مشاركة

تلقيه معالي / نورة الكعبي
وزيرة دولة

السيدة الرئيسة،

نشكر موزمبيق على تنظيم هذه المناقشة المفتوحة عشية اليوم العالمي للمرأة، كما نشكر وزيرة الخارجية معالي فيرونيكا دلوفو على ترؤسِ اجتماع اليوم. لقد أثبتت النساء، مراراً وتكراراً، على مر التاريخ في موزمبيق ضرورة عدم الاستهانة بمساهمات المرأة في السلام.  فقد قالت السيدة ديم ماشيل في عام 2015: “إن المساواة بين الجنسين هو الهدف الذي سيساعد في القضاء على الفقر، وسيخلق اقتصاداتٍ أكثر مساواةً، ومجتمعاتٍ أكثر عدالةً، ورجالاً ونساءً وأطفالاً أكثر سعادةً”.  وهذا تذكيرٍ مهمٍ بأن مشاركة المرأة الكاملة والمتساوية والهادفة هي جزءٌ لا يتجزأ من بناء الدول وجهود احلال الأمن والاستقرار فيها.

والشكر أيضاً موصول إلى المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة السيدة سيما بحّوث، وإلى رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش إيغر، وكذلك المبعوثة الخاصة بينيتا ديوب، والسيدة غيبوي الحائزة على جائزة نوبل للسلام على إحاطاتهن القوية.

إن الرسالة هنا واضحة: ففي كل خطوةٍ تخطوها النساء والفتيات نحو الأمام في العالم، نتراجع أمامها خطوتين إلى الخلف. فالكراهية وهجمات العنف ضد النساء والفتيات اللاتي يحاولن بناء السلام والحفاظ عليه في مناطق النزاعات لاتزال مستمرة، إذ تتعرض النساء والفتيات في أفغانستان لمحاولات ممنهجة لإقصائهن من مجتمعاتهن، بينما تضطر النساء والفتيات للبحث عن ملاذٍ بعيداً عن منازلهن سواء بسبب الآثار المدمرة للزلازل في منطقة الشرق الأوسط، أو جراء الحرب في أوكرانيا. واليوم بالذات، التقت السيدة الأولى أولينا زيلينسكي عند زيارتها إلى دولة الإمارات بنساءٍ وفتياتٍ أوكرانياتٍ هربن من الحرب.

لذلك، وبمناسبة استعراض منتصف المدة واقتراب الذكرى السنويةِ الخامسةِ والعشرين على صدور القرار 1325، أود التركيز على الأهدافَ الثلاثة التالية التي ترى بلادي أهمية دعمها لتنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن:

أولاً، يجب أن يكون جدول أعمال المرأة والسلام والأمن مرجعاً رئيسياً نسترشد به أثناء التعامل مع التحديات الجديدة والناشئة. فتغير المناخ، على سبيل المثال، يعد أكبر تهديدٍ يواجهه العالم اليوم، ويؤثر بشكلٍ غير متناسبٍ على النساء والفتيات، بما في ذلك على فرص حصولهن على التعليم والعمل والخدمات الصحية، وسلامتهن الجسدية. لذلك يجب علينا إعلاء صوتهن ودعم مشاركتهن في الجهود المبذولة للتخفيف من الآثار الناجمة عن تغير المناخ ومعالجتها والتكيف معها. وفي الوقت الذي تستعد فيه دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، تشكل النساء ثُلثي الفريق القيادي للمؤتمر وأكثر من نصف الفريق الإداري.  إذ لم يعد مقبولاً خلق الأعذار لإقصاء النساء، وعلينا جميعاً أن نلزم أنفسنا باتباع نفس المعايير.

ثانياً، يقتضي النهوض بجدول أعمال المرأة والسلام والأمن أن يولي المجتمع الدولي، وخاصةً هذا المجلس، اهتماماً مماثلاً لكافة الركائز الأربعة لجدول الأعمال. فإذا كان هدفنا تعميم جدول الأعمال هذا، عليناً إذاً أن نضمن تنفيذه بشكل كامل ومتسق في جميع السياسات والبرامج وبمشاركة جميع الشركاء في المجتمع.  ومن هذا المنطلق، نظمت بلادي في العام الماضي مناقشةً وزاريةً مفتوحةً بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ركزت فيها على مجالي الإغاثة وإعادة الإعمار، واللذين نرى أنه لم يتم تطويرهما على نحوٍ كامل. لذلك، يجب أن يكون النهج المتبع في تنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن متوازناً لكي يعالج الأزمات والنزاعات بشكلٍ شامل، مع تعزيز دور المرأة في جميع مراحل النزاعات.

ثالثاً، تُعد حماية النساء والفتيات من أقوى السبل للدفاع عن مشاركة المرأة وتمكينها.   فجرائم العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس ما زالت من أسلحة الحرب الأقل تكلفةً، إذ أنها تُرهب وتتحكم بمجتمعاتٍ بأكملها. وكما سمعنا اليوم من الرئيسة سبولياريتش، يجب على جميع أطراف النزاع إدراج المنظور الجنساني خلال تنفيذ وتفسير القانون الإنساني الدولي. كما يتعين علينا مواجهة الواقع الحالي والمتمثل بتمتع العديد من مرتكبي جرائم العنف الجنس بحصانة تقيهم من العقاب في كثيرٍ من الأحيان. إن ردع مثل هذه الأعمال الشائنة يستوجب من الدول وأطراف النزاع تطبيق نظام مساءلةٍ حازم ومتناسق للتصدي للعنف الجنسي في حالات النزاع، بما في ذلك من خلال بناء قدرات المؤسسات المعنية بالمساءلة، وتطوير نهجٍ يركز على الناجين.

السيدة الرئيسة،

إن ما نجريه اليوم من تقييم لا يعني فقط سرد الفرص الضائعة، فقد حقق جدول أعمال المرأة والسلام والأمن مكاسب كبيرةً منذ عام 2020 يجب البناء عليها، إذ يوجد على سبيل المثال مبادرات مثل ميثاق منتدى جيل المساواة بشأن المرأة والسلام والأمن والعمل الإنساني والذي بلغ عدد الموقعين عليه 196 جهة أكدت التزامها بتعزيز دور النساء والفتيات. كما نرى قيام المزيد من الدول، ومنها بلادي، بتسخير أدوات مثل الخطط الوطنية، لتنفيذ القرار 1325. هذا الى جانب تعيين مستشار أول لحماية النساء في إحدى بعثات السلام في الشهر الماضي ليبلغ العدد الكلي لمستشاري حماية المرأة في بعثات السلام التابعة للأمم المتحدة ثمانية.  ومع أن العدد لا يزال ضئيلاً، إلّا أنه يذكّرنا بأن هناك هدف يتعين علينا مواصلة العمل لتحقيقه.

ما من شك في بأننا جميعاً في هذه القاعة يجمعنا عزمٌ على إنجاح هذا العمل الهام، والذي يتطلب منّا مواصلة الالتزام بتنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن، سواءً في سياساتنا الوطنية أو في جميع أرجاء النظام الدولي.

وشكراً، السيدة الرئيسة.