مشاركة

النهوض بجدول الأعمال من خلال الشراكات: الإدماج الاقتصادي للمرأة ومشاركتها كمفتاح لبناء السلام

ترجمة غير رسمية

يرجى المراجعة أثناء الإلقاء

بدايةً، أتشرف بترأس هذه المناقشة المفتوحة التي تتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة. ولا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر لكل من السيدة سيما بحوث على إحاطتها الوافية وجهود هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والسيدة كريستينا جيورجيفا وموسوكورو كوليبالي، على إحاطتيهما القيّمة، وعلى خبراتهما والتزامهما وتوصياتهما بشأن كيفية مساهمة المجتمع الدولي في تعزيز الإدماج الاقتصادي للمرأة، في السياقات الهشة. والشكر موصول للقائمين على صندوق المرأة للسلام والعمل الإنساني، ودعمهم مشاركة موسوكورو في مناقشة اليوم. كما أنتهز هذه الفرصة للترحيب بزملائي الوزراء، وأتوجه لهم بالشكر لانضمامهم إلينا اليوم.

كما سمعنا اليوم، فبالرغم من التقدم الكبير الذي تم تحقيقه لتنفيذ جدول أعمال المرأة والسلام والأمن، إلا أن استمرار التحديات والفجوات، من شأنه تقويض مشاركة المرأة في الحياة العامة بشكل كاملٍ ومتساوٍ وهادف. فبالرغم من كون المرأة عنصراً أساسياً في دعم جهود التعافي والإغاثة، إلا أن مشاركتها في ذلك ما تزال منقوصة إلى حد كبير، إضافة إلى محدودية حصولها على الفرص والموارد ووصولها إلى أسواق العمل. وبحسب تقديرات معهد ماكينزي العالمي، فإن تقليص الفجوات بين الجنسين، وإسناد المزيد من المناصب القيادية للنساء، ستؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 28 تريليون دولار أمريكي، أي ما يعادل نمواً بنسبة 26 في المئة بحلول عام 2025، ومع ذلك، ما زلنا نشهد إقصاء مستمراً للمرأة، بالرغم من إمكانات النمو والتطور لديها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية أن تتولى المرأة مناصب قيادية في مجالات التخطيط وصناعة القرار والتنفيذ في جميع القطاعات، من أجل بناء سلام مستدام، وألا تقتصر مشاركتها فقط في مرحلة التعافي إبان النزاعات.

ومن جهة أخرى، فقد ازداد دور القطاع الخاص في دفع الأهداف العامة المشتركة بشكل كبير، منذ اعتماد القرار التاريخي رقم 1325، بدءاً من مكافحة تغير المناخ، ووصولاً إلى الاستجابة للأزمات الإنسانية والتصدي للأوبئة وحالات الطوارئ الصحية. حيث يعتبر القطاع الخاص شريكاً رئيسياً في ذلك. لذا، فإن أي تقليل أو إهمال لدور القطاع الخاص في تحقيق الأهداف التحولية لجدول أعمال المرأة والسلام والأمن، سيترتب عليه نتائج عكسية، فمن شأن الشراكات بين القطاعين العام والخاص، أن تتيح فرصة الاستفادة من دورهما الاستثنائي والمتعدد الأبعاد في المجتمعات، ليس فقط في مجال تحسين سبل عيش المرأة واستقلالها واكتفائها الذاتي في السياقات الهشة، وإنما أيضاً في تعزيز فرص مشاركتها في دعم مجتمعها وإعادة بناء وطنها.

