مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

شكراً لكم السيد الرئيس، وشكراً أيضاً السيدة وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، والسيدة مساعدة الأمين العام لشؤون حقوق الإنسان إيلزي براندز كيريس، على إحاطاتكم حول الواقع الصادم، كما أرحب بمشاركة السيدة دريك.

مثل العديد من الأسر في نيويورك وحول العالم انشغلنا هذا الأسبوع بالتحضير لبداية العام الدراسي الجديد. ولأن هذه الفترة من المفترض أن تضفي البهجة والتشويق على الأسر، وخاصة الأطفال فيها، فإنه من الصعب جداً تخيلها في ظل الصراع الذي نناقشه اليوم وأي من الصراعات الأخرى حول العالم المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن. إن صور الأطفال الأوكرانيين العائدين لفصول الدراسة كانت مؤثرة جداً – لا سيما وأن الحرب طالت حوالي 2,300 مؤسسة تعليمية مدمرةً في ذلك 300 منها، حسب تقارير الأمم المتحدة.

الحرب في أوكرانيا، مثل كل الحروب، أتى وقعها على النساء والأطفال أشدُ وطأة. وفي هذا الوقت من العام بالذات، نستذكر إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للطفولة حول عدد الأطفال الذين اضطرتهم الحرب للخروج من البلاد، وغيرهم كُثر شُرِدوا في الداخل. بعضهم سيحضر فصول دراسية افتراضية من أوكرانيا، ولكن الأغلبية تحتاج لمدارس ومرافق رعاية أين ما دفعت بهم الحرب للجوء. حتى أولئك المحظوظين بوجود بإمكانية الذهاب للمدارس سيعانون الأثر النفسي للصدمة وصعوبة التأقلم معه. 

وعلى السلطات الروسية والأوكرانية النظر في الحالة التي أوردها السيد كيريس في إحاطته حول حماية الأطفال وتصحيحها فوراً، لأنها تشكل جانباً يستدعي التواصل بين الطرفين كما يتوقع المجتمع الدولي.

وليس من مثالٍ أكمل من الذي يتجلى أمامنا على الحاجة إلى نهجٍ إنساني يراعي منظور الجنسين. ينبغي على مجلس الأمن أن يدعو المانحين والجهات الإنسانية لبلورة حلول مصممة خصيصاً لتلبي احتياجات النساء والأطفال في أوكرانيا.

في مواجهة هذه التحديات الصعبة نُشيد بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والشركاء الإنسانيين لاستجابتهم السريعة لاحتياجات النازحين، والبلدان المضيفة والذي يزيد استمرار الصراع للحاجة لكرم الحماية والخدمات، بما في ذلك التعليمية منها، التي تقدمها هذه البلدان لمن أتوها لاجئين. كما وأننا نشير مرة أخرى إلى واجب تقديم الحماية دون تحيّزٍ أو تمييز.

السيد الرئيس،

لا يُجبر على النزوح إلا من بلغ به الضعف أقصاه، لذا من الضروري مراعاة كرامتهم وحرية قرارهم. حيث يجب توفير المرور الآمن والطوعي لكل باحثٍ عن الأمان، عند سماح الظروف، والأمر ذاته ينطبق على العائدين إلى موطنهم، حيث تكون العودة طوعية، آمنة، كريمة، ومستقرة.  ونؤكد مجدداً هنا أن على جميع الأطراف التقيد بصرامة بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك جوانب القانون الإنساني الدولي التي تعالج النزوح.

ثبُت منذ بداية هذا الصراع، التحدي الخاص الذي يشكله ضمان سلامة النازحين، ومع اشتداد القتال مؤخراً في المناطق المحيطة بخيرسون وخاركيف ودنيبرو يلزم تأمين وحماية الجهات الإنسانية الداعمة لعمليات الإجلاء. وفي الوقت نفسه، فإن تدمير البنية التحتية للمياه والكهرباء والغاز، كما يرد في التقارير عن الحرب، تجعل الناس عرضة لخطر انعدام الخدمات الممكنة للحياة، خاصة مع اقتراب الشتاء. ونكرر هنا دعوتنا لحماية المدنيين وجميع الأعيان المدنية، بما في ذلك تلك التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، وتجنيبها الاستهداف.

إن استمرار الصراع يعمق الحاجة لوقف العنف والمعاناة، لذلك يجب أن نضاعف جهودنا لدعم وتنشيط المسارات التي قد تخفف من آثاره وتعدنا للمزيد من خطوات بناء الثقة، فذلك هو الطريق الوحيد إلى الأمام. لقد رحبنا خلال الشهر الماضي باستئناف الصادرات الزراعية من أوكرانيا نتيجةً لمبادرة حبوب البحر الأسود، ولكن من المهم أن تصل الحبوب إلى من هم في أمس الحاجة إليها، وليس فقط أولئك المقتدرين على دفع ثمنها. في الوقت نفسه، نأمل أن نرى تقدماً مستعجلاً في طرح الأسمدة الروسية أيضاً في الأسواق العالمية، فهذا أمرٌ محوري إذا أردنا ضمان حصاد العام المقبل، وتجنب تدهور أزمة الغذاء الحالية. ولن يساهم ذلك في تلبية الاحتياجات الملموسة للملايين حول العالم فحسب، بل قد يخلق أيضاً زخماً للتوصل لاتفاقيات أخرى تعالج الأزمة.

السيد الرئيس،

ما زلنا نجتمع هنا لنستمع إلى تكاليف الحرب المتصاعدة، ومثل كل الحروب فإن مرور الأيام يزيد الخسارة الإنسانية سوءً. ولكن ما نحتاجه الآن هو الأفكار البناءة وإرادة سياسية تحولها لحقيقة واقعة. لقد شهدنا على ذلك، بشكل بسيط، قبل ستة أسابيع في إسطنبول، وليس تكرار ذلك المشهد بمستحيل. ولوقف الأعمال العدائية أن يكون الخطوة الأولى.

وشكراً السيد الرئيس،