تلقيه الآنسة روضه الكتبي، ملحق دبلوماسي
السيد الرئيس،
في البداية، أود أن أعرب عن خالص التهنئة للمندوب الدائم لمملكة تايلند على توليه رئاسة اللجنة الثالثة، متمنين له التوفيق والسداد، كما نتوجه بالشكر والتقدير للمندوب الدائم جمهورية بوروندي على جهوده القيّمة في رئاسة اللجنة خلال الدورة الماضية.
تُولي دولة الإمارات أهمية بالغة للدور المحوري الذي تؤديه اللجنة الثالثة في معالجة مختلف القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتضع هذه المسائل في صميم أولوياتها الوطنية والدولية، مؤكدة التزامها الراسخ بمبادئ حقوق الإنسان كأساس لتحقيق التنمية المستدامة وبناء مجتمعات مستقرة.
وفي إطار هذا الالتزام، تسعى بلادي لتعزيز التعاون الفني وتبادل الخبرات مع الدول النامية لبناء قدرات وطنية مستدامة، وتطوير منظومتها التشريعية والمؤسسية لتتوافق مع المعايير الدولية، مع التركيز بشكل خاص على التعاون مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، خاصة الاستعراض الدوري الشامل، دعماً لمبادئ الشفافية والحوار متعدد الأطراف.
وتؤمن دولة الإمارات بأن حماية وتعزيز حقوق الإنسان يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بضمان المشاركة الفاعلة لجميع أفراد المجتمع دون استثناء. وفي هذا الإطار، تدعو دولة الإمارات إلى تعزيز التعاون الدولي لتطوير شبكات أمان اجتماعي شاملة تسهم في تعزيز العدالة الاجتماعية والحد من أوجه عدم المساواة. كما تؤكد على أهمية تنسيق العمل الإنساني والتنموي، لا سيما في سياقات النزاع والأزمات الإنسانية، بما يضمن توفير الحماية والدعم للمجموعات الأكثر تأثراً.
وعلى المستوى الوطني، تنتهج دولة الإمارات سياسات متكاملة ترتكز على مبادئ الشمول والمساواة وعدم التمييز، وتركّز على تمكين الشباب، وأصحاب الهمم، وهو المصطلح الذي نُطلقه على ذوي الإعاقة، إلى جانب كبار المواطنين، والنساء، والأطفال، باعتبارهم جميعًا شركاء أساسيين في مسيرة التنمية المستدامة.
وفي الشرق الأوسط، حيث يشكل الشباب ما يقارب ثلثي السكان، تنظر بلادي لهذا الواقع كفرصة استراتيجية، وتعتبر تمكين الشباب أولوية وطنية عبر إشراكهم في صياغة السياسات وحل التحديات المستقبلية. وفي هذا الإطار، تدعم دولة الإمارات المبادرات التي تعزز دور الشباب في العمل الدولي، وعلى رأسها “برنامج المندوبين الشباب للأمم المتحدة”، مع التركيز على مجالات الابتكار مثل الفضاء والذكاء الاصطناعي. وتُبرز دولة الإمارات مشاركة شبابها في قضايا المناخ والتنمية المستدامة، بما في ذلك “برنامج المندوبين الشباب للمناخ” خلال مؤتمر COP28، وتتطلع إلى تعزيز هذه الجهود من خلال المشاركة المرتقبة في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026.
كما ترى دولة الإمارات أهمية توسيع نطاق الشراكات الدولية من أجل تعزيز الحلول التكنولوجية الداعمة لتمكين أصحاب الهمم، وتبادل أفضل الممارسات التي تكفل مشاركتهم في مختلف مناحي الحياة. وعملت بلادي على وضع أطر تشريعية وتنفيذية تضمن لأصحاب الهمم فرصاً متكافئة في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية. وقد عرضت الدولة تجربتها في هذا المجال خلال مشاركتها الفاعلة في مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تأكيداً لالتزامها بمبادئ الاتفاقية.
