تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة
السيد الرئيس،
بدايةً نشكر الغابون على تنظيم هذه المناقشة المفتوحة. وترحب دولة الإمارات بانضمام الغابون إلى التزامات الرئاسة المشتركة لجدول أعمال المرأة والسلام والأمن. كما نشكر نائبة الأمين العام السيدة أمينة محمد، والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة السيدة سيما بحوث، والمبعوثة الخاصة للاتحاد الأفريقي السيدة بينيتا ديوب والسيدة نادر على مساهماتهن المؤثرة اليوم.
كما تعلمون، يوجد العديد من السياقات حول العالم التي يمكننا استخدامها كأمثلةٍ على قدرة النساء والفتيات على الصمود، لكن أبرزها مرتبط بالنساء والفتيات الأفغانيات. لقد مضى ما يقرب من 400 يوم منذ منع الفتيات في أفغانستان من الالتحاق بالمدارس الثانوية، ولا يوجد سبب أو تعليل لذلك، إذ ترى دولة الإمارات أن هذا المنع، إلى جانب العديد من القيود الأخرى المفروضة منذ تولي طالبان زمام الأمور، غير مقبول على الإطلاق.
إن استبعاد النساء والفتيات الأفغانيات من الحياة العامة والاجتماعية هو مثالٌ آخر على أشكال العنف العديدة ضد النساء والفتيات. وفي إطار مواجهة هذا العنف، ما زلنا نسمع قصصاً ملهمة عن معلّمات وطالبات يسعين بلا كللٍ للحصول على حقهن في التعليم بأفغانستان، فهنّ يستخدمن الوسائل الرقمية لحضور دروس في “الميتافيرس”، ولكن هل يمكننا إيجاد بديل عن إجبار النساء والفتيات على اللجوء لاستخدام الفضاء الافتراضي؟ أعتقد أن باستطاعتنا وواجب علينا فعل ذلك، لأن قبولنا بما تقدم، يعني ترسيخ الفصل العنصري على المدى الطويل.
وعلى الرغم من مقاومة النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم لكافة ممارسات الكراهية المتكررة تجاههن، إلّا أن أعمال العنف بجميع أشكاله تتفاقم على أيدي الجماعات المسلحة التي تقوّض النسيج الاجتماعي للمجتمعات. إن تلك الجماعات تسيء للنساء وتحتجزهن وتضطهدهن، لذلك، ومن خلال التركيز اليوم على كيفية تعزيز قدرة المرأة على الصمود في ظل هذه الظروف، فإننا نحترم الأساس الذي شكل جدول اعمال المرأة والسلام والأمن منذ بداياتها.
السيد الرئيس،
لقد سئلت في وقت سابق خلال مؤتمر صحفي عما تحققه جلسات مجلسنا هذه غير الحديث عن جدول الأعمال هذا، لذا، دعونا اليوم نجيب عن هذا السؤال.
وفي ضوء نهج الغابون الموجه نحو العمل على توضيح التوصيات الواردة في ملخص الرئيسة خلال مناقشة اليوم السنوية المفتوحة، فإن دولة الإمارات تقترح التوصيات الأربع التالية:
أولاً، نعلم أن الشبكات والمنظمات النسائية المحلية والإقليمية شديدة الأهمية، فعندما يندلع العنف في المجتمعات قد يكون تأثيره كبيراً وعلى مدى الحياة. لذلك توفر هذه الشبكات أساساً للقدرة الجماعية على الصمود ضد الصراع. وبالرغم من ذلك، وكما سمعنا من المديرة التنفيذية السيدة بحوث اليوم، لا تزال هذه الشبكات تواجه معوقات للحصول على التمويل الثابت والموثوق، إذ يعتمدون في ذلك على النوايا الحسنة للدول الأعضاء المنفردة، ومع ذلك فقد انخفضت المساهمات الثُنائية من 0,4 إلى 0,3 بالمائة في عامٍ واحدٍ فقط. نحن، ورغم توفر الآليات المالية، فإننا نفتقر إلى نهجٍ منظم، بما يستدعي الطلب من اللجنة الخامسة أن تنظر في تمويل المنظمات النسائية باعتبارها جزءاً من الميزانية العادية للأمم المتحدة، وكتوصية رئيسية اليوم.
