتل الآلاف، وتم تشريد الملايين، بينما يواجه عشرات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم ارتفاع في انعدام الأمن الغذائي، ومع دخول النزاع شهره الخامس، أصبح جلياً بأن الاحتياجات الإنسانية هائلة وستتطلب استجابة طويلة الأمد. ومن جانبها، أرسلت دولة الإمارات خلال الأسبوع الماضي 27 طناً من المواد الغذائية والإمدادات الطبية لمساعدة الفارين من النزاع.

ومع القتال الضاري في شرق أوكرانيا، هناك تقارير مقلقة على نحوٍ متزايد عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين وعدم التمكن من الحصول على الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والمياه النظيفة والكهرباء والصرف الصحي،

ونُعرب في هذا الصدد عن بالغ قلقنا إزاء وضع المدنيين العالقين في سيفيرودونيتسك، بما في ذلك في مصنع أزوت للكيماويات، كما يؤسفنا عدم وجود تقدم ملحوظ في إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في خضم القتال العنيف، إِذ لا يزال إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المدنيين، والسماح بالمرور الآمن والطوعي إلى من يبحثون عن الأمان، ضرورةً مطلقة وينبغي أن تكون في طليعة المسائل التي ينظر فيها هذا المجلس، ونؤكد مرة أخرى على ضرورة أن تمتثل كافة الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.

ومثلما تكرر مرارا في هذه القاعة، فإن منع التحريض على العنف يُشكل عنصراً أساسياً في حماية المدنيين، وإدراكاً لذلك، سعى المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات لمواجهة خطاب الكراهية، حيث احتفلت الجمعية العامة يوم أمس، ولأول مرة، باليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية، ومع ذلك، لا زلنا نشهد تصاعداً في التحريض على الصعيد العالمي، وأود في هذا السياق، تسليط الضوء على النقاط التالية:

أولاً، نُدين بشدة كل أشكال خطاب الكراهية والتحريض، وقد دأبت دولة الإمارات على اتخاذ موقف قوي ومبدئي على الصعيدين المحلي والدولي ضد خطاب الكراهية والتعصب، إذ تُغذي الكراهية التطرف وتهدد التعايش السلمي، بينما يساهم الحوار البنّاء في تعزيز التسامح ويشكل أساساً لتحقيق المصالحة، وللمرأة على وجه الخصوص أهمية بالغة في التوصل إلى حلول سلمية دائمة وطويلة الأجل، ولذلك ينبغي ضمان مشاركتها بشكل كامل ومتساوٍ وهادف في كافة جهود السلام، بما في ذلك جهود الوساطة والحوار.

ثانياً، يجب على المجلس أن يضاعف جهوده للتصدي للاستغلال الخاطئ للتكنولوجيا لنشر خطاب الكراهية، حيث يشكّل استخدام التكنولوجيا الرقمية لنشر المعلومات المضللة وخطاب الكراهية تحديًا خطيرًا لاسيما في مناطق النزاع. كما تعتبر التهديدات التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني خطيرة على نحو خاص نظراً إلى آثارها المضاعفة على المدنيين الذين يحاول هؤلاء العاملين مساعدتهم. وللتصدي لتداعيات التحريض على الكراهية، فإننا بحاجة إلى تحديد واستخدام سرد مضاد وفعال، ودعم التوعية في وسائط الإعلام، والتعاون عن كثب مع القطاع الخاص.

ثالثاً، نؤمن أن إجراء تحقيقات شاملة وجمع البيانات ضرورية لتحقيق المساءلة، حيث إن هناك عدداً من الجهود الجارية في مجالات التحقيق وتقصي الحقائق، بما في ذلك لجنة التحقيق المعنية بأوكرانيا والتي أنشأها مجلس حقوق الإنسان للتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي. كما أن التحقيق بنزاهة في الوقائع والملابسات يعد أساسياً لتحقيق العدالة للضحايا والناجين، ولمكافحة الإفلات من العقاب على نطاق أوسع، ولذلك، فإنه من الضروري أن تُمنح الآليات المناسبة الوقت والمجال اللازمين للاضطلاع بأنشطتها.

وأخيراً، فإن العنف في أوكرانيا يذكّرنا بشكل ملموس بضرورة أن يقوم المجلس بإعطاء الأولوية لتسوية النزاعات ووقف التصعيد، إذ ينبغي أن ينصب تركيزنا على إيجاد حل دبلوماسي يخفف من المعاناة الإنسانية، ونرحب في هذا الصدد بالجهود التي يبذلها الأمين العام وغيره لمحاولة التقريب بين الجانبين، كما نرحب بجهودهم للتخفيف من آثار النزاع الأوسع نطاقاً، بما في ذلك من خلال السعي لتيسير صادرات الحبوب من أوكرانيا للمساعدة في التخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي العالمي، ولكن المطلوب في نهاية المطاف هو الوقف الفوري للأعمال العدائية في جميع أنحاء أوكرانيا، إِذ ينبغي أن يكون تحقيق السلام غايتنا الاسمى، وعَلى هذا المجلس ألا يدخر جهداً لتحقيق هذا الهدف.

وشكراً، السيد الرئيس.