مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة

السيدة الرئيسة،

اسمحوا لي بدايةً أن أشكر ألبانيا على تنظيمها للمناقشة المفتوحة اليوم. كما أشكر معالي الوزيرة أولتا شاكا على ترأسها هذا الاجتماع، باعتبارها إحدى المناصرات لقضايا المرأة والسلام والأمن. وتؤيد بلادي مشاركة المجلس ضمن نطاق أوسع في جدول أعمال المرأة والسلام والأمن، ونشكر ألبانيا لكونها شريكاً قوياً في التزاماتنا المشتركة في هذا المجال.

وندرك أنه من النادر أن تتأثر المجموعات أو الدول المعنية بالنزاعات بشكل مباشر، مع علمنا بأن المنظمات الإقليمية هي الأكثر تأثراً بالنزاعات، فهي تتميز بفهمها العميق لديناميكيات النزاع وآثاره المباشرة وغير المباشرة، إذ يلعبون دوراً مهماً طوال فترة النزاع، وكذلك في معالجة القضايا العابرة للحدود، بما يشمل قضايا تدفقات اللاجئين والنزوح الداخلي والهجمات الإرهابية وانعدام الأمن الغذائي، وغيرها من القضايا التي نواجهها اليوم في جميع أنحاء العالم.

وبينما يعمل المجلس مع المنظمات الإقليمية في مجال منع نشوب النزاعات وحلها، ينبغي علينا تعزيز دورها الحاسم في تنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن، إذ تعود أهمية خطط العمل الإقليمية لالتزام هذه المنظمات علناً بجدول أعمال المرأة والسلام والأمن، إلى جانب توفيرها مساءلة ملموسة بشأن العديد من القضايا، كما يمكّنهم إجراء المفاوضات وتيسير عمليات السلام ونشر المراقبين، من زيادة عدد النساء المفاوضات بشكل أكبر، إذ لا يتجاوز متوسط عدد النساء اللواتي يخضن عمليات المفاوضات 17 بالمائة، وهي نسبة غير مقبولة وتنذر بالخطر، ومع ذلك يمكننا العمل معاً على معالجته وإصلاحه. وينبغي التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية هي تعزيز الشبكات والأمن المحلي والقيادة المراعية للمنظور الجنساني.

أولاً: نشدد على الحاجة إلى وضع معايير مرجعية وتمويل مُخصص للمنظمات والشبكات النسائية على جميع المستويات قبل نشوب النزاعات، فمن شأن تعميق الشراكات بين المنظمات الإقليمية والقيادات النسائية المحلية، أن يعزز أدوارهن في تسوية النزاعات والدبلوماسية الوقائية وحفظ السلام وبناء السلام، حيث لم تتلق المنظمات النسائية سوى 0,13 في المائة من مجموع المساعدة الإنمائية الرسمية في عام 2018، على الرغم من النداءات التي لا حصر لها إلى الأهمية المحورية لمشاركة المرأة في تحقيق السلام المستدام. كما تعد الشراكات القوية العمود الفقري للمشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة، حيث يمكن أن تساعد النساء والفتيات على بناء قدر أكبر من الصمود عند وقوع الانقلابات العسكرية والاستيلاء على السلطة، ونكرر في هذا السياق دعوة المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة سيما بحوث للاستفادة الكاملة من هذه الشبكات.

ثانياً: ينبغي أن تشمل أطر الأمن الإقليمية أوجه التفاوت المحلية والدينية المتنوعة بشكل منهجي، وذلك لضمان قبولها ضمن نطاق أوسع، وبالتالي تكون موضع ثقة ويتم تنفيذها، بما لا يعني فقط الاستثمار بشكل مستمر في تدريب النساء العاملات في مجال حفظ السلام والمراقبات وضابطات الحماية من مناطقهن، بل يشمل أيضاً إدماج الديناميكيات المحلية في تصميم وتنفيذ إصلاح قطاع الأمن، حيث يمكن أن يساعد الربط بين المعرفة المحددة للنزاعات المحلية والتدريب الأمني الدولي، على صياغة أطر شاملة لتسوية النزاعات والاستجابة لجميع المتضررين من النزاع، ولا سيما النساء والفتيات.

ثالثاً: نحن بحاجة إلى تعزيز القيادة المراعية للمنظور الجنساني، بما في ذلك عن طريق تعيين النساء في مناصب رفيعة المستوى، حيث ينبغي أن تشمل هذه الوظائف النساء في المناصب المستهدفة التي يمكن من خلالها الدفاع ومناصرة قضايا المرأة والسلام والأمن، وكذلك المناصب القيادية العامة مثل النساء الاستثنائيات اللواتي استمعنا إليهن اليوم، وهذه مسألة ينبغي على المجتمع الدولي بأسره أن يعمل عليها، فحتى عام 2020، لم يسبق أن تولت امرأة قيادة نصف المنظمات الدولية الكبرى الثلاثين في العالم، كما أنه في عام 2021، لم يكن هناك سوى 18 امرأةً من أصل 194من رؤساء الوفود في الأسبوع الرفيع المستوى للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وإذا لم نحقق القيادة المراعية للمنظور الجنساني، فلن ننجح في إضفاء الطابع المؤسسي على المساواة بين الجنسين وجدول أعمال المرأة والسلام والأمن، وقد نتوقف أيضاً عن التشدق بها. وأود هنا التنويه إلى أن أرقام ألبانيا التي شاركتها السيدة الرئيسة، تمثل نقطة مرجعية عالمية نطمح للوصول إليها.

وعلى الرغم من أننا نؤمن بأن هذه الحقوق والحقائق عالمية، فينبغي علينا أن نتبنى بالتوازي الفوارق المحلية وأن نعمل ضمن أطرها، حيث التقيت بمجموعة استثنائية من النساء الأفغانيات في الخريف الماضي، وأوضحت لي إحداهن، وهي صحفية سابقة، أن أحد أقوى الحجج ضد الاعتداء المستمر على حقوق النساء والفتيات هو المثال الذي قدمته البلدان ذات الأغلبية المسلمة، إذ تتمتع النساء بالحرية والمساواة في حياتهن، وقد ذكرت مثالاً على ذلك بلادي الإمارات العربية المتحدة باعتبارها نموذجاً طموحاً. وكانت هذه المرأة الشجاعة تتحدث عن قوة وأهمية الارتباط والانتماء والفوارق الطفيفة، وهي نقاط القوة ذاتها التي تقدمها المنظمات الإقليمية إلى جدول أعمالنا هذا، حيث يمكن للمنظمات الإقليمية التي تم تمكينها ودعمها بشكل صحيح، توسيع واستكمال نطاق الممارسات الدولية التي قد تتغاضى عن سياقات وهويات النزاع، فالوكلاء الإقليميون يحترمون جمهورهم ويمثلونه بشكل فريد، وهذا أمرٌ لا يقدر بثمن بالنظر لكافة أبعاد هذا العمل. ولكن ربما لا يكون أكثر من النساء والفتيات اللائي يتحملن وطأة النزاع في جميع أنحاء العالم، حيث ينبغي أن نعكس هذه الحقيقة في دعمنا لهن.

وشكراً السيدة الرئيسة.