تلقيه: الآنسة فاطمة يوسف، القائم بالأعمال بالإنابة
يرجى المراجعة أثناء الإلقاء
السيد الرئيس،
في البداية، أود أن أعرب عن شكري للسيد خالد خياري، على الإحاطة الوافية التي قدمها هذا الصباح، والتي سلطت الضوء على الواقع المرير والهش الذي تمر به الأرض الفلسطينية، وبالأخص قطاع غزة. كما أضم صوتي إلى بيانات مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومجموعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى حركة عدم الانحياز.
وتجدد دولة الإمارات إدانتها الشديدة لما تشهده غزة من حرب كارثية وغير مسبوقة في حجمها وحدّتها، واستمرار العنف والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين العزل، بما في ذلك القتل العشوائي، والتدمير الواسع للبنية التحتية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، مما أدى إلى تهجير الآلاف وتعرُّض أعداد هائلة من النساء والأطفال والمرضى والمسنين للموت والمعاناة.
كما تدين بلادي الحصار الجائر الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، وما يصاحبه من منع منهجي لدخول المساعدات، والاعتداء على طالبيها، مما فاقم الكارثة الإنسانية وتسبب في تفشي الجوع، ونفاد المواد الأساسية، في خرق واضح لأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وهذا ما أكد عليه كل من الأمين العام للأمم المتحدة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من خلال ما أصدروه مؤخراً من تحذيرات خطيرة بشأن تفشي الجوع، وانهيار النظام الإنساني في غزة.
ونظراً لحجم هذه الكارثة الإنسانية الهائلة في غزة، أطلقت بلادي عدة مبادرات إنسانية ضمن عملية “الفارس الشهم”، شملت إرسال مساعدات غذائية، ودعم المخابز بالمواد الأساسية، وتحلية المياه، فضلًا عن استقبال مئات الجرحى والمرضى وعائلاتهم لتلقي العلاج في مستشفيات الدولة.
ورغم كافة الجهود الإقليمية والدولية المستمرة لوقف إطلاق النار، وتأمين دخول المساعدات، والإفراج عن الرهائن، إلا أن غياب الإرادة السياسية حال دون تحقيق أي تقدم ملموس نحو إنهاء هذه الحرب، ليستمر النزيف والمعاناة بوتيرة مأساوية.
ولا يفوتني أن أشير إلى التصعيد الخطير في الضفة الغربية، من اقتحامات، واعتقالات تعسفية، واعتداءات على المدنيين وممتلكاتهم، إلى جانب التوسع الاستيطاني الذي يشكل انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي، ما يقوّض فرص تحقيق السلام العادل والدائم.
وفي هذا السياق، تكرر دولة الإمارات رفضها التام لكافة الممارسات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو بقية الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الممارسات المسيئة في باحات الأقصى، بالإضافة إلى المخطط الإسرائيلي بنقل سلطة إدارة الحرم الإبراهيمي الشريف والإشراف عليه من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وبلدية الخليل إلى المجلس الديني اليهودي، وهو الأمر الذي تدينه بلادي وتستنكره بشدة.
وفي المرحلة المقبلة، لابد من العمل بشكل جاد نحو تحقيق المطالب الأربعة التالية:
أولًا: ضرورة التوصل لوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وإطلاق سراح المحتجزين والرهائن والأسرى. وفي هذا السياق، نجدد دعمنا لجهود الوساطة التي تقودها دولة قطر، وجمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة.
ثانياً: أهمية رفع الحصار عن قطاع غزة، وضمان حماية المدنيين، مع تمكين الأمم المتحدة، وخاصة وكالة الأونروا، من ممارسة دورها الأساسي الذي لا غنى عنه، وإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع لجميع المحتاجين بشكل آمن، وفقًا لمبادئ العمل الإنساني المتمثلة في الحياد، وعدم التحيّز، والاستقلالية.
ثالثاً: وقف جميع محاولات التهجير القسري للفلسطينيين أو التغيير الديموغرافي في سائر أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة.
رابعاً: إنهاء الاحتلال، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية، وإحياء المسار السياسي القائم على حل الدولتين، بوصفه السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف، والمضي قدماً نحو تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام.
وفي هذا الإطار، نرحب بإعلان استئناف انعقاد المؤتمر الدولي بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، بقيادة مشتركة من المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا، ونأمل أن يُسفر هذا المؤتمر عن خطوات عملية تسهم في إنهاء الصراع وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشكرًا، السيد الرئيس.