تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة
المندوبة الدائمة
السيد الرئيس،
أود بداية أن أشكر الممثلة الخاصة زيادة على إحاطتها القيمة، وأرحب بمشاركة وزير الخارجية داتشيتش والنائبة الأولى لرئيس الوزراء جيرفالا شوارتز في اجتماع اليوم.
ترتبط دولة الإمارات بعلاقة وثيقة مع كل من كوسوفو وصربيا، وقد شهدت هذه العلاقات المزيد من التطور في الشهر الماضي أثناء زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي، سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إلى بلغراد وبريشتينا ضمن جولة إقليمية، ركزت المباحثات خلالها على تطوير العلاقات الثنائية وسبل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي (في منطقة البلقان).
السيد الرئيس،
إن السلام ليس مجرد قصة تروي الأحداث السابقة وما آلت إليه الحال فيما بعد، فمسيرة السلام دائماً ما تمر بفصول ومراحل عديدة.
ويعد “اتفاق المصالحة” الأخير الذي تم التوصل إليه بين كوسوفو وصربيا من أهم التطورات على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين على مدى أكثر من عقد، ويتوجب علينا جميعاً دعم هذا التوجه المرحب به.
ومن هذا المنطلق، فقد رحبت دولة الإمارات بهذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه في “بروكسل” في فبراير الماضي، وتنفيذ خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في “أوخريد” الشهر الماضي. ونؤكد هنا على أنه بدون الروح القيادية والنوايا الطيبة من جانب الطرفين، ما كان من الممكن التوصل لهذين الاتفاقين. ولا يفوتنا هنا أن نشيد بجهود الاتحاد الأوروبي في تيسير الحوار والدبلوماسية بين البلدين، وأن نؤكد على دعم بلادي التام لهذه الجهود، وللخطوات الملموسة التي تم اتخاذها لتنفيذ هذه الاتفاقات، ومنها إنشاء لجنة الرصد المشتركة.
لقد تمكن الطرفان بفضل عزمهما على النهوض من ركام الحرب والتركيز على تحقيق اتفاق، ولكن تحويل الاتفاقات والخطط إلى واقع على الأرض، يتطلب بذل الكثير من العمل والجهد في الفترة اللاحقة، كما سمعنا اليوم في هذه القاعة.
وأثبتت أحداث الأسبوع الماضي أن التحديات على الأرض لاتزال قائمة، فالانتخابات المحلية التي أجريت يوم الأحد في كوسوفو بدون مشاركة أطراف فاعلة سياسية من البلديات الأربع ذات الأغلبية الصربية في الشمال قد أظهرت مدى تعقد الوضع.
ونرى في هذا السياق بأن اتفاقي بروكسل وأوخريد يتيحان إمكانية المضي قدماً عبر اتخاذ تدابير محددة، تهدف إلى دعم الاستقرار وتعزيز المشاركة المدنية، خاصة وأن كيفية تحسين الوضع باتت اليوم أكثر وضوحاً من ذي قبل، ليس فقط على مستوى البلديات، وإنما في جميع أنحاء كوسوفو.
ويُعتبر إعلان الاتحاد الأوروبي حول اتفاق كوسوفو وصربيا فيما يخص نص الإعلان المتعلق بالمفقودين، من أهم الخطوات على هذا الطريق، والذي نرى بأنه سيساعد عائلات المفقودين على طي هذه الصفحة الحزينة. ونؤكد في هذا السياق على دعمنا الكامل لالتزام كوسوفو وصربيا بهذه المسألة المهمة.
السيد الرئيس،
أود اغتنام فرصة اجتماعنا اليوم لأثني على جهود بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة في كوسوفو باتجاه تعزيز بناء الثقة والتماسك الاجتماعي في جميع مناطق كوسوفو.
ونرى بأن تشجيع المبادرات والمنتديات الهادفة إلى تعزيز المشاركة البناءة بين المجتمعات، سيكون له بالغ الأثر في بناء وتعزيز التفاهم المتبادل، والتسامح، والحوار والتي تُعد ركائز أساسية لتحقيق سلام مستدام، حيث يمكن تطوير تلك الركائز من أجل تيسير أعمالهم بشكل أكبر.
لقد رأينا في منطقتنا، الشرق الأوسط، قيمة تعزيز الحوار بين المجتمعات وآثاره الملموسة، وهي عملية لا غنى عنها لتحقيق الازدهار، ليس فقط في كوسوفو وإنما في المنطقة بأكملها.
إننا ندرك تماماً بأن طريق المصالحة محفوف بالمخاطر. ونعرب في هذا السياق عن قلقنا البالغ إزاء استمرار الأنباء المتعلقة بوقوع أعمال تخريب وسرقة في المواقع الثقافية [والدينية] في كوسوفو، وهي أعمال بالرغم من عدم انتشارها على نطاق واسع، إلا أنها قد تكون سبباً في الانقسام، وينبغي التعامل معها بحزم.
نحن حريصون على دعم جهود الحكومة والقادة المدنيين في مواجهة هذه الأعمال.
السيد الرئيس،
اسمحوا لي أن اختم بياني بهذه العبارة: لا يمكننا تغيير الماضي ولكننا نستطيع رسم مستقبلنا. ومن أجل بناء مستقبل آمن ومستقر، فإننا نشجع قادة كوسوفو وصربيا على مواصلة الالتزام بالحوار الذي يتولى الاتحاد الأوروبي تيسيره، وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها، لأن ذلك وحده هو الذي سيضمن استمرار السلام الذي تحقق بصعوبة بالغة.
وبدورنا، ستواصل بلادي التزامها بدعم هذه الجهود للبدء في فصل جديد يبشر بالسلام والازدهار الذي تستحقه الشعوب جميعها، ليس فقط شعبي كوسوفو وصربيا بل المنطقة بأسرها.
وشكرا لكم.