كما تنظر دولة الإمارات إلى كبار المواطنين بوصفهم شريكاً أساسياً في التنمية، وتسعى إلى حماية حقوقهم من خلال استراتيجيات قائمة على الشيخوخة النشطة وجودة الحياة. ويتسق هذا النهج مع إعلان عام 2025 “عام المجتمع” في دولة الإمارات، مما يعكس توجهاً وطنياً لتعزيز التماسك المجتمعي، وتحقيق الشمول الكامل، وترسيخ ثقافة المشاركة والاندماج.
وفي السياق ذاته، تؤكد دولة الإمارات على ضرورة قيام المجتمع الدولي بدعم السياسات التي تعزز مشاركة المرأة في كافة القطاعات، على نحو كامل ومتساوٍ وهادف. وقد حققت الدولة تقدماً ملموساً في هذا المجال، حيث تُشكّل النساء نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، وتُشاركن بفاعلية في المناصب القيادية والدبلوماسية والقطاعات الحيوية. ويستند هذا التمكين إلى إطار قانوني يعزز المساواة ويكفل التوازن بين الحياة المهنية والأسرية. كما تعزز الدولة التدابير الرامية إلى منع جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، بما يشمل العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، ضمن التزامها ببيئة آمنة وشاملة للنساء والفتيات.
وانطلاقاً من التزامها بحماية جميع أفراد المجتمع، تؤكد دولة الإمارات على أهمية تعزيز حقوق الطفل، لا سيما في ظل التحديات التي يواجهها الأطفال في مناطق النزاع، حيث تدعو دولة الإمارات إلى زيادة الاستثمار في التعليم الأساسي والطارئ، وضمان وصول الأطفال إلى فرص تعليمية آمنة وشاملة، مع دعم الدول منخفضة الدخل عبر المساعدات، والتعليم عن بُعد، والابتكارات التكنولوجية.
كما تُواصل دولة الإمارات تعزيز البيئة القانونية والمؤسسية التي تضمن حماية الأطفال من العنف والإهمال، وتمكّنهم من الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية. ويُعد “قانون وديمة” أحد أبرز الأمثلة على التزام الدولة بهذه المبادئ، إلى جانب شراكاتها المستمرة مع اليونيسف وغيرها من المنظمات المعنية بحماية الطفولة.
وترحب دولة الإمارات بالمناقشات البناءة التي تُعقد في إطار اللجنة الثالثة لمواجهة كافة أشكال التعصب، مؤكدة التزامها الراسخ بتعزيز قيم التسامح ونبذ الكراهية. وتدعم الدولة المبادرات الدولية التي تعزز الحوار بين الثقافات وبناء مجتمعات سلمية، إيمانًا منها بأن التسامح يشكل ركيزة أساسية لترسيخ حقوق الإنسان. ولذلك، تقود بلادي “أجندة التسامح والسلام والأمن”، التي تهدف إلى تعزيز بناء مجتمعات منفتحة ومتسامحة كوسيلة فعالة للوقاية من النزاعات. وتشدد دولة الإمارات على ضرورة مكافحة العنصرية والتمييز، والتصدي لخطاب الكراهية والتعصب، داعية إلى تطوير أطر قانونية تحمي حرية التعبير وتحافظ على السلم الاجتماعي.
السيد الرئيس،
إن دولة الإمارات تؤمن بأن كرامة الإنسان هي أساس التقدّم، وأن احترام الحقوق، وتعزيز الشمول، وبناء مجتمعات متسامحة ومنفتحة، هي السبيل لتحقيق السلام والتنمية المستدامة. وفي الختام، نعيد التأكيد على التزامنا الراسخ بالعمل مع شركائنا الدوليين من أجل بناء مستقبل أكثر عدالة، وسلاماً، وشمولاً للجميع.
وشكراً.