يلقيه السيد أحمد علي البلوشي
السيد الرئيس،
أود في البداية التعبير عن تقديرنا لجهود لجنة القانون الدولي في العمل على إعداد وصياغة مشاريع المواد المتعلقة بحماية الأشخاص في حالات الكوارث.
وأود أن أُعرب مجدداً عن خالص تعازينا ومواساتنا لحكومتي وشعبي المملكة المغربية ودولة ليبيا الشقيقتين في ضحايا الزلزال والفيضانات التي شهدها البلدان مؤخراً.
السيد الرئيس،
شهِد العالم في الآونة الأخيرة عدداً من الكوارث الطبيعية والمرتبطة بالتغير المناخي، حيث اجتاحت الفيضانات أجزاءً من باكستان في 2022 وضَرب زلزال مدمر سوريا وتركيا في فبراير 2023 واندلعت حرائق في كل من الجزائر واليونان وتشيلي وكندا والولايات المتحدة الأمريكية في 2023، والتي أثبتت أن الكوارث والأزمات تتخذ طابعاً عابراً للحدود وتستوجب تضافر الجهود الدولية وتعزيز دور الأمم المتحدة في الحماية من الكوارث والأزمات ومساعدة المنكوبين، آخذين في الاعتبار الأنظمة الوطنية الموجودة المتعلقة بالطوارئ والأزمات من أجل تجاوز هذه الكوارث الطبيعية بصورة فعالة، سعياً لإنقاذ الأرواح والممتلكات قبل وبعد وقوعها.
تُعد دولة الإمارات من الدول الرائدة في مجال الإغاثة والعمل الإنساني، ومساعداتها الخارجية تقوم على رؤية تتمثل في إرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” والآباء المؤسسين، الذين جعلوا العطاء وتقديم الخير ومساعدة الآخرين من البصمات المضيئة لدولة الإمارات، حيث تتمثل الرؤية المستقبلية لمساعداتها الخارجية في مبدأ أن المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه جميع الشعوب.
السيد الرئيس،
لتعزيز العمل الإنساني أنشأت دولة الامارات المدينة العالمية للخدمات الإنسانية والتي تُعتبر المنطقة الحرة الإنسانية الوحيدة غير الربحية والمستقلة، حيث تستضيف المدينة المنظمات الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية، والشركات التجارية لمواجهة أي تحديات جديدة، وخلق شراكات مع القطاع الخاص لتبادل المعرفة والخبرات وخلق فُرص جديدة للعاملين في المجال الإنساني.
حيث حققت المساعدات الخارجية الإماراتية مساهمات عديدة في التخفيف من وطأة الكوارث والأزمات وأدت دوراً ريادياً على مدى العقود الخمس الماضية في خدمة الإنسانية، وتحقيق رؤية دولة الإمارات وأهدافها في بناء وتعزيز اقتصادات الدول النامية والاستجابة الانسانية الفاعلة في العديد من الكوارث والأزمات الدولية من خلال الالتزام بتقليل الفَجوة بين الاستجابة الإنسانية والمشاريع التنموية من خلال ربطها بمشاريع إعادة الأمل والاستقرار، والعمل على دعم التنمية المستدامة على الصعيدين الاقليمي والعالمي.
ومن هذا المنطلق، تضامنت دولة الإمارات مع سوريا وتركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين في فبراير 2023 لدعم المتضررين من آثار الزلزال. كما حرصت بلادي على الحد من تداعيات الزلزال على المملكة المغربية الشقيقة والفيضانات التي ضربت دولة ليبيا الشقيقة، من خلال تنفيذ برنامج إغاثي عاجل للمتضررين وتوفير المُستلزمات والاحتياجات الضرورية للمناطق الأكثر تأثُراً بتداعيات هذه الكوارث.
السيد الرئيس،
إن الاستعداد الجيد قبل وقوع الكوارث وتعزيز جهود بناء القدرات بين الدول بما في ذلك تبادل أفضل الممارسات أمر في غاية الأهمية، حيث من الممكن أن يسهم ذلك في تقليل عدد الضحايا والتخفيف من تَبعات الكوارث والأزمات على المجتمعات.
كما أن إيجاد إطار عمل ومَنظومة لتنسيق الجهود الدولية للاستجابة السريعة للكوارث، من شأنه أن يُسهم في تنظيم وضَمان الاستفادة القُصوى من المساعدات المُقدمة من المجتمع الدولي للمتضررين. لذلك تعمل بلادي على إطلاق منصة رقمية تُوظف تَقنيات حديثة تُمكن الدول المنكوبة من إبلاغ المجتمع الدولي باحتياجاتها الإنسانية فور وقوع الكوارث الطبيعية بما يُتيح تنسيق الاستجابة الإنسانية على نحو فَعال وعاجل.
من ناحية أخرى يجب على الدول اتخاذ خُطوات ملموسة في ما يتعلق بإعادة إعمار المناطق المنكوبة وتأهيلها للقاطنين لمرحلة التعافي من آثارهذه الكوارث الطبيعية.
وفي هذا السياق، تؤكد بلادي على أهمية إيجاد إطار قانوني دولي يَعمل على تنسيق وتنظيم العمل الإنساني من منطلق المسؤولية الدولية تجاه القيم الإنسانية المشتركة، مع احترام سيادة الدول وأن لا يتعارض مع تشريعاتها الوطنية في هذا المجال، وضرورة مُراعاة وبشكل خاص حماية النساء والأطفال في حالات الكوارث في الإطار القانوني.
وختاماً، تستعد بلادي لاستضافة مؤتمر المناخ الثامن والعشرين الذي سيعقد في دبي بعد أقل من شهرين من الآن، حيث سَيجتمع العالم لإيجاد حلول فَعالة تُساهم في الحد من آثار تغير المناخ وتأثيره على كوكبنا.”
شكراً السيد الرئيس.