مشاركة

تلقيه معالي لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

السيدة الرئيسة،

بدايةً أود أن أشكر مقدمي الإحاطات على المعلومات الشاملة التي قدموها اليوم بشأن آخر التطورات في السودان، وأرحب بمشاركة سفير السودان في هذا الاجتماع.

ترحب دولة الإمارات بوقف إطلاق النار القصير الأمد والترتيب الإنساني اللذين تم الاتفاق عليهما وتوقيعهما في جدة خلال عطلة نهاية الأسبوع. إن هذين الإجراءين يعززان إعلان جدة الصادر في 11 مايو، ويشكلان جزءاً من النهج التدريجي الذي توافق عليه الطرفان. ونشكر المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة على جهودهما المكثفة التي أسهمت في حدوث هذه التطورات المهمة, كما نحث على إجراء محادثات لاحقة لتحسين الأوضاع الأمنية والإنسانية للمدنيين على الأرض وبما يؤدي إلى التوصل لحل سياسي عاجل لهذه الأزمة، ونشدد في الوقت نفسه على أهمية التنفيذ الكامل لتفاصيل الاتفاق الأخير.

كما نشيد بالجهد الاستثنائي الذي تبذله الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية في ظل هذه الظروف البالغة الصعوبة وندين بشدة تخريب المباني الدبلوماسية في السودان، بما في ذلك أعمال التخريب الأخيرة التي طالت

سفارات الكويت والأردن وقطر، ونشدد على أهمية حماية المباني الدبلوماسية وفقاً للقانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

لقد أرسلت دولة الإمارات منذ بداية القتال تسع طائرات إلى السودان لإجلاء حوالي ألف شخص، وتواصل استضافة ورعاية مواطنين من ستة وعشرين دولة مختلفة. كذلك قدمنا الدعم إلى الدول المجاورة التي استقبلت لاجئين، حيث أرسلت بلادي 229 طناً من المساعدات إلى تشاد لدعم الاستجابة الإنسانية للنازحين السودانيين ولمساندة الحكومة التشادية، ونناشد كل من يستطيع تقديم الدعم للنازحين القيام بذلك.  إذ لا يزال أمامنا الكثير من العمل الذي يتعين إنجازه.

إن اتفاق وقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام والترتيب الإنساني اللذين تم توقيعهما خلال عطلة نهاية الأسبوع يعززان إعلان جدة، والذي اتفق فيه الطرفان على جملة من الأمور أهمها تيسير مرور عمال الإغاثة بأمان، وتوزيع الامدادات الإنسانية، وتدفق البضائع بلا عوائق، واستعادة الخدمات الأساسية، وسحب القوات من المستشفيات والمرافق العامة الأساسية، ونأمل من الطرفان الالتزام بتعهداتهما. ومن جانبنا، ستدعم بلادي تصديق مجلس الأمن على إعلان جدة ووقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية.

كما نؤكد في هذا الصدد على أهمية البناء على إعلان جدة ووقف إطلاق النار قصير الأمد ضمن إطار أوسع وأشمل يضم الدول الشريكة من أجل تعزيز الثقة بين الأطراف.

إن ما ذكره فيليبو غراندي الأسبوع الماضي في المجلس والبيانات الأخيرة الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يشيران إلى تزايد أعداد اللاجئين بشكل مستمر، حيث عبر أكثر من مئتي ألف لاجئ حتى الآن إلى الدول المجاورة. الأمر الذي يُعجل بحدوث أزمة إنسانية في وقت تعاني فيه المنطقة ودول الجوار

بالفعل من ضغوط شديدة، ونشيد في هذا الصدد بحكومات الدول المجاورة التي سمحت بدخول اللاجئين بالرغم من الضغوط التي تواجهها.

أما بالنسبة لملايين السكان الذين بقوا في الخرطوم وفي بعض المناطق الأخرى في السودان، فإنهم يواجهون مخاطر غير مقبولة ويكافحون لسد احتياجاتهم الأساسية.

إن نقص الوقود يعني عدم وجود مصدر طاقة ثابت في المستشفيات. كما أن القتال الدائر يجعل من الصعب إعادة التزود بالإمدادات الغذائية مما يسبب نقص الغذاء في مناطق عديدة. ولا يزال ناقوس الخطر يدق أمامنا.

من المحزن أن حياة الكثير من الأطفال في السودان إما انقلبت رأساً على عقب أو فقدوا حياتهم قبل الأوان بسبب القتال. فوفقاً لليونيسف، قُتل نحو مائة وتسعين طفلًا خلال الإحدى عشر يوما الأولى من اندلاع القتال، وأصيب ألف وسبعمائة آخرين. ومما يثير القلق أن هذه الأرقام أقل من الواقع. ونود هنا التأكيد على  حق الأطفال في الحصول على حماية استثنائية بموجب القانون الإنساني الدولي، حيث دعا المجلس إلى اتخاذ تدابير خاصة لحماية الأطفال، بما في ذلك في القرار 2601.

كما نشيد بالجهود الشجاعة التي يبذلها المستجيبون السودانيون في الخطوط الأمامية لتقديم الخدمات الطارئة. ونكرر هنا دعوتنا لجميع الأطراف بضرورة تنفيذ تعهداتهم. حيث أن بعض الإجراءات مثل الرحلات الجوية بين بورتسودان وأديس تعد محورية لضمان سلامة المدنيين، تمثل إجراءً مؤقتاً نحو وقف إطلاق النار الدائم الذي نامل في تحقيقه لضمان استمرارية خدمات الإغاثة.

إن النهاية الوحيدة والدائمة لهذا الوضع هي من خلال المسار السياسي الذي يجب أن يضم طيفاً واسعاً من الأطراف المدنية والسياسية الفاعلة، بما في ذلك النساء. ومن جهتنا، ستواصل دولة الإمارات العمل مع جميع الشركاء الرئيسيين لدعم الجهود المتضافرة للوساطة على جميع المستويات. كما أعربت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية عن التزامها بدعم السودان على طريق السلام.

إن الحل يكمن في اتباع نهج إقليمي شامل يرتكز على دعم دولي قوي.

السيدة الرئيسة ،

تؤمن دولة الإمارات بأن استمرار مشاركة الأمم المتحدة من خلال البعثة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان أمر بالغ الأهمية، ومن هذا المنطلق فإننا ندعم تجديد ولاية البعثة. كما ندعم عمل العديد من وكالات الأمم المتحدة العاملة على الأرض.

يجب على المجتمع الدولي أن يظل حازما في التزامه بحماية مستقبل الشعب السوداني.  فالدعوة إلى العودة للمسار السياسي هو وحدها الكفيلة بالقضاء على هذا العنف بشكل سريع ومستدام.

وشكراً السيدة الرئيسة.