مشاركة

يلقيه: السيد عبدالله العجيلي

السيد الرئيس،

في البداية، تتقدم دولة الإمارات بالشكر للجنة القانون الدولي على جهودها الهامة في مسألة الجرائم ضد الإنسانية، وتُحيط علماً بآراء ومواقف الدول الأعضاء بشأنها. ولهذه المسألة أهمية خاصة في ضوء الحرب المستمرة على غزة وغيرها من النزاعات حول العالم.

وفي هذا الصدد، نأسف أن المناقشات حول هذا البند البالغ الأهمية والمتعلق بالجرائم ضد الإنسانية لم تحظَ بالاهتمام الذي تستحقه، ومن غير المقبول الاستمرار في الانغماس في مناقشات مطولة حول تعريف الجرائم ضد الإنسانية، بالرغم من إدراكنا جميعاً لماهيتها وخطورتها وتأثيرها على البشرية، وتدرك دولة الإمارات الأهمية الحاسمة لوجود اتفاق دولي يتعامل بشكل واضح وشامل لمنع الجرائم ضد الإنسانية ومعاقبة مرتكبيها، ومن الأهمية بمكان التوصل إلى توافق واسع في الآراء بشأن تعريف الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، بما في ذلك عناصرها الظرفية، والأفعال المادية الكامنة وراءها، والعناصر المكونة لها.

وفي سياق الاتفاقية المستقبلية، سيكون هذا التعريف أساسا لتوجيه الالتزامات المترتبة على الدولة الأعضاء الموقعين عليها، بما في ذلك عكسها في القوانين والتشريعات الوطنية الخاصة بها، وبناء على ذلك، تشدد بلادي على ضرورة إيلاء أهمية قصوى للتوصل إلى اتفاقية دولية بهذا الشأن، وضمان انضمام المجتمع الدولي برمته إليها، عبر جعلها قابلة للتنفيذ عالميا وبناء التوافق حولها وحول تعريف الجرائم المذكورة بها.

وتبدي دولة الإمارات استعدادها للعمل بشكل بناء مع الدول الأعضاء حول الجوانب الرئيسية لمشاريع المواد، لتحقيق توافق حول وضع اتفاقية عالمية التطبيق لمنع الجرائم ضد الإنسانية ومعاقبة مرتكبيها.

السيد الرئيس،

يقع على عاتق كل كل دولة ذات سيادة ضمان حماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها من الجرائم الدولية ووضع آليات فعالية للمساءلة عنها. وفي دولة الإمارات، قمنا بوضع القوانين والتشريعات الوطنية الملائمة للتعامل مع الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ونعرب عن التزامنا بمنع ومعاقبة هذه الجرائم وتعزيز التعاون بين الدول لتحقيق ذلك.

والجرائم ضد الإنسانية بوصفها جرائم دولية هي أفعال تهز ضمير البشرية، أي أنها ترتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين.  ونؤكد أن قوانين دولة الإمارات العربية المتحدة وتشريعاتنا الوطنية تعكس في الواقع هذا المستوى المحدد من الخطورة وتتماشى مع العناصر السياقية المحددة بموجب القانون الدولي العرفي. وفي سياق متصل، نعتبر أنه عند صياغة اتفاقية بشأن هذا الموضوع ذي الأهمية البالغة، يجب أن نكون يقظين حتى لا نخفف من طابعها بوصفها فظائع على أعلى مستوى، بما في ذلك من خلال أي تخفيف لعناصرها الظرفية.

السيد الرئيس،

ومن حيث المبدأ، تدعم دولة الإمارات جميع الجهود الرامية إلى منع وقوع الجرائم ضد الإنسانية ومعاقبة مرتكبيها، بغض النظر عن سياق حدوثها، خاصة وإن هذه الجرائم يمكن أن تحدث في جميع الأوقات ولا ينحصر سياق وقوعها بالحروب فقط، وأن مسؤولية منع وقوع الجرائم ضد الإنسانية تعتبر مسؤولية وطنية ودولية.

وفي ظل تباين آراء ومواقف الدول الأعضاء في النقاش القائم في اللجنة السادسة حول مشاريع المواد وتوصيات اللجنة في الدورة التاسعة والسبعين، فيجب علينا بذل قصارى جهدنا لتقليل هذه الفجوات، مع اتباع نهج مرن وتوافقي مبني على الإجماع، بما يساهم في تعزيز عمل اللجنة، وتسهيل الحوار، آخذين بعين الاعتبار أن الاتفاقيات الأكثر فعالية في هذا المجال هي التي تعكس الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي.

وختاماً السيد الرئيس،

لقد شهد العالم كيف يمكن أن يؤدي انتشار خطاب الكراهية والتطرف إلى نشوب النزاعات وتفاقمها وتكرارها، وما يرافقها من أفعال ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وعليه، تؤكد دولة الإمارات على ضرورة اتخاذ خطوات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية لتعزيز ثقافة التسامح، والسلام، والتعايش السلمي، ورفض الخطاب المتطرف.

وشكراً، السيد الرئيس.