مشاركة

تلقيه:  الآنسة عائشة المنهالي

السيد الرئيس،

يطيب لي في البداية أن أشكر الأمين العام على تقريره الشامل وما تضمنه من معلومات قيمة وتوصيات بناءة من شأنها أن تعزز جهودنا المشتركة في تسخير الرياضة كأداة فاعلة في دفع التنمية المستدامة وترسيخ السلام. إن اهتمامنا اليوم بالرياضة ليس مجرد استجابة للتحديات الآنية، بل هو استثمار في بناء مجتمعات أقوى وأكثر تماسكًا على المدى البعيد.

السيد الرئيس،

تنبع رؤية دولة الإمارات من إيمانها الراسخ بأن الرياضة تتجاوز كونها مجرد نشاط بدني وترفيهي، بل تشكل منظومة متكاملة تُسهم في بناء مجتمعات متماسكة ومزدهرة، وتعزز الصحة البدنية والنفسية لأفرادها، كما تساهم في الارتقاء بالعلاقات الإنسانية بين الشعوب.

ومن هنا جاءت أهمية  مبادئ “ميثاق المستقبل”،  وما تضمنه من مفاهيم تدعم سياسات دمج الرياضة في مختلف مجالات التنمية. وفي هذا الصدد، تثمّن بلادي جهود الأمم المتحدة ومبادراتها الهامة التي تهدف إلى توظيف الرياضة في دفع عجلة التنمية وتعزيز السلام.  

واسمحوا لي في هذا الإطار أن أتطرق إلى النقاط الرئيسية الأربعة التالية والتي نرى بأنه سيكون لها تأثير بالغ في تعزيز دور الرياضة في مجال التنمية والسلام:

أولا، نؤكد على أهمية تعزيز دور النساء والفتيات في المجال الرياضي، باعتباره شرطاً أساسياً لتحقيق الشمول الاجتماعي ودفع مسيرة التنمية المستدامة، وكوسيلة ضرورية لتحقيق المساواة وتعزيز فرص المشاركة الكاملة في المجتمع. وفي هذا السياق، حرص اتحاد الإمارات لرياضة المرأة على قطع شوط كبير في تمكين النساء والفتيات من الوصول إلى أعلى مستويات الكفاءة والمهارات الرياضية، ورفع مستوياتهم التنافسية، وذلك عبر تمكينهم من رئاسة عدد من الاتحادات الرياضية، ومشاركتهم في العديد من البرامج والبطولات النسائية.

ثانيا، تلعب الرياضة دوراً محورياً في تعزيز العمل المناخي، وخاصة في مجال تعزيز الوعي البيئي ودعم الجهود المبذولة للحد من تداعيات التغيرات المناخية.

وفي دولة الإمارات تم توظيف الرياضة كأداة فعّالة لتعزيز ممارسات الاستدامة في مختلف الفعاليات الرياضية والمرافق، وأيضا من خلال تبني تقنيات مبتكرة، مثل استخدام ألواح الطاقة الشمسية في الملاعب، وأيضا مبادرة اعتماد حلبة مرسى ياس – المركز العالمي لرياضة السيارات، لتقنية LED لإنارة مسار السباقات مما ساهم في تخفيض الانبعاثات الكربونية.  كما تم اعتماد حلول بيئية، مثل ترشيد استخدام الموارد الطبيعية في الملاعب والمضامير الرياضية، والاعتماد على المواد المعاد تدويرها، وتطبيق نظم مبتكرة لإدارة النفايات والحفاظ على المياه، ونشر أجهزة تحويل بقايا الطعام إلى أسمدة عضوية في مواقع الفعاليات.

وقد أثبتت هذه المبادرات قدرتها على نشر الوعي البيئي بين الجماهير وتعزيز ممارسات الاستدامة في قطاع الرياضة، مما يساهم في جهود الحفاظ على البيئة وحماية كوكبنا للأجيال القادمة.

ثالثا، نؤكد على أهمية الدور الهام الذي تلعبه الرياضة كأداة وقائية تحمي المجتمعات من الجريمة وأعمال العنف والتطرف، وتعزز قيم التسامح والتعايش السلمي، كما أن إشراك الشباب بما فيهم الاشخاص ذوي الإعاقة، أو كما يطلق عليهم في بلادي “أصحاب الهمم”، في مبادرات التنمية القائمة على الرياضة يمكن أن يعالج الأسباب الجذرية للصراع ويساعد في بناء القدرة على الصمود ضد التعصب والتطرف.

رابعا: يجب أن تَظَل حماية الرياضيين والمنشآت الرياضية في صَدارَة الأولويات، خاصة في ظل تصاعد الحروب والنزاعات المسلحة في العديد من مناطق العالم. ويعد الوضع في فلسطين مثالًا صارخًا على هذه المأساة، حيث يعاني الرياضيون والمنشآت الرياضية بشكل مستمر من الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة. فمنذ السابع من أكتوبر الماضي، استشهد نحو 400 رياضي فلسطيني، وتم تدمير العديد من المنشآت الرياضية، ما أدى إلى تدهور الوضع الرياضي في فلسطين بشكل خطير.

إن هذه التطورات تبرز الحاجة الملحة لأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في توفير الحماية للرياضيين كغيرهم من المدنيين خلال النزاعات المسلحة بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني، وتوفير بيئة آمنة لهم لممارسة أنشطتهم الرياضية، بعيدًا عن مخاطر الحروب والنزاعات المسلحة.

السيد الرئيس،

وختاما، تؤكد دولة الإمارات على التزامها المتواصل بتعزيز دور الدبلوماسية الرياضية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء السلام، واستعدادها للتعاون مع جميع الدول الأعضاء من أجل تحقيق مستقبل مستدام عبر الرياضة.

وشكرًا، السيد الرئيس.