مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

ترجمة غير رسمية

يرجى المراجعة أثناء الإلقاء

السيد الرئيس،

أود أن أشكر الممثل الخاص للأمين العام السيد بيرثيس على مُوافاتِنا بآخر المُستَجِدات في السودان. ونقر هنا بالجهود المشتركة للاتحاد الأفريقي والإيغاد وبعثة اليونيتامس والتي نواصل دعمها، كما أرحب بِمُشاركة السفير الحارِث مُحَمد في اجتماعِنا اليوم.

تأتي إحاطة اليوم خلال لحظة تاريخية يمر بها السودان، فقد اعتمد مجلس الأمن مطلع هذا الشهر قراراً يحدد طبيعة انخراط الأمم المتحدة مع السودان خلال المرحلة المقبلة، إذ تم بمبادرة الدول الأفريقية الثلاث ودولة الإمارات اعتماد إطار زمني واضح من شأنه تحديد مستقبل نظام العقوبات المفروضة على السودان. فبعد مرور ما يقرب عقدين على فرض مثل هذه التدابير، يعد “بند الانقضاء” أمرًا بالغ الأهمية في الوقت الذي نعمل فيه على رسمِ مسارٍ لِرفع العقوبات عن السودان في المستقبل القريب.

كما يَتَزامن هذا الاجتماع مع إطلاق المرحلة الأخيرة من العملية السياسية. فَرَغْمَ التحديات التي مَرَّ بها السودان العام الماضي، إلا أنَّهُ تَمَكَّنَ من إطلاق عملية حوار – مدعومة من الآلية الثلاثية – بِهَدَف التوصل إلى حلٍّ سياسي مُستدام يَتَوَلّى زِمامَهُ الشعبُ السوداني.

وكما وضّحَ الممثل الخاص السيد بيرثيس في إحاطَتِه، أفضى التزام السودان إلى تطوراتٍ إيجابية منذ التوقيع على الاتفاق الإطاري السياسي في ديسمبر الماضي، ويشمل ذلك خططاً للتوقيع على الاتفاق النهائي واعتماد الدستور الانتقالي.

وكَوْن هذه الخُطُوات الإيجابية في مراحِلِها الأولى، تؤمِن دولة الإمارات بضَرورة أنْ يتَّحِد هذا المجلس والمجتمع الدولي خِلال هذهِ الفترة لِدعم السودان وشعبِه الشقيق. ويَعني هذا ضَرورة مُساعَدَة السودان على مُعالَجَة التحديات وتَخَطّي العراقيل الماثِلة أمامَهُ، بما في ذلك نقص الموارد المالية اللازمة لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، والحاجة إلى تهيئَة بيئة مُؤاتية تُمَكّن الشعب السوداني من إِحراز تقدمٍ مَلْموس ودائم في العملية السياسية.  وبِناءً على ذلك، أود أنْ أركز على ثَلاث مسائل هامة:

أولاً، يبقى استكمال المرحلة الانتقالية في السودان مرهوناً بالتوصل إلى توافُق سياسي على نطاقٍ واسع، فما يَجْمَع الأطياف السودانية يَفوق بكثير ما قَد يُفَرّقُها. ونُشيد هنا بالجهود الأخيرة لتوسيع نِطاق الأطراف المَشمولة في العملية السياسية. نحن ندرك تماماً بأن تحديد مسارٍ للمضي قدماً سيتطلب جهوداً هائلة من جميع الأطراف الفاعلة، للتغلب على الاختلافات القائمة والعمل على التوصل إلى توافق في الآراء مع بناء الثقة أيضاً. وهذا، في رأينا، هو السبيل الوحيد للتوصل إلى حل يقود زمامه ويملكه السودانيون وللمضي قدماً بشكل سلمي.

ثانياً، لا بد أنْ تقترِن الجهود الدبلوماسية الجارية في العملية السياسية بجهودٍ تدعم اقتصاد البلاد، فَكِلا الَمسارَين مُكَمّلان لبعضِهِما البَعض ويُعزز كلٌ مِنهُما الآخر. لقد شهد اقتصاد السودان ركوداً العام الماضي حيث بلغ التضخم معدلاً ذي ثلاثة أرقام، ليكون بذلك من بين أعلى المعدلات في العالم. وتقدر الجهات الإنسانية الفاعلة أن حوالي 15.8 مليون شخص – أي حوالي ثلث السكان – سيحتاجون إلى تلقي المساعدات الإنسانية هذا العام وحده وهذا يعد زيادة بمقدار 1.5 مليون من العام الماضي وهو الأعلى منذ 2011.

ولا يمكن تحقيق السلام دون توفر الظروف اللازمة لإحراز تقدم في معالجة أوجه عدم المساواة وتعزيز السلام المستدام، إذ يحتاج السودان إلى دعم دولي جاد ليتمكن من تطوير قدرته في الاستجابة لحالات الطوارئ وتوجيه الموارد الحيوية لتحقيق الاستقرار على المدى البعيد. وفي ضوء تعرض السودان للصدمات المناخية، نؤكد على الحاجة إلى استجابة شاملة للتكيف مع المناخ وتعزيز قدرة المجتمع على الصمود.

ثالثاً، وفي سِياق ما أفادَهُ تقرير الأمين العام حولَ انخفاض الحوادث الأمنية، لابد من معالجة التحديات الأمنية المستمرة. ونعرب هنا عن قلقنا إزاء تزايد العنف بين القبائل، بما في ذلك الأحداث التي أدت إلى وفاة مستشار لبناء السلام في ولاية النيل الأزرق، ونرى أن الجهود التي يبذلها القادة المحليين والدينيين لنزع فَتيل التَّوَتُرات من الأمور المشجعة، ولابد كذلك من البناء على الحِوار الذي تُيَسّرُهُ بعثة “يونيتامس” على مُستوى الُمجتمعات المحلية في مناطقٍ مُختلِفة من السودان للتخفيف من التَّوَتُرات بَينَ المجتمعات، إذْ تَظَل هذهِ الجهود ركيزةً أساسيةً لِترسيخ التعايُش السلمي في البلاد.

ونُدرِك هنا الدورَ الحَيَوي لِلَجنَة وقف إطلاق النار الدائمة في دارفور، والتي تواصل أنشطتَها وانخراطَها مع الأطراف المعنية لِضمان تنفيذ التزاماتهم. 

وختاماً، تؤكد دولة الإمارات على دعمِها الثابت والتزامِها بدعم الشعب السوداني في سَعيِهِ لتحقيق الاستقرار والازدهار.

وشكراً، السيد الرئيس.