مشاركة

شكراً السيد الرئيس،

قبل أن أبدأ، أود أن أنضم إلى زملائي في الإعراب عن خالص تعازي دولة الإمارات العربية المتحدة إلى حكومة وشعب المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية في وفاة صاحبة الجلالة الملكة إليزابيث الثانية. فبعد احتفالها بالذكري السبعين لاعتلائها العرش في الصيف الماضي، امتد حكم صاحبة الجلالة ليشمل فترة عصيبة في تاريخنا الحديث. هناك الكثير والكثير الذي يمكن أن نقوله وسنتذكره عن حياة صاحبة الجلالة الطويلة والرائعة، ولكني في الوقت الحالي سأكتفي بالتأكيد على وقوفنا بجانب المملكة المتحدة في هذا الوقت الصعب، وكيف كانت الملكة إليزابيث الثانية مصدر إلهام حقيقي لنا في التزامها بواجباتها وتكريس حياتها لخدمة شعبها. ومع إننا نشعر بالحزن البالغ لرحيل صاحبة الجلالة، إلا أنه ينبغي علينا أيضاً أن نحتفي بحياتها وانجازاتها وإرثها الاستثنائي الذي نعيشه.

وبالنسبة لموضوع اجتماعنا اليوم، أود أن أشكر الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، السيدة/ إيزومي ناكاميتسو، على إحاطتيها بشأن آخر المستجدات، كما أخذنا علماً بما ورد في إحاطة السيدة تريفكوفيتش.

لقد التقينا، كما ذكر آخرون، مرات عديدة لا تحصى لمناقشة الحرب في أوكرانيا وأسبابها وتداعياتها. ومع أننا لا ننسى أن ما يحدث في أوكرانيا هو نتيجة للحرب، ولكن كما أكدت في هذه القاعة من قبل لا يمكن تغيير الماضي،  إلا أنه مازال بإمكاننا التأثير على المسار الحالي والمستقبلي لهذا الصراع. وهذا هو السبب في أن هذا الموضوع يستحق منا الاهتمام في المحفل المناسب مع الخبرة التقنية المطلوبة لمناقشته بشكل شامل.

لقد دعت دولة الإمارات مراراً لوقف الأعمال العدائية والتوصل لتسوية سلمية للصراع. ولكي نتمكن من إنهاء الصراع بشكل سلمي، يجب أن تكون الإجراءات التي يتخذها الأطراف أو الجهات المعنية محسوبة ومدروسة. إن الحرب مستعرة منذ أكثر من 6 أشهر حتى الآن، ومرشحة للأسف للتحول إلى صراع طويل الأمد بسبب تصميم كلا الجانبين على تحقيق نصر عسكري. ومع ذلك يجب عدم استسلامنا لهذه الحقيقة والذي يعتمد عليه عدد لا حصر له من الأرواح المعرضة للخطر.

إن هذه الحرب لن يتم تسويتها عسكرياً. فعاجلا أم آجلا، ونأمل أن يكون عاجلاً، سيتعين إجراء حوار حقيقي والتوصل لحل سياسي يقوم على احترام السيادة والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ولذلك، يجب ألا نسمح للتكتيكات العسكرية  للحرب بتقويض هدف السلام الاستراتيجي.

نادراً ما يكون السعي للحفاظ على السلم والأمن الدوليين مجرد معادلة سهلة الحل. فالصراعات المسلحة ستظل دائما جانباً قاسياً في الواقع الذي نعيشه، وعلينا أن ندرك أهمية السعي بقوة لضمان النقل الآمن للأسلحة. كما أنه في غاية الأهمية حصر المتلقين النهائيين للأسلحة والذخيرة حتى لا ينتهي المطاف بهذه الأسلحة ومن دون قصد إلى أيدي الإرهابيين. لقد تعّلمنا من التجارب السابقة (التاريخ) مخاطر التركيز فقط على الأهداف قصيرة المدي، وتجاهل الآثار البعيدة المدى لتدفق الأسلحة الفتاكة،  عند اتخاذ قرارات تتعلق بتوريد الأسلحة ونقلها وتخزينها بشكل آمن.

كما نشعر بالقلق إزاء تحذيرات الأمين العام للإنتربول في يونيو الماضي بشأن مخاطر حصول الجماعات الإجرامية على أسلحة، والاحتمالات الحقيقية لاستغلال هذه الجماعات لانتشار هذه الأسلحة. وهذا أمر خطير لاسيما في حالة الأسلحة الصغيرة والخفيفة التي يسهل حملها. إننا ندعم دعوات الإنتربول للموردين لتتبع وتعقب الأسلحة التي تدخل أوكرانيا من أجل تقليل مخاطر أي زيادة محتملة في الجرائم العابرة للحدود الوطنية وعدم الاستقرار الإقليمي أثناء الصراع وبعده.

تهدد التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في جميع أنحاء العالم بتقويض الآليات الحالية المعنية بإدارة الصراع وتعزيز الاستقرار وتحقيق الازدهار والتنمية لجميع شعوبنا.  فعلى سبيل المثال، لقد أثرت التوترات الجيوسياسية بشكل كبير على نظام الحد من الأسلحة في العالم، واتضح ذلك عندما فشل المؤتمر الاستعراضي العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والذي يُعد حجر الزاوية في نظام عدم الانتشار ونزع السلاح النوويين، في التوصل لنتيجة متفق عليها.  وتُعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شنتها حركة الشباب في الصومال والعروض الحوثية للأسلحة الثقيلة في اليمن بمثابة تذكير مستمر بالمخاطر المرتبطة بالتنفيذ المحدود للآليات الحالية للحد من الأسلحة. فإذا لم نفعل شيئاً، فإن انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة سيزداد بشكل كبير.

السيد الرئيس،

اسمحوا لي أن أنهي كلمتي بأن أشير إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي يجتمع فيها المجلس خلال الأيام الثلاثة الماضية لمناقشة القضايا المتعلقة بالصراع في أوكرانيا، مما يعكس خطورة الوضع والتحديات المتعددة الأبعاد التي نواجهها. في الوقت نفسه، يجب أن نتأكد من أننا قادرون على إحراز تقدم في القضايا الأخرى المهمة المدرجة على جدول أعمال المجلس وأن الديناميات المرتبطة بهذه القضية لا تمتد أو تؤثر على قدرتنا على التوصل لتوافق في الآراء بشأن الملفات الاخرى المهمة. وللقيام بذلك، يجب علينا مضاعفة جهودنا لتحقيق نتائج ملموسة في عدد من القضايا التي تستحق اهتماماً مماثلاً، بدءاً من الشرق الأوسط إلى أفريقيا وباقي أنحاء العالم.

إن المجلس مسؤول عن صون السلم والأمن الدوليين ويجب أن نسعى لأداء ذلك الواجب على أكمل وجه ممكن.

شكراً السيد الرئيس،،