نشكر كلاً من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، السيد هانس غروندبرغ ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، السيد مارتن غريفيث على إحاطتيهما.
مرت الأزمة اليمنية خلال الأعوام القليلة الماضية بالكثير من المحاولات الإقليمية والدولية الحثيثة للتوصل إلى حل سياسي شامل يلبي تطلعات الشعب اليمني. وقد حرصت دولة الإمارات على دعم كافة جهود الوساطة الأممية ومبادرات السلام، انطلاقاً من قناعتنا الراسخة بأنها السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة.
إلا أن الحوثيين من جهتهم لم يستفيدوا من هذه المبادرات للتوصل إلى تسوية سلمية وإنما استغلوها لمواصلة الأعمال العدائية وزعزعة الاستقرار والتمدد عسكرياً على الأرض. ومن خلال استمرارهم بتبني خيار العنف بدل السلام وسعيهم لفرض سيطرة السلاح على ملايين اليمنيين، أثبت الحوثيون أنهم لا يريدون لهذه الحرب أن تنتهي.
وبينما هم مستمرون في رفض تنفيذ وقف إطلاق النار، وارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، تواصل قيادتهم في صنعاء رفض التعامل بإيجابية مع الأمم المتحدة والجهود الرامية لإنهاء الحرب. كما وصل تصعيد الحوثيين إلى حد شن هجمات إرهابية على دول الجوار وتهديد الملاحة الدولية. إن هذه التصرفات تنبئ بالمستقبل الذي ينتظر المنطقة في حال عدم ردعهم ووضع حدٍ لانتهاكاتهم الخطيرة.
في مواجهة كل هذا التعنت والتصعيد، ترحب بلادي باعتماد مجلس الأمن القرار 2624، وتدعو كافة الدول الأعضاء إلى الالتزام بإطار مجلس الأمن في هذا الصدد. ولكن نود التوضيح هنا بأن الغاية النهائية لا تتمثل بفرص العقوبات وإنما بإنهاء الأزمة عبر التوصل لحل سياسي، مما يتطلب من المجتمع الدولي استخدام كافة الوسائل المتاحة لمواصلة الضغط على الحوثيين لوقف انتهاكاتهم وأعمالهم العدائية والعودة إلى طاولة المفاوضات والانخراط جدياً في العملية السياسية.
ونؤكد أن المبادرات والأُطُر التفاوضية السابقة والمقترحة على الطاولة، وبالأخص المبادرة السعودية لإنهاء الحرب، تُوَفِر الأرضية المناسبة لاستئناف العملية السياسية، ولكن ما تحتاجه هذه المبادرات هو اتباع نهج دبلوماسي متجدد مع ضرورة تَوَفُّر الإرادة السياسية الحقيقية لدى الحوثيين. ونَحُث هنا على أهمية السعي لضمان مشاركة المرأة بشكلٍ هادف وفاعل في العمليات السياسية.
ومن جانب آخر، تدين دولة الإمارات مواصلة جماعة الحوثي الإرهابية شن الهجمات، بما في ذلك الاعتداء الأخير بطائرة مسيرة على مصفاة تكرير النفط في الرياض، فضلاً عن هجماتها المتكررة على مطار أبها وإطلاق صاروخ باتجاه البحر الأحمر. تؤكد هذه الانتهاكات، مرة أخرى، ضرورة أن تنفذ الدول الأعضاء بشكل صارم التزاماتها بشأن حظر الأسلحة المفروض بموجب القرارين: 2216 و2624. ويتطلب هذا التنفيذ مضاعفة الجهود لمكافحة تهريب الأسلحة ومكوناتها إلى الحوثيين عبر الطرق البرية والبحرية. ونشدد أن مواصلة فرض العقوبات على الحوثيين أمرٌ ضروري حتى يدركوا أنه لا بديل عن التوصل إلى حل سياسي يختارُهُ اليمنيون أنفسهم.
ونعرب مجدداً عن بالغ قلقنا إزاء خطورة الأوضاع الإنسانية في اليمن ومعاناة الملايين لاسيما النساء والأطفال من نقص الخدمات الأساسية، فضلاً عن انهيار النظام الصحي، وتردي الأوضاع الاقتصادية. إن تفاقم هذه الأوضاع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتصعيد العسكري المستمر للحوثيين وارتكابهم أعمال عنف ضد المدنيين. كما أن مواصلة عرقلتَهُم إيصال شحنات المساعدات الإنسانية، ومصادرة الإمدادات الغذائية، تؤكد عدم اكتراثِهِم لاحتياجات الشعب اليمني، بل ومساهمتهم في تفاقمها.
وبشأن خزان النفط العائم صافر، نثمن الجهود الحثيثة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، للتوصل للاتفاق الأخير، ونقدر الدور الذي تلعبه المملكة الهولندية. ونشدد على أهمية أن يُفضي هذا الاتفاق الى تدارك وقوع هذه الكارثة، مما يتطلب بذل كافة الجهود التي من شأنها الضغط على الحوثيين للوفاء بالتزاماتهم بهذا الشأن والتوقف عن المماطلة. وننوه إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طبيعة السلوك الحوثي عند التوصل الى أي اتفاق معهم بهذا الشأن، فكما شهدنا خلال الأربع سنوات الماضية، قدم الحوثيين مراراً وعود غير جادة كورقة للمساومة غير آبهين بالدعوات المحذرة من الكارثة البيئية التي قد تحدث في حال عدم صيانة الناقلة وبشكل عاجل.
وختاماً، تتطلع دولة الإمارات إلى مواصلة العمل مع أعضاء مجلس الأمن لدعم التوصل إلى حل سلمي يقوده ويمتلِكُهُ اليمنيون أنفسهم، بحيث يُحقق الأمن والاستقرار والازدهار للشعب اليمني الشقيق.