مشاركة

يلقيه معالي خليفه شاهين المرر وزير دولة

أصحاب السعادة،

بدايةً، أشكُر معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، على إحاطتِه ودورِه المتميز في تعزيز التعاون بين الجامعة والمنظمات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة.

كما أشكُر السيدة روزميري دِيكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، على احاطتِها القيمة، وأرحب بالتقرير الصادر عن الأمين العام تنفيذاً للبيان الرئاسي الذي اعتمده المجلس خلالَ رئاسة دولة الإمارات في شهر مارس لعام ألفين واثنين وعشرين.

كما وأُعرب عن شكُري العميق للدكتورة أمنية العُمراني على تقديمِها عرضاً متميزاً يعكس طموح الشباب العربي، وهذه مسألة توليها دولة الإمارات أهميةً قصوى.

السادة أعضاء المجلس،

على ضوءِ إحاطات اليوم وتنامي مجالات التعاون بين المنظمتين، أود أن أركز في كلمتي على أبرز الجوانب التي تتطلب تكثيفَ العمل بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية خلال المرحلة القادمة، فمنذ الجلسةِ الأخيرة للمجلس حول هذا الموضوع، شهِدت المنطقة العربية نشاطاً دبلوماسياً وسياسياً ملحوظاً، بهدف التغلب على الصراعات والانقسامات السابقة وإطلاق حِقبة جديدة من الاستقرار والازدهار.

واليوم، تَتَجِهُ دولُنا العربية نحوَ تحقيق التقارب والتكامل العربي ومَد جسور التعاون مع شركائِنا في الشرق والغرب. كما تَتَخِذُ خُطُوات شجاعة لتحسين العلاقات مع الدول الإقليمية المجاورة، بالإضافة إلى قيادة جهود وِساطة هامة في الصراعات المستمرة في فلسطين، واليمن، والسودان، وليبيا. ونُثمن بالأخص الجهود التي قادَتْها المملكة العربية السعودية، إلى جانب الولايات المتحدة، في تيسير المحادثات بين الأطراف السودانية. كما أنَّ عودة سوريا لشَغل مقعدِها في جامعة الدول العربية يشكل فرصةً لتعزيز الدور العربي في حل الأزمة السورية، كما يُكمّل المسار الأممي في هذا الجانب.

وفي ظِل هذه التطورات، يَحدونا الأمل بأن تستمر الأمم المتحدة، وعلى رأسِها هذا المجلس، في دعم وتشجيع هذه المبادرات والمساعي العربية لبلورَة نظام إقليمي متين ومتوازن، يحقق الاستقرار، ويضع أساساً صلباً لتحقيق نهضة شاملة في المنطقة، فالتحولات الإيجابية المتسارعة تفتحُ البابَ أمام إحداث تحولٍ نوعي في العديد من الصراعات من خلال حلول عملية وواقعية.

ولهذا، ندعو إلى توطيد العلاقات المؤسسية بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة، بما في ذلك عبرَ تطوير عمل مكتب الاتصال، الذي يضطلِعُ بدورٍ هام في هذا المجال. ونُشيد كذلك بالتعاون القائم بين الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام للجامعة في ملفي السودان وليبيا، ونشجع على استمرار هذا التعاون وتوسيع نطاقِهِ ليشمل القضايا الإقليمية الأخرى.

كما يجب تعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمتين في مجال مكافحة الإرهاب، ونُرحِب هنا بالخِطة الجديدة لتنفيذ الاستراتيجية العربية لمكافحة هذه الآفة، والتي تتماشى مع استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب. كما نُرحِب بتبادل الزيارات والمعلومات بين الأجهزة المختصة في المنظمتين، وندعو لمواصلة هذه الجهود.

وفي إطار ولاية مجلس الأمن في منع وقوع النزاعات، تستوجب المرحلة الراهنة تعزيزَ قيم التسامح والأخوة الإنسانية، والتصدي لعوامل النزاع المتمثلة في خطاب الكراهية، والعنصرية، والتعصب، والتطرف. وسنتطرق إلى هذه المسألة بشكلٍ مفصل أكثر الأسبوع القادم، حيث سيَعقِد المجلس وللمرة الأولى جلسةَ إحاطة رفيعة المستوى حول الأخوة الإنسانية، لإبراز الدور الذي يمكن أن تلعبَهُ هذه القيم في تحقيق السلام العالمي.

ومن الضروري أيضاً الاستمرار في دعم جهود تمكين وحماية النساء والفتيات في مختلف المجالات في أرجاء المنطقة العربية، لدورِهِنَّ الفعال في نهضتِها. وقد دَعَمَت دولة الإمارات مبادراتٍ عديدة لتحقيق هذا الهدف على المستويين الإقليمي والدولي، ومنها استضافة الإطلاق الرسمي للإعلان العربي لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة في ديسمبر الماضي. كما نواصل جهودَنا على المستوى الوطني لتمكين المرأة التي باتت تحتل مكانةً متميزة في كافة المجالات.

ونظراً إلى أن الأفراد الذين تقل أعمارهم عن خمسة وعشرين عاماً يمثلون نصف سكان المنطقة العربية، دَعَمَت دولة الإمارات إنشاء مركز الشباب العربي بهدف تطوير قُدُراتِهم ودعم الابتكار والإبداع وتأهيل جيلٍ جديدٍ من القيادات العربية الشابة. ونُرحب، في هذا الإطار، بتطوير استراتيجية عربية إقليمية حول الشباب والسلام والأمن.

وفي ظل توالي الأزمات الإنسانية الطارئة، تَبرُزُ الحاجة المُلِحة إلى توسيع دائرة التعاون والتنسيق على المستويين الإقليمي والدولي، لزيادة الكفاءة والفعالية في تقديم المساعدات، والتغلب على الصعوبات التي تنشأ عن الاستجابة الإنسانية غير المنسقة، وضمان الاستفادة من التجارب الماضية، مثل الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا.

ونؤكد بأن وجهات النظر العربية مهمة ليس فقط في سياق معالجة الأزمات العربية، وإنما أيضاً في مواجهة التحديات العالمية المشتركة ومنها التأثيرات السلبية لتغير المناخ، والتي أصبحت تحدياً مصيرياً يواجه عالمَنا اليوم، بما في ذلك منطقتنا التي تعاني بشدة من الجفاف. وقد عززَ هذا الواقع التزامَ الدول العربية بالمشاركة الفعالة في الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ.  ومع استعداد بلادي لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، نتطلع إلى التعاون مع جميع شركائِنا لتحقيق تقدمٍ ملموس في العمل المناخي الطموح، ضِمن منهجية شاملة، مع التركيز على الحلول العملية والبناء على الزخم الذي حققتهُ الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في جمهورية مصر العربية.

وختاماً، نؤكد بأن دولة الإمارات ستواصل القيام بدورها بفعّالية سواء خلالَ عضويتِها في المجلس أو ما بعد ذلك، لدعم عمل المجلس في التوصل إلى قراراتٍ قادرة على المساهمة في حل هذه القضايا. ونرى أن النتائج الإيجابية التي حققتها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة في السنوات الأخيرة هي مثالٌ حي على التقدم الذي يمكن تحقيقُهُ من خلال التعاون المشترك، ولكن علينا مضاعفة جهودنا لتحقيق السلام والاستقرار ودعم التنمية والازدهار الاقتصادي في المنطقة العربية وخارِجِها.

وشكراً.