وتقترح دولة الإمارات في هذا الصدد على الدول الأعضاء والأمم المتحدة والقطاع الخاص، أربع توصيات تهدف إلى تمكين ودعم المرأة بشكل أفضل في السياقات المتأثرة بالنزاعات، وهي كالآتي:

أولاً ، يجب إشراك النساء والفتيات في جهود الإصلاح الاقتصادي خلال فترة ما بعد انتهاء النزاعات، من أجل إعادة بناء مجتمعات شاملة تسودها المساواة بشكل مستدام. وهو الأمر الذي يتطلب زيادة مشاركة النساء والمنظمات النسائية في تصميم خطط التعافي الاقتصادي، واعتماد الأطر القانونية والتنظيمية المتعلقة بتمكين المرأة، ووضع معايير تحفز تخصيص موارد أكثر، من أجل تفعيل مشاركة المرأة في الاقتصاد. وبصفتنا عضواً مؤسساً في مبادرة تمويل رائدات الأعمال، وهي عبارة عن صندوق استئماني متعدد المانحين، ساهمت فيه دولة الإمارات بمبلغ خمسين مليون دولار أمريكي، لدعم حوالي ثلاثمئة ألف سيدة أعمال، من أجل الحصول على التمويل اللازم والوصول للأسواق والشبكات، في دول مثل العراق واليمن وإثيوبيا.

ثانياً ، تحتاج جميع الجهات المعنية إلى فهمٍ أكبر لكيفية التفاعل فيما بينها والاستفادة من ذلك بشكل أفضل. فعلى سبيل المثال تستطيع الدول الأعضاء والأمم المتحدة والمنظمات النسائية المحلية، القيام بدورٍ مهمٍ في الجمع بين القطاع الخاص والنساء في المجتمعات المحلية المتأثرة بالنزاعات، وذلك من خلال انضمام ممثلين عن القطاع الخاص، ورائدات أعمال طموحات من المناطق المتضررة من الأزمات، إلى الوفود التجارية واجتماعات الطاولات المستديرة لرجال الأعمال والمؤتمرات، على أن يتم التنسيق على المستويين المحلي والإقليمي، من خلال منصات أصحاب المصلحة المتعددين، مثل منتدى جيل المساواة وميثاق المرأة والسلام والأمن والعمل الإنساني.

ثالثاً، يستفيد القطاع الخاص من استقرار وسلامة المجتمعات، ولذلك يجب عليه المساهمة أيضاً في ارتقاء ونمو تلك المجتمعات. ويستطيع القطاع الخاص القيام بدور فعال في تحقيق تلك الغاية، من خلال تبني فرص ريادة الأعمال الاجتماعية التي تعود بالفائدة على تلك المجتمعات، على أن تشارك فيها المرأة بشكل كامل ومتساوٍ وهادفٍ، فهي تُعتبر ركيزة أساسية لضمان مجتمعات يسودها السلام المستدام.

أخيراً ، يجب أن نضمن للمرأة المساواة في الحصول على جميع الخدمات التي تمكنها من المشاركة في المجال الاقتصادي. حيث يوفر القطاعان العام والخاص، مجموعة واسعة من الموارد التي تدعم المشاركة الاقتصادية للمرأة، بما في ذلك الحصول على التقنيات الرقمية، وبناء القدرات في مجال محو الأمية المالية، والتعليم المهني. وقد تبين على مدى عامين من تفشي الوباء، أن التكنولوجيا هي وسيلة الوصول إلى الأماكن العامة والأسواق، إلا أن الفجوة الرقمية تهدد بتقويض تلك الفرص، لذلك ينبغي ضمان وصول النساء لهذه الأداة الهامة، من أجل تأمين سبل معيشتهن.

وختاماً، يُشكل بناء السلام فرصة فريدة لإعادة تقييم الأولويات، وتصميم العقد الاجتماعي للمجتمعات التي دمرتها النزاعات، وتعزيز المبادرات التي تشجع على التغيير الاجتماعي. ولا يمكن معالجة هذه القضية من قبل الحكومات أو المؤسسات متعددة الأطراف أو الشركات فقط، ولكن يجب بذل جهود مشتركة ومتابعته بشكل منتظم. ونحن بدورنا، نتطلع إلى مواصلة هذا النقاش مع مقدمي الإحاطات والدول الأعضاء والقطاع الخاص وكافة الجهات المعنية.