ثانياً، عندما تشارك المرأة في الاقتصاد وتستفيد بشكلٍ مباشر من هذه المشاركة، فإنها تقاوم العنف بشكل أكبر. ففي عصر الرقمنة الذي نعيش فيه، فإن النمو الاقتصادي والاجتماعي للنساء والفتيات، يعتمد بشكلٍ متزايد على وصولهن إلى التقنيات الرقمية. فعلى سبيل المثال، توفر مبادرة “هي تتعلم هنا”، في ولاية أويو في نيجيريا، ورش عمل لتعليم النساء الريفيات المهارات الأساسية في مجال الأعمال وفي المجال الرقمي، فإذا أردن المساواة مع أقرانهن من الذكور في الاقتصاد، فإن محو الأمية الرقمية وقدرتهن على الاتصال بالإنترنت هي من الضروريات الأساسية، لكن لا ينبغي أن يعيش أحد بمفرده في “الميتافيرس” لحماية حقوقه، حيث يجب سماع أصواتهن وإعلاؤها في المدارس مع زملائهن، وفي جميع جوانب الحياة العامة الأخرى التي ينتمين اليها. دعونا نمنحهن الأدوات الرقمية للمنافسة في العالم ذاته مثل الفتيان والرجال.
ثالثاً، تضطلع النساء بدورٍ فاعلٍ في حماية المدنيين وتعزيز قدرة النساء والفتيات على الصمود والاستجابة للنزاع، ويتعزز ذلك عندما تكن من ضمن حفظة السلام والمراقبين وضباط الحماية في الميدان. من هنا، جاء إطلاق مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك الإماراتية للمرأة والسلام والأمن، والتي تم تطويرها بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، لبرنامجها التدريبي الثالث للطالبات في سبتمبر الماضي. وفي الآونة الأخيرة، التقت السيدة بحوث بالدفعة الجديدة من الطلاب العسكريين من كينيا والهند والبحرين، حيث رأت بنفسها التأثير الذي تحدثه هذه المبادرة في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا. لقد سمعنا بشكل متكرر أن الطلاب العسكريين يربطون التدريب بنجاحهم اللاحق في الخدمة، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ومهاراتهم الحاسمة. إن الاستثمارات تساعد في تعزيز إصلاح قطاع الأمن الشامل والمُراعي لمنظور المرأة على المستوى الوطني، بما يمكن أن يكون خطوة للتغيير باتجاه الاستجابات الفعالة للتهديدات والعنف من قبل الجماعات المسلحة. ويجب الإسراع بتمويل بناء القدرات، لا سيما وأن الصراعات أصبحت أكثر خطورة من أي وقت مضى بالنسبة لنا جميعاً.
السيد الرئيس،
مع اقترابنا من الذكرى السنوية للقرار 1325، يجب أن نفكر فيما يعنيه هذا القرار، فنحن ما زلنا نكافح المفاهيم الخاطئة حول النساء والفتيات كضحايا وناجيات، وليس كشريكات في التغيير. ونشهد تراجع أفغانستان بسرعة إلى نفس الوضع الذي كانت عليه قبل 22 عاماً. وفي نفس الإطار الزمني، تم تزويد المجتمع الدولي بما يشمل هذا المجلس، بشكلٍ كافٍ ووافٍ بالأدوات اللازمة لدفع جدول الأعمال هذا إلى الأمام. فمن الواضح أن الإرادة السياسية والإطار المطلوب موجودان، ولكن ما ينقصنا الآن أكثر من أي وقت مضى هو العمل، فكما قالت السيدة ميليندا غيتس خلال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة: “يجب أن نتوقف عن الحديث عن تمكين النساء، والاستعاضة عن ذلك بمنحهن القوة فعلاً”، ولا يسعني أن أختم بأفضل من هذه التوصية.
.وشكراً لكم