مشاركة

يلقيه: السيد عبدالله السويدي

السيد الرئيس،

تعرب دولة الإمارات عن تقديرها للأمين العام للأمم المتحدة على تقريره حول سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، وتضم صوتها إلى بيانات كل من مجلس التعاون الخليجي والمجموعة العربية وحركة عدم الانحياز.

تعتبر سيادة القانون عنصراً أساسياً في تحقيق السلام والأمن والعدالة، والأساس في إقامة علاقات ودية ومتساوية بين الدول على المستويين الإقليمي والدولي، وانشاء مجتمعات قائمة على العدل والانصاف. ولهذا السبب، كررت الدول الأعضاء التأكيد في ميثاق المستقبل الذي اعتمدته قبل أسابيع قليلة على ضرورة إعلاء وتعزيز سيادة القانون على الصعيد الدولي وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

فعلى الصعيد الدولي، يُعتبر احترام سيادة القانون عنصراً ضرورياً لحفظ الأمن والسلم الدوليين. لذلك من المهم الالتزام بتطبيق سيادة القانون والاحتكام إليه بانتظام، وذلك بغض النظر عن المصالح أو المنطقة المعنية.  فلكي نضمن تحقيق سيادة القانون للجميع، يجب اخضاع الجميع لنفس المعايير. فالمبادئ الأساسية، وخاصة المبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، لا يجب احترامها وحمايتها فقط عندما يتعلق الأمر بمصالح بعض الدول.

أما على الصعيد الوطني، فإن تطبيق سيادة القانون يضمن انشاء مجتمعات قائمة على العدل والمساواة، يتمتع فيها الجميع بالحماية بشكل متساوي والخضوع للمساءلة أمام القانون، مع مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة وتحقيق الانصاف للجميع.   وقد التزمت دولة الإمارات بوضع سيادة القانون في صميم مسيرتها التنموية، والذي يتجلى في إصلاحاتنا القانونية المستمرة في سياق جهودنا الرامية إلى تطوير أطرنا القانونية بشكل يستجيب لمتطلبات مجتمعنا، ويعزز تحقيق الانصاف والعدل في كافة نواحي الحياة العامة.

ومن هذا المنطلق، اتخذت دولة الإمارات في السنوات الأخيرة خطوات هامة نحو تحديث نظامها القضائي استجابة للاحتياجات المتزايدة للمجتمع الاماراتي، بما في ذلك إنشاء محاكم إلكترونية ومنصات رقمية لضمان كفاءة وشفافية الخدمات القانونية المقدمة وتوسيع نطاق الوصول إليها من قبل الجميع. وتطمح دولة الإمارات من خلال إدماج التكنولوجيا الحديثة في نظامها القضائي إلى انشاء نظام قضائي أكثر شمولية وخضوعاً للمساءلة بحيث يلبي احتياجات التنوع السكاني لدولة الإمارات، بما في ذلك المواطنين والمقيمين على حد سواء.

إن موقف دولة الإمارات واضح لا لبس فيه، وهو أنه لا يمكن للنظام الدولي أن يعمل بنجاح لصالح كافة الدول، من دون اخضاع كافة الدول لنفس القواعد والمعايير  حيث أن اتباع نهج غير متوازن في تطبيق سيادة القانون سيؤدي إلى تقويض الثقة في سيادة القانون واضعافها، وتشجيع الدول على اختيار التوقيت الذي يناسبها في الدفاع عن سيادة القانون بما يتناسب مع مصالحها.

السيد الرئيس،

تُعرب دولة الإمارات عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف في غزة وفي لبنان. وتدعو، بصفتها دولة ملتزمة بالسلام، إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين، لا سيما في مناطق النزاع.  وفي هذا السياق، تدعم بلادي الجهود الدولية الرامية لخفض التصعيد، وتؤكد على الحاجة الملحة لإيصال المعونات الإنسانية إلى المتضررين، ونؤمن بأن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد، واستعدادنا لدعم جهود تحقيق السلام الشامل والدائم في المنطقة.

لقد التزمت دولة الإمارات بتعزيز الأمن والسلام الدوليين من خلال العديد من المبادرات، ومنها سبيل المثال دورها في طرح “مبادئ أبوظبي التوجيهية” على لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن لمناقشتها، والتي تُعتبر أول وثيقة أممية تتناول مسألة الاستخدام غير المشروع للطائرات بدون طيار من قبل الجماعات الإرهابية. وقد ساهمت هذه المبادرة في تسليط الضوء على موقف الإمارات الاستباقي في إدراج التهديدات الناشئة في الاستراتيجيات العالمية لمكافحة الإرهاب. كما تواصل بلادي تشجيع المجتمع الدولي على التعاون في مواجهة التحديات الأمنية الجديدة والمتغيرة لضمان عالم أكثر أمانًا.

تلتزم دولة الإمارات بتعزيز المساواة بين الجنسين في نظامها القانوني، إيماناً منها بأن إنشاء نظام قضائي أكثر شمولية يساهم في تعزيز الحوكمة. وقد حققت دولة الإمارات تقدماً كبيراً على مدار السنوات الماضية في إدماج النساء في سلك القضاء وإنفاذ القانون. فالنساء الإمارتيات يشاركن اليوم في تشكيل المشهد القانوني والنظام القضائي الجنائي في البلاد من خلال العمل كقاضيات، ومحاميات، ومدعيات عامات، وضابطات انفاذ القانون، وتقديم نموذج يُحتذى به في المنطقة بأسرها.

السيد الرئيس،

تُقر دولة الإمارات بأهمية التعاون القانوني الدولي في مواجهة الجرائم الدولية والجرائم العابرة للحدود، وفي مقدمتها جرائم الاتجار بالبشر، وغسيل الأموال، والفساد والجرائم السيبرانية، ونسعى من خلال تعزيز اتفاقيات التعاون القضائي مع العديد من الدول، إلى تشجيع ودعم سيادة القانون، إيماناً منا بأن مواجهة التحديات العالمية تتطلب عملاً جماعياً مشتركاً، وأطر عمل قانونية تحترم بشكل متساوٍ سيادة الدول وسلامة أراضيها، وحماية حقوق الأفراد أمام القانون.

وفي الختام السيد/ السيدة الرئيس، تؤكد دولة الإمارات على التزامها الراسخ بسيادة القانون باعتباره حجر الأساس لتحقيق التنمية المستدامة، وضمان احترام حقوق الإنسان، والحفاظ على السلام والأمن الدوليين، ودعمها لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى تعزيز سيادة القانون على مستوى العالم.  كما ستواصل بلادي مساهماتها في المبادرات التي تهدف إلى تعزيز العدالة والسلام والأمن في إطار سيادة القانون، وذلك على المستويين الوطني والدولي.

وشكراً السيد الرئيس