مشاركة

أود بدايةً أن أشكر السيد مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، والسيدة كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسيف، على إحاطتيهما.

كما أشار المتحدثون قبلي، فقد وصلت الأوضاع الإنسانية في أوكرانيا الى مستوياتٍ كارثية. حيث يواجه اليوم أكثر من 40 مليون أوكراني، منهم سبعة ملايين ونصف مليون طفل، حالةً من انعدام الأمن، وأضرار وتدمير في البنية التحتية، ونقص شديد في الخدمات الاساسية. وكما ذُكِرَ، هناك ما يقارب مليون وسبعمئة ألف أوكراني ما بين نازح ولاجئ، في الوقت الذي تستمر فيه أعداد القتلى والجرحى بالارتفاع. في ظل هذه الحقائق المريرة، يتعين علينا كمجتمع دولي بَذل قُصارى جهودِنا للتخفيف من المعاناة الإنسانية للأوكرانيين بشكلٍ عاجل، مع تكثيف مساعينا لإنهاء القتال وإيجاد حل مستدام للأزمة الحالية.

ومن هذا المنطلق، ترى دولة الإمارات أهمية التركيز على المسائل التالية:

أولاً، ندعو كافة الأطراف إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي. ويتضمن هذا بشكل أساسي الحاجة إلى عدم جعل المدنيين والأعيان المدنية، ومنها المدارس، والمستشفيات، موضع إستهداف. ونشير أيضاً إلى أن تدمير البنية التحتية في أوكرانيا يؤثر بشدة على الأوضاع الإنسانية مع صعوبة الحصول على الاحتياجات المُلحة مثل المياه والخدمات الصحية والإمدادات الغذائية.

كذلك لابد من السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمُحتاجين دون تقييد ذلك بأي اتفاقات لوقف إطلاق النار، فضلاً عن ضمان سلامة العاملين في المنظمات الإنسانية.

ونؤكد على ضرورة وَقْف الأعمال العِدائية للسماح للمدنيين المنكوبين بالخروج من المدن التي تتعرض للعنف ومنها ماريوبول، وخاركيف، وسومي. ويُؤسِفُنا بشدة في هذا السياق انهيار الممرات الإنسانية التي تم الاتفاق عليها. وندرك أن الممرات الإنسانية هي حلول مؤقتة وغير مثالية، ولا تُعَد بديلاً عن احترام القانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، يمكن للممرات الإنسانية المنشأة بطريقة مناسبة أن تكون بمثابة إجراءات فورية بينما ننظر في كافة السُبُل التي يمكن أن تُساهم في حماية المدنيين.

ثانياً، هناك حاجة ماسّة لوجود مبادرات عملية تُساهم في بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة وضمان احترام القانون الإنساني الدولي. فمثلاً، ينبغي تحديد رفات القتلى واحترامها، وينبغي التنسيق لإعادتها متى أمكن ذلك. كما ينبغي توفير الحماية من قبل الأطراف لكافة الأفراد المَحميين بموجب القانون الإنساني الدولي، ومنهم الجنود الجرحى، أو المرضى، أو الأسرى.

ثالثاً، نناشد المجتمع الدولي بتكثيف الجهود لتوفير الدعم الإنساني لأوكرانيا بشكلٍ عاجل، بما في ذلك عبرَ المُساهَمة في تلبية النداء الإنساني العاجل للأمم المتحدة والخطة الإقليمية للاستجابة للاجئين في أوكرانيا وغيرها من المبادرات. ونشيد هنا بدور الأمانة العامة للأمم المتحدة في دعم وتنسيق الاستجابة الإنسانية، والتي يجب أن تركز بشكل خاص على النساء والأطفال. كذلك نُثْني على الجهود التي تبذُلُها دول الجوار في استقبال الأوكرانيين. من جانبها، ستقدم دولة الإمارات خمسة ملايين دولار أمريكي للتخفيف من معاناة الأوكرانيين، فضلاً عن ارسالنا لأوكرانيا 30 طُناً من الإمدادات الطبية والاغاثية اليوم.

وختاماً، نؤكد أنَّ حل الأزمة الإنسانية جذرياً وتجنب وقوع المزيد من الأضرار والضحايا، يتطلب في المقام الأول ضبط النفس والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء أوكرانيا، الى جانب تفعيل القنوات الدبلوماسية لإنهاء النزاع بشكلٍ مستدام. ونرحب بمواصلة انخراط المجتمع الدولي على مستوياتٍ رفيعة مع كل من الطرفين، والتي نرى أن من شأنِها أن تُساهم في المُضي قُدُماً نحوَ التوصل إلى حلٍ دبلوماسي، بما يخدِم صَون السلم والأمن الإقليميين والدوليين، ويحفظ كرامة واحتياجات ملايين المدنيين.

وشكراً.