مشاركة

تلقيه: غسق شاهين المنسق السياسي

السيد الرئيس،

أشكر السيد غراندي على إحاطته وجهوده القيمة.

نناقش اليوم مسألة بالغة الأهمية، فأعداد النازحين حول العالم تتصاعدٍ بشكل مستمر، في الوقت الذي يفتقر فيه العديد منهم للحماية والخدمات الأساسية، الأمر الذي يقتضي من المجتمع الدولي بذل جهودٍ مشتركة وعاجلة لدعم النازحين، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين. وأود، بناءً على ذلك، التركيز على المجالات التالية:

أولاً، يجب ضمان حصول جميع النازحين داخلياً واللاجئين على الخدمات الأساسية بشكل متساوي، بما في ذلك الرعاية الصحية والغذاء ومياه الشرب، مع مراعاة احتياجات النساء والأطفال الذين يتأثرون بشكل كبير من النزاعات. ويتطلب ذلك تعزيز التنسيق مع الجهات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة المعنية والتعاون مع الحكومات المضيفة لهم، لضمان الوصول الآمن للمساعدات الاغاثية.

إن هذه المسألة من أولويات السياسية الخارجية لدولة الإمارات، فنحن نحرص على إيصال المساعدات الانسانية للاجئين والنازحين داخلياً حول العالم، سعياً للتخفيف من معاناتهم، بما في ذلك عبر تيسير وإنشاء جسور جوية. وقد سارعت بلادي على توجيه أطنان من المواد الغذائية والطبية فور اندلاع الازمات في كل من أوكرانيا والسودان وفلسطين، وكذلك عند وقوع الزلازل والفيضانات في سوريا وتركيا وليبيا وأفغانستان وباكستان هذا العام.

وأود في هذا السياق التركيز على الأوضاع الكارثية لحوالي مليوني شخص في قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر منذ ثلاثة أسابيع، فحتى قبل الحرب الأخيرة التي تسببت بنزوح ستين بالمئة من المدنيين، كان حوالي ثُلثي السكان من اللاجئين الذين يعيشون ظروفاً صعبة.

ولا يخفى عليكم تدهور الأوضاع خاصة بعد فرض إسرائيل حصار كامل في التاسع من اكتوبر عبر قطع الكهرباء والمياه ومنع ادخال المواد الغذائية والطبية إلى غزة، باستثناء بعض الشحنات التي تقل نسبتها عن أربعة بالمئة من اجمالي السلع التي كانت تمر قبل هذه الحرب. وفي ظل هذه الأوضاع المفزعة، نشدد على ضرورة السماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء قطاع غزة بشكل آمن ومستدام.

ثانياً، يجب حماية اللاجئين من كافة أشكال العنف، خاصة العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس عبر وضع برامج وقائية وتوفير مساحات آمنة لهم، مع العمل على بحث السبل لتوفير العودة الآمنة والطوعية والكريمة لهم حين تتوفر الظروف الملائمة لذلك.

ونود في هذا السياق، الإشارة إلى محنة لاجئي الروهينجا، فرغم أنها تعد أحد أسوأ الأزمات الإنسانية التي تواجه اللاجئين في العالم، إلا أنها لا تحظى بالاهتمام الدولي الكافي. ولهذا، ندعو إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية على المستوى الدولي لحل أزمة الروهينغا، والاستجابة لأوضاعهم الإنسانية المتردية، وتهيئة الظروف الملائمة لعودتهم الطوعية والآمنة والمستدامة والكريمة إلى وطن يسوده الاستقرار.

ونسلط هنا الضوء مجدداً على أوضاع النازحين واللاجئين في قطاع غزة، حيث يجب وقف الحرب وحماية المدنيين من القصف الاسرائيلي الذي طال حتى الأماكن التي لجئوا إليها، والذي شمل هذا اليوم قصف حي في مخيم للاجئين في جباليا حيث تشير التقديرات الأولية الى وقوع مئات القتلى والجرحى، وهذا إلى جانب قصف  اثنين وأربعين بالمئة من مرافق وكالة الأونروا التي تستضيف حوالي ستمئة ألف نازح، وغيرها من الأعيان المدنية المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني، مما أدى الى مقتل أكثر من ثمانية آلاف شخص، قرابة سبعين بالمئة منهم من النساء والأطفال. كما نرفض محاولات تهجير الفلسطينيين قسراً ونطالب إسرائيل بإلغاء أوامرها بإخلاء أكثر من مليون شخص من شمال قطاع غزة إلى جنوبها.

ثالثاً، يجب التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للنزوح القسري، لتجنيب الأفراد معاناة النزوح، فضلاً عن كون هذا النهج الوقائي أكثر فعالية واقل تكلفةً للمجتمع الدولي. وهذا يعني ضرورة تعزيز التنمية في الدول التي تعاني من نقص الفرص الاقتصادية، إلى جانب العمل على منع النزاعات وحلها سلمياً.

ويجب كذلك تكثيف الجهود الدولية للتصدي لتغير المناخ، حيث من المتوقع أن يصل عدد النازحين حول العالم بسبب هذه الظاهرة إلى أكثر من مليار شخص في عام ألفين وخمسين وفقاً لمعهد الاقتصاد والسلام. ولهذا، فإن وجود استراتيجيات فعالة للتكيف مع التغير المناخي والحد من تداعياته ضروريٌ للتقليل من أعداد النازحين. ونتطلع إلى مواصلة وتعزيز النقاشات المتعلقة بهذا الموضوع خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الذي ستستضيفه دولة الإمارات الشهر المقبل.

وختاماً، تؤكد دولة الإمارات على مواصلة العمل بشكل وثيق مع الشركاء الدوليين، ومنهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لدعم وتوفير ظروف معيشية ملائمة اللاجئين والنازحين حول العالم.

وشكراً، السيد الرئيس.