مشاركة

تلقيه: الآنسة غسق شاهين، نائبة المندوب الدائم

السيد الرئيس،

إنه من المؤسف أن يعجز مجلس الأمن عن الوفاء بمسؤولياته في صون السلم والأمن الدوليين للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، وأن يخفق في إيجاد الحلول للأزمات التي يعاني منها العالم وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعوب، حيث فشل المجلس صباح اليوم في اعتماد قرار وقف إطلاق النار في غزة، كما فشل في اعتماد قرار لحماية المدنيين في السودان يوم الاثنين الماضي، إلى جانب إخفاقه في تبني قرارات هامة حول مسائل أخرى تتعلق بعدم تسليح الفضاء، وأنظمة العقوبات، فقد تم استخدام حق النقض سبع مرات في هذا العام وحده، ناهيكم عن استخدام “النقض الصامت” خلال المفاوضات على مشاريع قرارات مجلس الأمن، مما حال دون طرحها للتصويت.

تدرك دولة الإمارات إن استخدام حق النقض مكفول للأعضاء الدائمين بموجب الميثاق، ولكن لا يجب أن يتم استخدامه بشكل غير مسؤول، خاصة في الصراعات التي تتطلب التدخل الفوري من مجلس الأمن وتوظيف أدواته، وخاصةً في حالات إجماع المجلس على اعتماد قرارات هامة. إن الاستخدام غير المسؤول لحق النقض قد يشكك في مصداقية مجلس الأمن ومنظومة الأمم المتحدة ، خاصةً وإن هذه الممارسات تناقض الأهداف التي أنشأت من أجلها هذه المنظمة، والمتمحورة حول إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب.

فلا بد من وضع أسس لتقييد استخدام حق النقض، ولا سيما في حالات الفظائع الجماعية، حيث إنه وُضع لدعم صون السلم والأمن الدوليين، وليس لتقويض القانون الدولي أو تجاهل إرادة المجتمع الدولي. كما ينبغي احترام رأي الأمين العام عندما يستند إلى المادة التاسعة والتسعين من ميثاق الأمم المتحدة كما جرى بالنسبة للحرب في غزة.

 وتؤكد مناقشة اليوم أهمية دور الجمعية العامة واختصاصها في المسائل المتصلة بصون السلم والأمن الدوليين، في ظل عدم قدرة مجلس الأمن على القيام بمسؤوليته الرئيسية، حيث تلعب الجمعية العامة دوراً مهما في عقد دورات استثنائية طارئة، إلى جانب الجلسات الخاصة بتبرير استخدام حق النقض وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم ستة وسبعين على مئتين اثنين وستين، والتي يجب تطويرها والبناء عليها بوصفها واحدة من الأدوات الحيوية للمساءلة.

 السيد الرئيس،

كما نشيد بالمبادرة الهامة التي أطلقتها فرنسا والمكسيك بشأن تعطيل صلاحيات حق النقض في حالات الفظائع الجماعية، ومدونة قواعد السلوك المتعلقة بالإجراءات التي يتخذها مجلس الأمن ضد الإبادة الجماعية أو الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، على النحو الذي وضعه فريق المساءلة والاتساق والشفافية، حيث تساهم مثل هذه المبادرات في ضمان عدم إعاقة تحرك المجتمع الدولي لمنع ارتكاب فظائع بحق الإنسانية والمدنيين العزل.

ولتعزيز مناقشاتنا في هذا البند، ينبغي أن تتضمن مقدمة التقرير السنوي المقدم من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة تحليلاً لاستخدام حق النقض خلال الفترة المشمولة بالتقرير، ومقارنتها بالتقارير السابقة، وتخصيص جزءٍ مستقل لحق النقض إذا تم الأخذ به.

وهنا، نود أن نشيد بدور الأعضاء العشرة المنتخبين في ردم الهوّات الناجمة عن الانقسامات العميقة بين الأعضاء الدائمين. وهذا ما سعت دولة الامارات للقيام به خلال عضويتها الأخيرة في مجلس الأمن، حيث عملنا على تقريب وجهات النظر لإيجاد صيغ توافقية يمكن من خلالها اعتماد القرارات. كما نشدد على أهمية أن يأخذ حاملو القلم بعين الاعتبار مشاغل الاقاليم المعنية وأن يتشاوروا معها قبل اعتماد القرارات المتعلقة بها.

وختاماً، السيد الرئيس، ففي ظل هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها مجلس الأمن، بات العالم برمته يتطلع لقيام المجلس بدوره المنشود في صون الأمن والسلم الدوليين، كما أصبح من الضروري اتخاذ خطوات جادة نحو إصلاح مجلس الأمن بما في ذلك إصلاح بند حق النقض. ونشدد على أهمية تعزيز فعالية العمل الجماعي في الاستجابة للأزمات، وخاصة التي تعاني منها منطقتنا، بما في ذلك ضمان الامتثال للقوانين والأعراف الدولية.

وشكراً، السيد الرئيس.